قالت صحيفة The Independent البريطانية، الأحد 8 فبراير/شباط 2021، إن هناك دراسة أثبتت مؤخراً أن المدن البريطانية التي تضم أكبر عدد من المهاجرين وأعلى مستويات من التنوع غالباً ما يكون أداؤها الاقتصادي أفضل بكثير من المناطق التي يقل بها التنوع.
حيث أظهر تحليل للسلطات المحلية في إنجلترا وويلز وجود صلة قوية بين ارتفاع نسبة الرخاء وارتفاع نسبة التنوع، لأن المناطق ذات المستويات الأعلى من التنوع تتميز بأداء أفضل مهما كان المقياس تقريباً.
الدراسة، التي أعدتها جمعية Hope Not Hate الخيرية المناهضة للعنصرية، تمثل تحدياً للتصورات السلبية عن الهجرة، وخلصت إلى أن تنامي التنوع جزء حتمي من تنامي الازدهار، وربما مساهم فيه.
فيما قدّمت الدراسة بعض التوصيات عن الطرق التي قد تلجأ إليها الحكومة البريطانية، والمجالس المحلية، لتنظيم التغيير الديموغرافي جنباً إلى جنب مع النمو الاقتصادي.
نظام الهجرة بـ "النقاط"
يُشار إلى أن بريطانيا بدأت خلال شهر يناير/كانون الثاني 2021 فتح أبواب الهجرة بنظام النقاط، إذ يتوجب على المهاجرين الراغبين في القدوم إليها والعمل فيها، جمع 70 نقطة، منها نقاط تُمنح لإتقان اللغة الإنجليزية، ولبعض التخصصات، والراتب المعروض عليهم، والعمل في قطاع يعاني أصلاً من نقص في العمالة عند مؤسسة أو هيئة معترف بها حكومياً.
كانت بعض الدول الغربية قد اعتمدت خلال الفترة الماضية "نظام النقاط" في التعامل مع المهاجرين مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا، وغيرها.
تأتي تلك الخطوة البريطانية كأحد تداعيات اتفاقية البريكست، التي خرجت بموجبها المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
"نتائج مذهلة"
بالعودة إلى الدراسة المُشار إليها، فقد تم فحص بعض المؤشرات في 285 منطقة من مناطق المجالس خارج المدن الكبرى، مثل النمو الاقتصادي، وأسعار المنازل، وتراجع مستوى الفقر، والتوظيف، والأجور بين عامي 2011 و2019، ثم تمت مقارنة هذه العوامل بمقاييس مثل نسبة السكان المولودين خارج بريطانيا، ونسبة من ولد آباؤهم خارج المملكة المتحدة، ومدى تنوع السكان، والمستوى المحلي للتراث العرقي البريطاني غير الأبيض.
لكن الدراسة استبعدت مقاطعات لندن، ومناطق في مدن المملكة المتحدة الكبرى الأخرى؛ ووقع اختيارها على 49 مقعداً مما يسمى مقاعد "الجدار الأحمر"، التي يبلغ عددها 53 مقعداً، فاز بها المحافظون في انتخابات عام 2019.
كانت النتائج مذهلة، وفقاً لصحيفة The Independent البريطانية، إذ شهدت المناطق الخمسون التي سجلت أعلى ارتفاعات في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين نمو أعداد سكانها المولودين خارج المملكة المتحدة بأكثر من ضعف وتيرة المناطق الخمسين التي شهدت أدنى ارتفاع في إجمالي الناتج المحلي.
كما توصلت الدراسة إلى نتائج مماثلة على مقاييس أخرى: شهدت الـ50 مدينة الأعلى زيادة في قيمة العقارات، وزيادة في عدد المواليد للأمهات غير المولودات في المملكة المتحدة بمعدل ثلاثة أضعاف سرعة المناطق الخمسين الأقل زيادة في أسعار العقارات.
إلا أن المناطق التي تتراجع بها نسبة الفقر شهدت زيادة سريعة في عدد السكان غير المولودين في المملكة المتحدة بمقدار الضعف عن المناطق التي يشتد فيها الفقر.
أما في المناطق ذات المستوى فوق المتوسط من التنوع السكاني، فقد ارتفع متوسط الراتب بمقدار 3307 جنيهات إسترلينية خلال الفترة الخاضعة للدراسة، مقارنة بـ 3330 جنيهاً إسترلينياً في المناطق التي تشهد تنوعاً أقل من المتوسط.
مجتمعات أكثر تنوعاً
الدراسة خلصت كذلك إلى أن المناطق المحلية الخمسين التي حققت أكبر زيادة في التوظيف خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين شهدت زيادة في المتوسط بنسبة 2.2% في عدد سكانها من غير البريطانيين، مقارنة بـ50 منطقة شهدت أدنى نسبة ارتفاعات في الوظائف بلغت 0.8%، مُوصيةً الحكومة البريطانية بأن تعترف بالعلاقة بين النمو والتنوع، وأن تعدّل وزارة الداخلية قواعد الهجرة التي وضعتها لدعم العملية التي من خلالها تصبح المجتمعات أكثر تنوعاً.
ووسط اتهامات الحكومة البريطانية بأنها "غير متناغمة" مع الرأي العام بشأن الهجرة، أظهر استطلاع للرأي أن نسبة البريطانيين الذين يريدون وصول عدد أقل من المهاجرين قد انخفضت أكثر من الثلثين بنسبة 67% في فبراير/ شباط/ 2015 إلى 49% في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
استطلاع الرأي الحديث أجرته شركة "إبسوس موري" لأكثر من 2500 شخص، أشار إلى أن 12% يودون رؤية زيادة في الهجرة إلى بريطانيا، مقارنة بـ7% في فبراير/ شباط 2015.
جدير بالذكر أن وزارة الداخلية البريطانية تتعرض لمزيد من التدقيق بسبب ما يصفه البعض بنهجها العدائي تجاه المهاجرين، خاصة في ظل اتباعها ما يُوصف بالنهج المتشدد بشكل متزايد لحكومة بوريس جونسون في التعاطي مع المهاجرين وطالبي اللجوء.