بعد خلافات وتعثر المشاورات التي جرت بين رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك وتحالف "قوى الحرية والتغيير" من جهة، وبين حمدوك وحركات الكفاح المسلح من جهة أخرى، أعلن مجلس شركاء الفترة الانتقالية في السودان، الأحد 7 فبراير/شباط 2021، التوافق على إعلان الحكومة الجديدة غداً الإثنين 8 فبراير/شباط.
حيث قال مجلس السيادة السوداني، في بيان مقتضب، نشرته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن مجلس الشركاء توافق في اجتماعه مساء الأحد على إعلان الحكومة غداً الإثنين، والتي سيعلنها رئيس مجلس الوزراء بعد حل الحكومة الحالية، عدا وزارة التربية والتعليم التي لا تزال تجري المشاورات بشأنها، بحسب البيان.
يذكر أن وزارة التربية والتعليم من الوزارات المُخصصة لأطراف العملية السلمية (الجبهة الثورية)، بالإضافة إلى 6 وزارات أخرى.
كانت لجنة المعلمين، أبرز مكونات تجمع المهنيين السودانيين، قد أعلنت في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، رفضها المحاصصة الحزبية للوزارة، وتمسكت باستمرار الوزير الحالي محمد الأمين التوم في منصبه.
حل الحكومة الحالية
كما أصدر حمدوك، مساء الأحد 7 فبراير/شباط 2021، قراراً بإعفاء وزراء الحكومة الانتقالية من مناصبهم، تمهيداً لإعلان تشكيلة حكومية جديدة.
إذ قال مجلس الوزراء، في بيان: "استناداً على أحكام الوثيقة الدستورية، أصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بإعفاء وزراء الدولة بالحكومة الانتقالية من مناصبهم، وإنهاء تكليف الوزراء المكلفين بتصريف أعباء وزارات"، مشيراً إلى استمرار الوزراء في مواقعهم لتصريف الأعمال بوزاراتهم إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة وإكمال إجراءات التسليم والتسليم.
يشار إلى أن مجلس شركاء الفترة الانتقالية يضم 29 عضواً، بينهم رئيسا مجلسي السيادة والوزراء، بجانب شخصيات من الائتلاف الحاكم وقادة حركات "الجبهة الثورية" الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
الخلافات بين مكونات الفترة الانتقالية أجّلت الإعلان عن الحكومة
فيما كان مقرراً إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة، الخميس 4 فبراير/شباط 2021، قبل أن يقرر مجلس الشركاء التأجيل حتى مطلع الأسبوع الجاري.
سبق تلك التطورات تصريح أعلن فيه حمدوك، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن التشكيل الوزاري الجديد سيضم من 25 إلى 26 وزارة (بدلاً من 21 حالياً)، وسيكون أكثر فاعلية ويتجنب ما وصفه بالترهل الإداري.
وكان السودان قد قرر تأجيل إعلان الحكومة الجديدة بينما اندلعت مظاهرات بولاية الخرطوم ومدينة القضارف (شرق)، خلال الفترة الماضية، احتجاجاً على ارتفاع الأسعار.
إذ يواجه حمدوك صعوبات كبيرة في إعلان حكومته، بسبب الخلافات وعدم التوافق بين مكونات الفترة الانتقالية على تسمية مرشحيها وتقسيم الحقائب الوزارية، فضلاً عن الاتهامات التي تلاحق حكومته بالعجز عن السيطرة على الأوضاع الاقتصادية.
"قوى الحرية والتغيير حسمت خلافاتها"
في حين أعلنت قوى الحرية والتغيير قبل أيام أنها حسمت خلافاتها وسلمت حمدوك قائمة بمرشحيها لنصيبها في مجلس الوزراء والمحدد بـ17 وزارة.
تأتي خطوة إعادة تشكيل الحكومة، برئاسة حمدوك، التزاماً باتفاق السلام، الذي أُعيد على أساسه تشكيل المجالس الانتقالية للسماح للموقعين عليه بالمشاركة في السلطة الانتقالية.
جدير بالذكر أن السودان بدأ في 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وائتلاف قوى "إعلان الحرية والتغيير".
إذ قاد ذلك الائتلاف احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية أجبرت قيادة الجيش، في 11 إبريل/نيسان 2019، على عزل عمر البشير من الرئاسة (1989: 2019).
"الحدود مع إثيوبيا محسومة"
في سياق آخر قال حمدوك، الأحد 7 فبراير/شباط 2021، إن قضية الحدود مع إثيوبيا "محسومة" ويتبقى فقط "وضع العلامات الحدودية"، مؤكداً أن موقف بلاده ثابت بعدم نيته الدخول في حرب مع إثيوبيا بشأن قضية الحدود، باعتبار أنها قضية محسومة منذ اتفاقيات عام 1902، وما تبقى هو وضع علامات الحدود.
جاء ذلك وفق بيان أصدره مجلس الوزراء السوداني عقب مباحثات جرت في الخرطوم بين حمدوك وبيكا هافيستو، مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص المُكلف بزيارة السودان وإثيوبيا.
تجدر الإشارة إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن السودان أن جيشه فرض سيطرته على مناطق حدودية سودانية كانت تسيطر عليها "ميليشيات إثيوبية".
لكن أديس أبابا اتهمت الجيش السوداني بالسيطرة على نقاط داخل الأراضي الإثيوبية، وهو ما تنفيه الخرطوم.
كما نقل حمدوك للمبعوث الأوروبي موقف السودان حول سد "النهضة" الإثيوبي، وانشغاله بالأثر الذي أحدثه السد على السودان والكثير من المشاريع، خلال الملء الأول للسد، العام الماضي، بـ5 مليارات متر مكعب. وحذّر من أن إقبال إثيوبيا على الملء الثاني للسد، في يوليو/تموز 2021، من دون اتفاق بين الأطراف، سيكون له أثر كارثي على السودان، وخاصة على أكثر من 20 مليون سوداني يعيشون على ضفاف نهر النيل الأزرق.