تتطلع الصين إلى نشر عملتها الرقمية على مستوى العالم، فيما يبدو أنه خطوة كبيرة تتخذها الصين في سعيها لإبعاد العالم عن الدولار، وتنصيب نفسها قوة رئيسية في الأسواق المالية العالمية.
تهديد مُحتمل للدولار
موقع Axios الأمريكي قال الجمعة 5 فبراير/شباط 2021 إن البنك المركزي الصيني أقام شراكة مع SWIFT، النظام العالمي للمدفوعات عبر الحدود، من خلال المعهد الصيني لأبحاث العملات الرقمية وغرفة المقاصة.
أثارت هذه الخطوة "تكهنات حول سعي البنك المركزي الصيني لتعزيز الاستخدام العالمي لعملته الرقمية"، حسبما كتبت صحيفة Global Times الحكومية الصينية، إذ تتقدم الصين كثيراً عن الولايات المتحدة في تطوير عملة رقمية مدعومة من البنك المركزي، وبالتالي قد تتقدم عليها كثيراً في مستقبل المدفوعات العالمية والتسوية المالية.
يشير الموقع الأمريكي إلى أنه إذا تمكنت الصين من تثبيت "اليوان" ليصبح العملة الرقمية المفضلة في العالم، فقد يحل محل الدولار، ويزود الصين بالامتيازات العالمية الهائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
غير أن محدودية المعاملات المالية بالعملة الصينية قد تؤثر سلباً على مسعى الصين لتصبح قوة عالمية.
كانت الصين قد دأبت على فتح أسواقها المالية، ولديها الآن أسهم مدرجة في أهم البورصات الدولية مثل MSCI، وأضيفت سنداتها الحكومية إلى مؤشريّ السندات العالمية بلومبرغ وJP Morgan.
وفي العام 2020 اجتذبت الصين ضعف ما اجتذبته من رأس المال الأجنبي إلى سنداتها الحكومية المقوّمة باليوان العام السابق.
لكن على الجانب الآخر، فإن قدرة الولايات المتحدة على اقتراض الأموال كما تشاء في أسواق الديون الدولية، وكذلك قدرتها على فرض العقوبات على البلدان التي تعتبرها معادية، تعتمد اعتماداً كبيراً على وضع الدولار باعتباره عملة لتمويل العالم.
يُعد استخدام نظام SWIFT الذي دخلت الصين في شراكة معه، من القنوات الرئيسية لفرض العقوبات.
استخدام العملة الرقمية للصين
وبدأت بكين بالفعل باستخدام العملة الرقمية للصين في العديد من المدن، واختبرت المدفوعات مع عملاء حقيقيين في متاجر حقيقية، ستعتمد العملة الرقمية الصينية الجديدة على الائتمان الوطني، بخلاف عملة "البيتكوين" و"Libra" التي تخطط فيسبوك لإطلاقها.
كما يمكن استخدام العملة الرقمية الصينية في الدفع قليل المبلغ والبيع بالتجزئة والدفع عالي التردد من دون حاجة إلى دفع الفائدة، ولذلك لا يوجد فرق بينها وبين النقود الورقية.
كذلك تتميز العملة الرقمية للصين بالتكاليف المنخفضة وعملية المعاملات الأكثر ملاءمة. ولا ترتبط النسخة الصينية من العملة الرقمية بأي حساب مصرفي، وتتخلص من تحكُّم نظام الحساب المصرفي التقليدي.
وبدعم تقنية DC/EP خارج الخط، يمكن تحقيق التحويل بين الحسابات والدفع، في حالة إشارة شبكة الإنترنت الضعيفة أو تعطيل منصة الدفع الإلكتروني، وفقاً لما ذكرته مجلة Foreign Affairs الأمريكية.
يُعلّق كثيرون ممن زاروا الصين مؤخراً على المجتمع غير النقدي الذي حقّقته البلاد بكل انبهار. إذ تجري المعاملات كافةً الآن عبر الهواتف الذكية وأكواد الاستجابة السريعة QR بدءاً من شراء الوجبات الخفيفة ووصولاً إلى منح المال للمتسوّلين.
كما صارت صفوف الانتظار أمام ماكينات الصرف الآلي مُجرّد ذكرى من الماضي. إذ باتت الشركات الصينية أكثر تنافسية في مجال التكنولوجيا المالية، فضلاً عن أنّ المستهلكين الصينيين أكبر مُستخدميها.
وتدفع تلك الحقائق بالنقّاد إلى اعتقاد أنّ الهيمنة الصينية على مجال التكنولوجيا المالية ربما تُقوّض المكانة العالمية للدولار قريباً. لكن تلك المخاوف ليست جادة، كما لم يتضح بعدُ أن الولايات المتحدة تتخلّف عن الصين فعلياً فيما يتعلّق بمسائل التكنولوجيا المالية.