عودة دحلان مقابل زيادة الدعم.. الإمارات تضغط على عباس عبر مصر والأردن لإعادة 70 عضواً مفصولاً من فتح

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/05 الساعة 08:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/05 الساعة 09:50 بتوقيت غرينتش
محمد دحلان

تحركات سياسية واسعة تقوم بها أبوظبي لإصلاح البيت الفتحاوي المنقسم على نفسه، عبر مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وممارسة الضغوط عليه لأجل إلغاء كل الاتهامات التي وجهت للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان باعتبارها اتهامات مفبركة.

تحاول أبوظبي إرجاع محمد دحلان من جديد لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح بعد أن فُصل منها، وتجريده من كافة مناصبه، واستبعاده بقرار كان قد أصدره الرئيس عباس في عام 2011، وإعادة تصديره إلى الواجهة السياسية للعمل ضمن الإطار القانوني والمؤسسي لفتح ومؤسسات السلطة دون أي ملاحقات أو تضييقات خاصة، وتهيئة الأجواء السياسية ولملمة البيت الفتحاوي قبل إجراء الانتخابات التشريعية في 22 أيار/مايو المقبل والرئاسية في 31 تموز/يوليو.

جاءت تحركات الإمارات بدعم مشترك من الأردن ومصر لقادة فتح السابقين في مواجهة حركة حماس، وحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، فإن جهود أبوظبي لم تتوقف عند دحلان، ولكن لإعادة 70 شخصية من قيادات فتح إلى الواجهة السياسية من جديد، على رأسهم نجاة أبوبكر، ونعيمة الشيخ، وعدلي صادق، وتوفيق أبوخوصة، بعد قرار فصلهم من حركتهم ومجلسها الثوري، الذي أصدره الرئيس محمود عباس في عام 2016 بسبب علاقاتهم وارتباطاتهم بدحلان.

إضافة إلى شخصيات أخرى تمّ فصلها بموجب قرار رئاسي من محمود عباس عام 2014، هم: ماجد أبوشمالة، وناصر جمعة، وعبدالحميد المصري، وسفيان أبوزايدة، ورشيد أبوشباك، على خلفية ارتباطهم بعلاقات مع محمد دحلان.

اتصالات إماراتية مع مسؤولين فلسطينيين

وتكشف مصادر لـ"عربي بوست" عن ضغوط تمارس ضد عباس، واتصالات مكثفة برغبة من أبوظبي يجريها مسؤولون رفيعو المستوى مع المخابرات الأردنية والمصرية، وقيادات فلسطينية، منهم أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب، وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ورئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، من أجل إقناع الرئيس الفلسطيني بإسقاط التهم عن محمد دحلان وإرجاع عضويته في اللجنة المركزية لحركة فتح.

كشف عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، مأمون أسعد التميمي، في حديث لـ"عربي بوست"، أنّ دحلان يسعى لعقد صفقة مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، الأسير مروان البرغوثي، من أجل الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، مشيراً إلى أنّ هناك مفاوضات تجرى مع الجانب الإسرائيلي لإقناعه بالإفراج عنه مقابل موافقة البرغوثي بعد وصوله إلى الرئاسة الفلسطينية والإفراج عنه، لتسهيل نفوذ دحلان والإطار المحسوب عليه داخل فتح والسلطة الفلسطينية ومؤسساتها، بالإضافة إلى السماح لدحلان بالترشح للانتخابات الرئاسية التي تليها وليس الحالية.

مثل هذه التوجهات والتحركات جعلت الرئيس الفلسطيني محمود عباس يخرج عن صمته، ويهدد بشكل واضح أعلى الهيئات القيادية في حركة "فتح"، اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة، بأنّه سيستخدم القوة المباشرة ضد أي كادر في "فتح" يخرج عن قرارات الحركة وقائمتها الانتخابية الرسمية.

ويشير التميمي إلى أنّ الرئيس الفلسطيني كان قد تلقى العديد من العروض والإغراءات من أبوظبي، منها مضاعفة الدعم الذي تقدمه الإمارات للسلطة الفلسطينية، وخاصة المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، حيث تعدّ واحدة من أكبر الجهات المانحة لها، حيث قدمت أكثر من 800 مليون دولار من 2013 إلى أبريل/نيسان 2020 لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لكن عباس رفض تلك العروض، وهو ما أدى إلى تهديد بتجميد ووقف تلك المساعدات والمنح التي تقدمها الإمارات للسلطة الفلسطينية، وهو ما دفع محمد دحلان إلى البحث عن طريقة أخرى لإعادة تصدير نفسه إلى الواجهة السياسية.

جهود إماراتية-أردنية-مصرية لإنقاذ فتح

 كل المؤشرات والوقائع تؤكد أنّ حركة فتح تمر بأسوأ مراحلها، فمشاركتها ودخولها في الانتخابات التشريعية والرئاسية ستكون مشتتة ومنقسمة على ذاتها، وربما تتعرض لهزيمة قاسية في الانتخابات التشريعية.

 وهذا ما يشير إليه المرشح القادم لرئاسة فلسطين د. وليد خالد القدوة، الذي يعدّ في نفس الوقت أحد قيادات حركة فتح التي كانت مقربة من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومن الكوادر المؤسسين لحركة فتح، يشير القدوة إلى أنّ الإمارات بالتعاون مع مصر والأردن تبذل جهوداً كبيرة لتوحيد حركة فتح من أجل النهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني الذي تعتبر حركة فتح العمود الفقري له. 

ويرى في حديثه لـ"عربي بوست" أنّ ترتيب البيت الفتحاوي مصلحة فلسطينية ووطنية وأخلاقية، للحفاظ على مكانة هذه الحركة العملاقة التي أسسها عرفات، مشيراً إلى أنّ أبومازن بصفته القائد العام لحركة فتح ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يمتلك كل أوراق اللعبة، وهو صاحب القرار، مطالباً الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن يتخذ القرار الإيجابي الذي يخدم حركة فتح ويخدم المشروع الوطني الفلسطيني، وذلك بعد أن ارتكب كثير من قادة حركة فتح أخطاء جسيمة، مشيراً إلى ضرورة عدم معالجة هذه الأخطاء بأخطاء مدمرة قد تدمر حركة فتح وتؤدي إلى انهيارها، كما حدث مع حزب العمل الإسرائيلي الذي لعب دوراً كبيراً في تأسيس دولة إسرائيل.

ويضيف في حديثه قائلاً: "نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم آخر 30 عاماً من تاريخ حركة فتح، والخروج برؤية موحدة يشارك فيها الجميع، حتى نعيد الاعتبار لشعبنا الفلسطيني العظيم ونحافظ على وجوده وبقائه وكرامته وإنسانيته".

وفي هذا السياق، يؤكد عضو المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، تيسير نصر الله، أنّ جل اهتمام فتح يتركز في الاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية القادمة، وكيفية إنجاحها، كاشفاً أنّ هناك لجاناً من اللجنة المركزية للحركة توزعت على أقاليم الضفة الغربية وقطاع غزة بمشاركة أعضاء المجلس الثوري والاستشاري وأمناء سر الأقاليم وعدد من الكفاءات الحركية، مهمتها حشد الطاقات الفتحاوية وتوحيد جهودها لخوض الانتخابات التشريعية.         

ويرفض نصر الله مبدأ السماح بإعادة محمد دحلان من جديد للواجهة السياسية في حركة فتح، وإعادة عضويته إلى اللجنة المركزية، مشدداً على أنّه مطلوب للقضاء الفلسطيني، لكن بعد تبرئته يصبح لكل حادث حديث، منوهاً بأنّ تيار دحلان في الضفة وقطاع غزة لديه تحرّك لتشكيل قائمة لخوض الانتخابات التشريعية حتى وإن لم يتم السماح له بالمشاركة الرسمية والقانونية في الانتخابات.

امتداد لزيارة مديري المخابرات الأردني والمصري لرام الله

وكانت تلك التحركات قد بدأت نتائجها بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى أبوظبي قبل عدة أسابيع تبعها زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بدعوة من العاهل الأردني لتعزيز الدور الأردني-المصري.

تلتها زيارة لمديري المخابرات الأردني والمصري مؤخراً إلى رام الله ولقاؤهما مع الرئيس محمود عباس، لضرورة إصلاح النسيج الفتحاوي وتحقيق مصالحة وتوافق سياسي بين كافة أطراف الحركة.

إضافة إلى أنّ تيار الإصلاح الديمقراطي لم يعد مرتبطاً وحسب بشخصية محمد دحلان أو بشخصيات معينة في الحركة، بل أصبح تياراً له حضوره الواسع في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي لبنان ومصر والخارج، حتى أصبح له حضوره الداخلي والخارجي الواسع.

في المحصلة، يرى محللون أنه لو لم يتم تحقيق مصالحة وتوافق فتحاوي-فتحاوي على الأرض فستكون نتائجه سلبية، فكل السيناريوهات مفتوحة.

تحميل المزيد