قالت وكالة الصحة العامة في المملكة المتحدة إن سلالة كورونا الجديدة قد ظهرت في بريطانيا بسبب أخطاء ارتكبتها السلطات الصحية، في اعتراف يسدل الستار على جدل واسع دار في الآونة الأخيرة حول السياسة التي اتبعتها بريطانيا في تأخير الجرعة الثانية من لقاح كورونا، والتي أثارت انتقاداَ واسعاً داخلياً وأوروبياً.
وفي تقرير لوكالة الصحة العامة في المملكة المتحدة، قالت فيه إن سياسة المملكة المتحدة في تطعيم المواطنين قد شكلت بشكل غير إرادي السبب وراء إنتاج طفرات جديدة من فيروس كورونا.
حيث أشار التقرير إلى أن مختصين راقبوا هذه الطفرة بشكل خاص، لأنها تجمع بين طفرة N501Y المعروفة باسم المتغير الإنجليزي، وهو أكثر عدوى، وطفرة 484K، التي يبدو أن لها تأثيراً على فاعلية اللقاح، والتي من شأنها أن تقلل فاعليته جزئياً.
من جانبه، قال عالم الأحياء كلود ألكسندر غوستاف زن المملكة المتحدة ارتكبت خطأ عندما باشرت التلقيح على نطاق واسع بينما كان الوباء نشطاً للغاية، فيما أخّرت الجرعة الثانية من اللقاح إلى 12 أسبوعاَ.
ففي غضون شهرين تقريباً، تم إعطاء ما يقرب من 10 ملايين حقنة في المملكة المتحدة، أكثر بكثير من أي دولة أوروبية أخرى، حيث انتشر الفيروس بنشاط، مع ما يقرب من أسبوعين متتاليين وتسجيل أكثر من 50 ألف حالة يومياً، لكن التطعيم بالجرعة الثانية تأخر وبالتالي لم تحقق عملية التلقيح العام النتائج المرجوة منها.
يضيف عالم الأحياء: "التلقيح على نطاق واسع أثناء نشاط الوباء يؤدي حتماً إلى إنتاج طفرات هاربة من المناعة قادرة على مقاومة اللقاح".
ويرجع السبب في ذلك، بحسب مختصين، إلى إصابة عدد كبير من الأشخاص بالعدوى وتشكيل العديد من خزانات الطفرات، لأن جزءاً كبيراً من السكان يكتسب مناعة ضد كورونا الذي يخضع بفعل اللقاحات للضغط، ويتجاوب مع ذلك بإخراج طفرات قادرة على الإفلات من اللقاح.
يشرح الدكتور غوستاف ذلك بالقول: "يحاول الفيروس الذي يجد المزيد من الأشخاص المحصنين في مساره، تجاوز الأجسام المضادة بإنتاج طفرات جديدة"، كما يضيف: "لم يعرف العالم هذه المتغيرات قبل نهاية عام 2020 لأن قلة من الناس كانت محصنة".
سياسة نالها الانتقاد
كانت المملكة المتحدة قد حاولت الأسبوع الفائت الدفاع عن سياستها في التطعيم، والتي تعتمد على تأخير الجرعة الثانية من اللقاح، لأكثر من 3 أسابيع، من خلال تقرير نشرته قالت إنه يقدم أدلة من الواقع على أنَّ اللقاح قد آتى مفعوله في حماية البريطانيين.
التقرير قال إن البيانات الأولية تؤكد صحة السياسة البريطانية التي تعتمد على فاعلية اللقاح من الجرعة الأولى في كل من كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 80 عاماً، والبالغين الأصغر سناً، والتي تزداد بمرور الوقت، قبل الحصول على حماية أقوى وأفضل على المدى الطويل من خلال جرعة ثانية متأخرة.
هذه السياسة نالت انتقادات عدة، كان أهمها الانتقاد المباشر الذي وجهه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاستراتيجية البريطانية في التطعيم.
وفي الوقت الذي أخّر فيه مسؤولو الصحة في بريطانيا الجرعات الثانية لمدة تصل إلى 12 أسبوعاً، في مسعى لتسريع عملية إطلاق اللقاحات، فإن شركتي فايزر وموديرنا قد أوصتا بألا تتعدى الفترة بين جرعتي التلقيح 21 و 28 يوماً، على التوالي.