قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 3 فبراير/شباط، إن دولة الكويت قد اضطرت إلى نقل آخر أصولها العاملة، التي تُدِر أرباحاً، إلى صندوق الثروة السيادية، بحثاً عن سيولة نقدية بعد عجز كبير في الموازنة، خلفته أزمتا كورونا والنفط، وفاقمه خلاف سياسي بين الحكومة والبرلمان حول سياسة الاقتراض في واحدة من أغنى دول العالم.
تأتي هذه الخطوة، بحسب الوكالة الأمريكية، بعد تصنيف سلبي للدولة الغنية أعلنته وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إذ قالت إن "نضوب الأصول السائلة الوشيك" و"عدم موافقة البرلمان على الاقتراض الحكومي" يخلق حالة من الغموض في الكويت.
وجاء تقرير فيتش عقب تحذير من وكالة التصنيفات العالمية ستاندرد آند بورز بأنها تفكر في خفض تقييم الاقتصاد الكويتي خلال النصف عام إلى العام القادم، إذا فشل السياسيون في الخروج من تلك المعضلة.
محاولة أخيرة
وفي محاولة يائسة لإدرار سيولة، بدأت الحكومة العام الماضي مبادلة أفضل أصولها بالنقد مع صندوق الأجيال القادمة، الذي تبلغ قيمته 600 مليار دولار، والذي يهدف إلى حماية ثروة الدولة الخليجية لفترة ما بعد النفط.
ومع ذهاب هذه الأصول، ليس من الواضح كيف ستتمكن الحكومة من تغطية العجز الثامن على التوالي في الميزانية، والمتوقع أن يبلغ 12 مليار دينار للسنة المالية التي تبدأ في أبريل/نيسان.
حيث قال شخص مطلع على الأمر، طلب عدم نشر اسمه لأن هذه المعلومات خاصة، إنَّ هذه الأصول المنقولة تشمل حصصاً في بيت التمويل الكويتي (بيتك) وشركة الاتصالات زين.
وأضاف المصدر أنَّ مؤسسة البترول الكويتية المملوكة للدولة، التي تبلغ قيمتها الاسمية 2.5 مليار دينار (8.3 مليار دولار) نُقِلَت أيضاً من خزانة الحكومة إلى صندوق الأجيال القادمة في يناير/كانون الثاني.
ورفضت وزارة المالية الإدلاء بتفاصيل بشأن المقايضات، فيما قال وزير المالية خليفة حمادة رداً على وكالة فيتش: "إنَّ المركز المالي للكويت يظل "قوياً" بسبب الدعم الذي يوفره صندوق الأجيال القادمة"، موضحاً أنَّ "أولوية الحكومة للمضي قدماً هي تعزيز السيولة في خزينة الدولة (صندوق الاحتياطي العام)"، لكن دون تحديد كيفية إتمام ذلك.
خلاف في أروقة الحكم
من جانبه، قال نواف العبد الجادر، أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الكويت: "إنها أزمة مُلِحة للغاية وآنية، وليست أزمة طويلة الأمد كما كانت من قبل. صحيح أن صندوق أجيال المستقبل هو سترة نجاة، لكن ليس لدينا قارب يأخذنا إلى الشاطئ، وليس لدينا رؤية. نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة اقتصادنا والابتعاد عن دولة الرفاهية".
وعلى الرغم من أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الميزانية مُخصَّصة لرواتب وإعانات القطاع العام، فقد عارض البرلمانيون أي تلميح لخفض الإنفاق، قائلين إنه يجب على الحكومة تقليل الهدر والفساد قبل تحميل العبء على الجمهور أو اللجوء إلى الديون.
في الوقت نفسه، لا يمكن المساس بصندوق الأجيال القادمة بدون تشريعات، ولا تحظى كذلك فكرة الاستعانة بالمدخرات الوطنية بشعبية كبيرة.
وأقر البرلمان بالفعل قانوناً العام الماضي يعفي الحكومة من تحويل 10% من الإيرادات المعتادة إلى صندوق الأجيال القادمة خلال سنوات العجز.
وقد أكسبت مقايضات الأصول الحكومة بضعة أشهر لتمرير مشروع قانون الاقتراض. لكن إذا فشل ذلك، فلا يزال بإمكان الحكومة الحصول على قرض من صندوق الأجيال القادمة أو يمكن إصدار خطة ديون بمرسوم ملكي، على الرغم من أنَّ كلا السيناريوهين غير محتمل في الوقت الحالي.
كانت اللجنة المالية في البرلمان قد بدأت مراجعة مشروع قانون الاقتراض مرة أخرى، يوم الثلاثاء 2 فبراير/شباط؛ ما جلب توقعات ببعض الراحة، لكن سياسة حافة الهاوية أثارت تحذيرات من أنَّ التأخيرات المتكررة قد تنطوي على تكاليف طويلة الأجل.
وقال طلال فهد الغانم، الرئيس التنفيذي السابق لبورصة الكويت، إنَّ الدولة ستنظر إما في "فرض ضرائب عالية، أو لجوء البنك المركزي إلى تخفيض قيمة الدينار، إذا فشلت الحكومة في إقناع البرلمان" بالمصادقة على مشروع قانون الاقتراض.