قال موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 4 فبراير/شباط 2021، إن مقاطعة سعودية غير رسمية للبضائع التركية أدت إلى خفض الصادرات التركية إلى المملكة لمستوى قياسي في يناير/كانون الثاني 2021، وسط جهود دبلوماسية لإصلاح العلاقات بين البلدين.
إذ كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية، في وقت سابق من الخميس، نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية السعي إلى إقامة علاقات أفضل مع تركيا، بما يفيد التجارة والأمن في المنطقة المضطربة بعد سنوات من الخلافات والمقاطعة.
تراجع الصادرات التركية إلى السعودية
فوفقاً للبيانات الصادرة عن اتحاد المصدرين الأتراك (TIM)، تراجعت الصادرات التركية إلى المملكة العربية السعودية بنسبة 92% في يناير/كانون الثاني، من 221 مليون دولار إلى 16 مليون دولار فقط مقارنةً بالعام الماضي.
إذ كثَّفت الرياض، في العام الماضي، جهودها لاستهداف الاقتصاد التركي، بعد قرار محكمة تركية قبول لائحتي اتهام منفصلتين ضد مسؤولين سعوديين، قيل إنهم متورطون في مقتل جمال خاشقجي بإسطنبول في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018.
فقد كانت العلاقات بين القوتين الإقليميتين في أدنى مستوياتها منذ مقتل الصحفي السعودي، الذي تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أنَّ قتله وقع بأمر من الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي.
الموقع أشار إلى أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول، تضغط الحكومة السعودية بشكل منهجي على الشركات المحلية؛ لوقف التجارة مع الشركات التركية وإزالة الصادرات التركية من أرفف المتاجر.
كما تشير الإحصاءات إلى تباطؤ مطرد في الصادرات التركية منذ ذلك الحين. نتيجة لذلك، انخفضت صادرات تركيا السنوية إلى المملكة العربية السعودية بنسبة 24% في عام 2020، من 3.1 مليار دولار إلى 2.3 مليار دولار.
اجتماع ثانٍ لم يُعقد لمعالجة الموقف
حاول رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي، في العام الماضي، معالجة أزمة الصادرات التركية من خلال التحدث إلى الملك سلمان، عاهل السعودية، واتفقا على إجراء مشاورات حول هذه المسألة.
لكن الاجتماع الأول لمولود تشاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، في نوفمبر/تشرين الثاني، فشل في تغيير الوضع بالنهاية.
إذ قال مسؤول تركي رفيع المستوى تحدَّث دون الكشف عن هويته، في ذلك الوقت: "لقد اتفقنا على عقد اجتماع ثانٍ لمناقشة المشاكل". ومنذ ذلك الحين، لم يُعقد هذا الاجتماع.
بينما قال بوراك أوندير، وهو مُصنِّع للأدوات المنزلية وأدوات المطبخ التركية، لوسائل إعلام تركية، إن الصادرات التركية إلى المملكة العربية السعودية توقفت تماماً تقريباً، لأن البضائع التي أُرسلت إلى البلاد ظلت محتجزة في الجمارك عدة أشهر، دون أي تفسير رسمي.
فيما أوضح أحد كبار المسؤولين في وزارة التجارة التركية، والذي تحدث دون الكشف عن هويته، لموقع Middle East Eye البريطاني، أن السعوديين سيفرجون من وقت لآخر، عن الصادرات التركية المحتجزة في الجمارك بعد تدخلات رسمية، لكن المشكلة العامة ما تزال مستمرة.
سوق التصدير ورقة مساومة قوية
كما لفتت وكالة بلومبيرغ إلى أن سوق التصدير ورقةُ مساومةٍ قوية في هذا الشأن، فالإمارات هي ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في الشرق الأوسط بعد العراق، إذ بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 8 مليارات دولار في عام 2019.
تُصدِّر تركيا مجموعة كبيرة من السلع إلى البلاد، تتنوع من الأحجار الكريمة إلى قطع غيار الطائرات.
أما السعودية، التي تزود تركيا بالنفط والمواد الكيميائية، فهي في الوقت نفسه أحد أكبر أسواقها الإقليمية، على الرغم من تراجع الصادرات.
كان رجال أعمال أتراك قد اشتكوا العام الماضي، من أن السلطات السعودية كثّفت جهودها لمنع الصادرات التركية، فيما يشير الموقع إلى أن انفراجة في علاقات تركيا مع الإمارات والسعودية قد تدفع بتعزيز كبير للتجارة والاقتصاد التركيين.
انفراجة بعد سنوات من الخلاف
قبل ذلك، كشفت وكالة Bloomberg الأمريكية، نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطّلعة، أن الإمارات والسعودية تدرسان إمكانية السعي إلى إقامة علاقاتٍ أفضل مع تركيا، بما يفيد التجارة والأمن في المنطقة المضطربة بعد سنوات من الخلافات والمقاطعة.
الوكالة أشارت إلى أن تلك التحركات لا تزال أوليَّة لم يستقر العزم عليها بعد، بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد وصراعات النفوذ بين تلك الأطراف.
كما أنه من المحتمل أن تتعارض أيضاً مع إصرار الثنائي الخليجي على أن تكبح تركيا دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها أنقرة حركة تحظى بتأييد شعبي واسع النطاق، ومع ذلك، فإنه حتى التقدم المحدود في مسار تحسين العلاقات يمكن أن يخفف حدة الخلافات بشأن القضايا الإقليمية الأشمل.
من جهة أخرى، يتزامن هذا التواصل -الذي يحدث على المستويين السري والعلني- مع إعادة تنشيط سبل السياسة الخارجية في كل من الخليج وواشنطن. فقد أنهت السعودية والإمارات أخيراً خلافها مع حليفة تركيا، قطر، بشأن موضوعات تشبه أسباب نزاعهما مع أنقرة.
رفع الحواجز أمام التجارة بين السعودية وتركيا
الموقع نقل عن مسؤول تركي، قوله إن تركيا والإمارات ناقشتا بالفعل رفع الحواجز أمام التجارة بين البلدين، مضيفاً أن المبادرات مهدت الطريق أمام القرار الأخير باستئناف الرحلات الجوية بين العواصم، والتي كانت جائحة كورونا قد أوقفتها.
فيما وصف شخص مطلع على الموقف الخليجي عمليةَ التواصل بأنها في مراحلها الأولى، وأضاف المصدر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسيات، أن قضية الإخوان محورية فيما يتعلق بالجانب الخليجي ومخاوفه، وأيضاً لحليفتهم المقربة، مصر، وهو ما أكدته مصادر أخرى مطلعة على التطورات.
على الجانب الآخر، يقول مسؤولون أتراك إنه لم يكن هناك تواصل مباشر أو غير مباشر من أبوظبي والرياض يتضمن مطالب واضحة بتغيير سياسات تركيا حيال جماعة الإخوان، غير أن الجانب التركي يدرك أن تلك القضية تحتل أولوية متقدمة لدى دول الخليج.
ومع ذلك، فإن المواقف الأولية شديدة التباين بشأن قضايا أخرى أيضاً. فهناك اتهامات متبادلة بالتدخل في الشؤون الداخلية. كما سبق أن اصطفت تلك الدول إلى جانب أطراف متصارعة بالحرب الليبية، واشتبكت في خلافات سابقة بشأن سوريا ومصر والعراق.
كما أن بادرة حل الخلافات الحالية تأتي جزءاً من نغمة أكثر براغماتية وتصالحية تعزف عليها دول الخليج في الوقت الحالي، وقد وصفت الإمارات مساعيها الحالية إلى إنهاء الأزمات بأنها جزء من رؤيتها لعالم ما بعد جائحة كورونا.