قام جيش ميانمار، الإثنين 1 فبراير/شباط 2021، بالاستيلاء على السلطة، في انقلاب على حكومة زعيمة البلاد أونج سان سوتشي، التي كانت تستعد لإعلان انتصارها في انتخابات أثارت جدلاً بالبلاد، إلا أن الجيش عرقل تنصيبها واصفاً الانتخابات بالمزورة.
من هي سوتشي زعيمة ميانمار؟
الزعيمة سوتشي، من مواليد يونيو/حزيران 1945، في رانغون، بميانمار، هي سياسية وزعيمة معارضة، شغلت العديد من المناصب الحكومية منذ عام 2016، بما في ذلك منصب مستشارة الدولة، مما جعلها الزعيمة الفعلية لميانمار.
كما التحقت الزعيمة سوتشي بجامعة أكسفورد، حيث التقت بزوجها، البريطاني مايكل أريس، وأنجبت هي وأريس طفلين، ثم عادت إلى بورما لتتكلف برعاية والدتها.
وفي يوليو/تموز 1989، وضع جيش البلاد سوتشي رهن الإقامة الجبرية في يانغون، واحتجزت بسبب اعتراضها على الديكتاتورية العسكرية، بعدها عرض عليها الحريد مقابل مغادرة ميانمار، إلا أنها رفضت وفضلت السجن حتى إطلاق سراحها دون شروط لتحصل عام 1991، على جائزة نوبل للسلام، نظير جهودها في تحقيق التغيير في بلادها سلمياً، وأصبحت أيقونة للحقوق المدنية والديمقراطية في العالم، وفي يوليو/تموز 1995 أُطلق سراح سوتشي رغم فرض قيود عليها تمنعها من السفر إلى الخارج.
سنوات من الاعتقال بسبب معارضتها للجيش
عام 1998، شكّلت سوتشي لجنة تمثيلية أعلنت أنها البرلمان الحاكم الشرعي للبلاد، ليضعها الجيش مرة أخرى رهن الإقامة الجبرية لمدة عامين بدعوى انتهاكها القيود بمحاولة السفر خارج يانغون.
فيما طالب حقوقيون عبر العالم بالإفراج عنها، وفي عام 2008، تم تخفيف ظروف إقامتها الجبرية، وفي عام 2009، أعلنت هيئة تابعة للأمم المتحدة أن احتجازها غير قانوني بموجب قانون ميانمار.
ونفس السنة، وجهت إليها تهمة جديدة تتعلق بانتهاك شروط إقامتها الجبرية وأُدينت وحُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات أخرى، إذ تم إطلاق سراحها أخيراً عام 2010، وقامت السلطات العسكرية بتخفيف القيود المفروضة عليها بشكل أكبر خلال عام 2011، وسُمح لها بالاجتماع بحرية مع شركاء آخرين في يانغون، إحدى المدن الرئيسية في البلاد.
دخول سوتشي المنافسة السياسية في البلاد
وتمكنت في نفس العام من الاجتماع مع ثين سين، الذي أصبح الرئيس المدني لميانمار، وتبعته اجتماعات أخرى مع مسؤولين دوليين رفيعي المستوى، بما في ذلك رئيس الوزراء التايلاندي الجديد، ينجلوك شيناواترا، ووزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون.
وبعد تخفيف القواعد المتعلقة بالمشاركة السياسية في ميانمار قامت سوتشي وحزبها بإطلاق حملة نشطة لأول انتخابات برلمانية، إذ أسفر الاقتراع، الذي أُجري عام 2015، عن فوز كبير لحزب سوتشي، وتمكنت من تأمين أغلبية كبيرة بما يكفي من المقاعد في كلا المجلسين التشريعيين للسماح للحزب بتشكيل الحكومة الوطنية المقبلة.
ولأن الدستور في البلاد يمنعها من الترشح للرئاسة اختارت صديقها المقرب، هتين كياو، كمرشح للحزب، على الرغم من أن سوتشي أشارت بوضوح إلى نيتها حكم البلاد بالوكالة، وفي 15 مارس/آذار 2016، انتخب الأعضاء التشريعيون، هتين كياو، ليكون الرئيس الجديد للبلاد، وتم تنصيبه في 30 مارس/آذار.
وشغلت سوتشي في البداية أربعة مناصب وزارية في الحكومة الجديدة: وزيرة للطاقة، ووزيرة للتعليم، ووزيرة للخارجية، ثم عُينت مستشارة دولة، وهو منصب يعتبر أقوى من منصب رئيس الدولة.
من رمز للديمقراطية إلى زعيمة مستبدة لمسلمي الروهينغا
الزعيمة أونج سان سو تشي منذ تسلّمها منصب مستشارة الدولة في ميانمار، وهي الزعيمة الفعلية للبلاد، بعدما كانت لعقود من الزمن من أهم الرموز المناهضة للديكتاتورية العسكرية في ميانمار، إذ تعرضت بسبب معارضتها للجيش للإقامة الجبرية لسنوات، إلا أنها فور تنصيبها زعيمة للبلاد تغيرت سياستها، وأضحت أحد الرموز العالمية للاستبداد، على خلفية اضطهاد أقلية الروهينغا المسلمين.
وتقود سوتشي "حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي فاز عام 2010 في أول انتخابات تنافسية علنية في ميانمار منذ 25 عاماً، إلا أن دستور البلاد منعها من أن تصبح رئيسة، لأن ابنيها يحملان جنسية أجنبيّة. ورغم ذلك أصبحت الزعيمة الفعلية للبلاد.
ومنذ تسلّمها منصب مستشارة الدولة في ميانمار، بدأت تتغير صورتها من سياسية داعمة للديمقراطية إلى زعيمة مستبدة، بعد أن تصدر الحديث دولياً عن معاملتها لأقلية الروهينغا المسلمة في البلاد.
سياسة زعيمة ميانمار سوتشي تسببت في تهجير مئات الآلاف من المسلمين عام 2017، إذ فروا إلى بنغلاديش بسبب إبادة الجيش الوحشية لهم، ليبدأ مناصرو الزعيمة الذين لطالما اعتبروها رمزاً للديمقراطية في توجيه الانتقادات والاتهامات لها بعد رفضها إدانة الجيش والاعتراف بالفظائع التي ارتكبها.
في ظل حكومة أونغ سان سوتشي، أصبحت الأراضي الحدودية في ميانمار، حيث تتجمع الأقليات العرقية الأخرى، أشد اصطراعاً بالنزاعات الآن مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وامتلأت السجون بشعراء ورسامين وطلاب بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم المعارضة. في ميانمار اليوم، هناك 584 شخصاً إما معتقلون سياسيون أو ينتظرون المحاكمة على تهم من هذا النوع، وفقاً لبيانات "جمعية مساعدة السجناء السياسيين".
ليعلن الجيش، في بيان، اليوم الإثنين، أنه نفذ اعتقالات رداً على "تزوير الانتخابات"، وسلم السلطة لقائد الجيش مين أونج هلاينج، وفرض حالة الطوارئ لمدة عام، فيما نصب الجيش مين أونغ هليانغ، القائد العام للقوات المسلحة، حاكماً عسكرياً للبلاد.