تجددت المواجهات بين متظاهرين لبنانيين وقوات الأمن، مساء الأحد 31 يناير/كانون الثاني 2021، في مدينة طرابلس شمال لبنان، بعد هدوء وجيز أعقب أياماً من الصدامات العنيفة، على خلفية التداعيات الاقتصادية للإغلاق الصارم المفروض لاحتواء جائحة كورونا.
صدام خلال الاحتجاجات في طرابلس
متظاهرون عادوا مساء أمس للاحتجاج بعدما تجمعوا في ساحة النور، مركز التظاهر في المدينة، استجابة لدعوات على شبكات التواصل الاجتماعي للحضور من كافة مناطق البلاد تضامناً مع طرابلس.
من جانبهم، قابل عناصر أمن المحتجين بإلقاء قنابل غاز مسيلة للدموع من سطح مبنى السراي وسط طرابلس، لتفريقهم، وبدورهم ألقى متظاهرون حجارة على المقر الرسمي، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
هذه الصدامات تسببت بسقوط عدد من المصابين في صفوف المحتجين، عانى معظمهم صعوبات في التنفس، وفق ما أفاد به الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة.
بدوره، قال كتانة إن "دورية من مديرية المخابرات أوقفت 17 شخصاً لقيامهم بأعمال شغب وتخريب (…) ورمي قنابل مولوتوف باتجاه القوى الأمنية والاشتباه بمشاركة عدد منهم في إحراق مبنى البلدية ورمي قنابل يدوية باتجاه سراي طرابلس".
وأضاف البيان أن القضاء المختص باشر التحقيقات، وأنه ستتم معاقبة باقي المتورطين.
غضب من الحكومة
جاءت الاحتجاجات في طرابلس التي انطلقت في 25 يناير/كانون الثاني 2021، على خلفية التداعيات الاقتصادية للإغلاق المفروض لاحتواء تفشي كورونا والمستمر حتى 8 شباط/فبراير.
المحتجون يتهمون السلطات بالتخلي عن الناس الأكثر تضرراً من تداعيات الجائحة، لا سيما أن البلد يعيش منذ أكثر من عام أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود، إذ تراجعت خلال الأزمة قيمة الليرة اللبنانية بشكل غير مسبوق، وارتفع التضخم وسجلت عمليات تسريح واسعة للموظفين، كما فرضت المصارف قيوداً صارمة على التعاملات.
إلا أن عفوية هذه الاحتجاجات قوبلت بتشكيك من سياسيين ووسائل إعلام لبنانية خلال الأيام الأخيرة، في بلد اعتاد الأزمات والخلافات بين الأحزاب الكبيرة المهيمنة على المشهد السياسي.
يُذكر أن تدهور الأوضاع الاقتصادية كان أحد مسببات الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في خريف 2019 والتي استهدفت كلّ النخبة السياسية الممسكة بزمام الأمور منذ عقود، واتهمتها بالفساد وانعدام الكفاءة.
كذلك فمنذ خريف 2019، فرضت المصارف تدريجياً قيوداً مشددة على الحسابات خصوصاً بالدولار، وبات المودعون غير قادرين على سحب دولاراتهم، لكن يمكنهم الحصول عليها بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي المثبت على 1507 ليرات، أو وفق سعر تفضيلي، لكن ضمن سقف، في حين أن سعر الصرف في السوق السوداء يكاد يلامس عتبة التسعة آلاف.
ومع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، صار أكثر من نصف اللبنانيين اليوم يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، فيما ارتفعت نسبة من يعيشون فقراً مدقعاً من 8 إلى 23%.
يُشار إلى أن البنك الدولي وافق في شهر يناير/كانون الثاني الفائت على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.