في تطورات ملف سد النهضة محل النزاع بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي إلى استمرار التنسيق بين الدول الثلاث، في حين أعلنت مصر رفضها المساس بحقوقها المائية، فيما تتحرك السودان أوروبياً للتباحث حول الأزمة.
الرئاسة المصرية، من جانبها قالت في بيان لها، الأحد 31 يناير/كانون الثاني 2021، إن السيسي استقبل في القاهرة رئيس المفوضية فقي، في ظل حضور وزير الخارجية المصري سامح شكري.
البيان الرئاسي لفت إلى أنه "تم استعراض قضية سد النهضة في إطار المفاوضات الثلاثية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي"، والمستمرة منذ أشهر، والتي شهدت فشلاً جديداً لافتاً خلال الآونة الأخيرة.
أما رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي من جهته أكد "أهمية استمرار التنسيق المكثف للعمل على حلحلة الموقف الحالي والوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن هذه القضية الحيوية"، بحسب البيان المصري الذي قال إن اللقاء تطرق أيضاً إلى مناقشة الاستعدادات الجارية لعقد القمة الإفريقية السنوية المقبلة، دون تفاصيل أكثر بشأنها.
كان فقي قد وصل إلى مصر، الأحد، في زيارة غير محددة المدة، لـ"مناقشة استعدادات انعقاد القمة الـ34 للاتحاد الإفريقي"، المقرر انعقادها في أديس أبابا، يومي 6 و7 فبراير/شباط المقبل، على مستوى القادة والرؤساء، وفق تغريدة سابقة الأحد، للمتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ.
السيسي يدعو لاتفاق ملزم لكل الأطراف
من جانبه، أكد السيسي، وفق البيان ذاته، ما وصفه بثوابت موقف مصر من حتمية بلورة اتفاق قانوني ملزم وشامل بين كافة الأطراف المعنية يتناول بالأساس الشواغل المصرية، خاصة قواعد ملء وتشغيل السد.
السيسي شدّد على رفضه لأي عمل أو إجراء "يمس حقوق مصر في مياه النيل".
وفي لقاء ثان جمع فقي بشكري، أكد وزير خارجية مصر "استعداد بلاده الدائم للانخراط في مفاوضات جادة وفعالة من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد".
لكن شكري اشترط إتمام ذلك "على أن يقابله التزام مُماثل من الجانب الإثيوبي، بما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ ويؤمن حقوق مصر ومصالحها المائية".
يشار إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة، تصاعد الخلاف بشأن السد مع مواصلة إثيوبيا الاستعداد لملء الخزان الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه.
لقاءات سودانية بسفراء أوروبيين حول أزمة سد النهضة
في ذات السياق، أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، الأحد 31 يناير/كانون الثاني 2021، بأن وزير الري، ياسر عباس، التقى سفراء أجانب، لشرح موقف الخرطوم من سد النهضة.
إذ التقى عباس سفيري ألمانيا وإسبانيا بالعاصمة الخرطوم، ضمن حملة دبلوماسية لشرح موقف بلاده بشأن سد النهضة.
فقد أعرب السفير الألماني لدى الخرطوم، توماس ترستيقن، أحد المشاركين باللقاء، عن أمله في أن تتوصل الدول الثلاث (السودان ومصر وإثيوبيا) إلى حل سلمي يرضي كل الأطراف، طبقاً لما أوردته وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
أما في لقاء منفصل، قدّم وزير الري السوداني شرحاً مماثلاً للسفير الإسباني بالخرطوم، فيما لم تعلن تفاصيل أكثر.
كان السودان قد أعلن منتصف شهر يناير/كانون الثاني 2021، بحثه ما وصفه بـ"الخيارات البديلة" (لم يوضحها) بسبب "تعثر" مفاوضات سد النهضة التي يرعاها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر، رافضاً بشدة الملء الثاني للسد في يوليو/تموز 2021 دون الوصول لاتفاق.
فشل الجولة الأخيرة في مفاوضات سد النهضة
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة لمفاوضات السد، وذلك حينما أعلنت الخارجية السودانية يوم الأحد 10 يناير/كانون الثاني، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
في اليوم التالي أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة لمفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
بدوره قال وزير الري السوداني ياسر عباس، إنه لا يمكنهم الاستمرار في "هذه الحلقة المفرغة من المباحثات بشأن سد النهضة إلى ما لا نهاية"، مشدداً على أن "المفاوضات انتهت إلى الفشل".
تسع سنوات من فشل المفاوضات
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
حيث تُصر أديس أبابا على ملء السد بالمياه حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه مع القاهرة والخرطوم، فيما تصر الأخيرتان على ضرورة التوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي؛ لضمان عدم تأثر حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل.