سلّم المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021، الرئيس إيمانويل ماكرون تقريره حول الاستعمار وحرب الجزائر الذي يحوي مقترحات ترمي لإخراج العلاقة بين باريس والجزائر من الشلل الذي تُسببه قضايا الذاكرة العالقة.
بيان صادر عن الإليزيه قال إن ماكرون شكر المؤرخ ستورا على ذلك العمل، وطالب بمواصلة مثل هذه الجهود في هذا الصدد، مؤكداً أنه سيتخذ بعض المبادرات في ضوء ذلك التقرير.
مبادرات للصلح مع الجزائر لكن دون اعتذار فرنسا
كما أعرب الرئيس الفرنسي ماكرون عن أمله في أن تحقق هذه المبادرات الوصول لمصالحة بين بلاده والجزائر، وأن تلفت النظر إلى جراح الماضي، مشيراً إلى أنه يرغب في أن يتم إحياء ذكرى من فقدوا حياتهم في الحرب الجزائرية من خلال فعاليات مختلفة.
من ناحية أخرى ذكرت تقارير إعلامية محلية أن ماكرون لن يعتذر للجزائر عن الأنشطة الاستعمارية السابقة لبلاده فيها.
وأوصى ستورا في تقريره المكون من 150 صحيفة بتشكيل لجنة تسمى "الذاكرة والحقيقة"، وتوثيق شهادات الناجين من حرب الاستقلال الجزائرية، كما أشار التقرير إلى ضرورة زيادة التعاون بين فرنسا والجزائر، وأن يتمكن الجزائريون الذين قاتلوا إلى جانب فرنسا (يعرفون باسم الحركي) خلال حرب الاستقلال الجزائرية من التنقل بسهولة بين البلدين.
التقرير اقترح إزالة عبارة "سر الدولة" الموجودة في الوثائق التي يعود تاريخها إلى عام 1970 في الأرشيف، وإنشاء أرشيف مشترك بين البلدين، مشدداً على ضرورة تقديم منح دراسية للطلاب الجزائريين لإجراء دراسات في الأرشيف الفرنسي، على أن يتم نفس الشيء أيضاً للطلاب الفرنسيين.
كما شدّد كذلك على أن المدارس في فرنسا يجب أن تدرس حرب الاستقلال الجزائرية بطريقة أفضل، وأن تتوقف عن ذكر الاستعمار في الدروس.
التقرير أوصى كذلك بتنظيم أنشطة تذكارية بشأن حرب الاستقلال الجزائرية، وأن يتم إعلان الـ25 من سبتمبر/أيلول، يوماً لإحياء ذكرى "الحركي"، و17 أكتوبر/تشرين الأول لذكرى "مذبحة باريس 1961″، و19 مارس/آذار لإحياء ذكرى نهاية الحرب.
تقرير "دقيق ومنصف"
وكان ماكرون قد كلف بنجامين ستورا، أحد أبرز الخبراء المتخصصين في تاريخ الجزائر الحديث، في يوليو/تموز "بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر"، التي وضعت أوزارها عام 1962، وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات الملايين من الفرنسيين والجزائريين.
ستورا المولود في 1950 في مدينة قسنطينة بالجزائر، يُدرّس تاريخ المغرب العربي وحروب إنهاء الاستعمار والهجرة المغاربية في أوروبا في جامعة "باريس 13" وفي معهد اللغات الشرقية. ومن أشهر مؤلفاته "الغرغرينا والنسيان"، "ذاكرة حرب الجزائر"، و"المجنّدون في حرب الجزائر"، و"الجزائر، الحرب الخفية".