يعتزم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دعوة "قادة جدد" في إفريقيا، من أجل المشاركة في "القمة الفرنسية الإفريقية"، التي اعتادت باريس على تنظيمها سنوياً، وهو الأمر الذي اعتبره العديد "خطوة جريئة تُعيد ضبط العلاقات الفرنسية المضطربة عادةً مع إفريقيا، عن طريق التعهّد بعدم دعوة أيّ رؤساء دول إلى اجتماعٍ سنوي كان يتضمّن في المعتاد جمعاً من المستبدين المسنين".
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني 2021، فإنه بدلاً من "الزعماء المستبدين المسنين"، فقد وعد الرئيس الفرنسي بـ"بناء شيءٍ جديد"، وطلب من جيلٍ جديد من الأفارقة المؤثرين حضور الاجتماع المُقرّر عقده في مونبلييه في شهر يوليو/تموز المقبل.
"قمة جديدة"
الرئيس ماكرون قال في تصريح قد يعتبره بعض الزعماء الأفارقة تجاهلاً: "ربما سيفشل الأمر. لكنّنا قرّرنا بناء قمةٍ جديدة".
إذ يعتزم أن يطلب حضور أكثر الأصوات تأثيراً في مجالات الزراعة، والمجتمع المدني، والأعمال، والثقافة، والرياضة.
وقد وصل ماكرون (43 عاماً)، أول زعيم فرنسي يُولد بعد استقلال إفريقيا، إلى السلطة عام 2017 مع وعودٍ بإنهاء الـ"فغونسافخيك Françafrique"- وهي سياسةٌ فرنسية غامضة قائمة منذ عقود على دعم الزعماء الأفارقة المستبدين من أجل حماية المصالح الاقتصادية الفرنسية.
كما أنه وصف الاستعمار الفرنسي في القارة بأنّه خطأٌ فادح، وألزم نفسه بإعادة القطع الأثرية الإفريقية الموجودة في المتاحف الفرنسية، كما ألغى عملة الفرنك الإفريقي المنتشرة في دول غرب القارة من عصر الاستعمار.
خطر روسي صيني
في السياق نفسه، قال السفير الفرنسي إلى جنوب إفريقيا أوريلين ليشيفالير، إنّ الاجتماع بشكله الجديد، في الدورة الـ28، سيُركّز على الشباب ورجال الأعمال والفنانين والمجتمع المدني وكل من يُجسّدون "تجديد الأجيال في علاقاتنا".
وصارت عملية إعادة ضبط العلاقات الدبلوماسية والتجارية الفرنسية داخل القارة في خطر مع ظهور منافسين جُدد على النفوذ، مثل الصين وروسيا، وتهديدهم بسرقة المسيرة داخل المناطق التي يتراجع النفوذ الفرنسي فيها.
كما أن هناك نحو خمسة آلاف جندي فرنسي غارقون في أكبر صراعات البلاد منذ استقلال الجزائر: قتال تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في منطقة الساحل، المنطقة الشاسعة شبه القاحلة بغرب إفريقيا جنوب الصحراء.
إذ تحوّلت عملية برخان، التي بدأت عام 2014 ويُشار إليها أحياناً بأفغانستان الفرنسية، إلى عملية نشر جنودٍ مُطوّلة. ويقول ماكرون إنّ العملية ستُساعد على إبقاء الإرهاب الإسلاموي بعيداً عن أوروبا، لكن الفساد وضعف الحوكمة أعاقا التقدُّم.
مقاربة جديدة لفرض السيطرة
تمتلك إفريقيا أكبر قادة العالم سناً، وقد أثبتوا ممانعةً لتوجيههم بواسطة قائدٍ أصغر سناً. إذ فشلت تدخلات ماكرون الشخصية لمحاولة إقناع زعماء الدول الفرانكفونية، مثل ساحل العاج وتوغو وغينيا، بعدم تجاوز فتراتهم الرئاسية، فشلاً ذريعاً.
وقد رحّبت فريدا نابوريما، المديرة التنفيذية Togolese Civil League، بقرار ماكرون أن يتخطّى جيلاً بعينه في قائمة زوار القمة الإفريقية الفرنسية هذا العام.
ونظراً لأنّ نصف نمو السكان العالمي من الآن وحتى عام 2050 سيحدث في إفريقيا، فإنّ استهداف شبابها سيخدم فرنسا كثيراً على المدى البعيد.
كما أردفت فريدا: لطالما كان يُنظر إلى فرنسا على أنّها صديقة الحكام الديكتاتوريين، ولهذا السباب هناك مشاعر قوية معادية لفرنسا داخل الدول الفرانكفونية.
فيما يبدو من الواضح أنّ ماكرون بدأ يفهم أخيراً أنّ شباب إفريقيا هم من يُغيّرون الأوضاع.
وهو يعلم أنّ عليه استغلال تأثيرهم الآن، أو سيتم استقطابهم ومنحهم منصةً بواسطة روسيا والصين. وحينها سيكون الأوان قد فات.
قبل أن يضيف: "شكراً وزارة الداخلية على جهودكم، نعيش في بلد عظيم يحمي كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة".