كشف تقرير نشرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021، أن التونسيين يقبلون بشكل كبير في الآونة الأخيرة على بيع مقتنيات العائلة الخاصة من الذهب، وذلك بهدف تسديد رسوم مطالب الحياة الرئيسية من مأكل ومشرب وفواتير.
خلال السنوات العشر التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي، وتحوّل تونس من دولةٍ بوليسية إلى ديمقراطية، فقد الدينار التونسي نصف قيمته مقابل الدولار، حيث يُباع غرام الذهب الآن مقابل 180 ديناراً، مقارنةً بـ60 إلى 70 ديناراً في عام 2010.
يبيعون ذهبهم لسداد متطلبات الحياة
عند الحاجة في الماضي، كان الناس يبيعون ذهبهم ثم يعودون لشرائه من جديد وفقاً لمهدي شواشي، أحد الصاغة في سوق البركة، إلا أنه أشار: "منذ الثورة، تغيّر كل شيء، لم يعُد الناس يرجعون لشراء ذهبهم مرةً أخرى لأنهم لا يستطيعون".
عبد المنعم خوجة الخيل، نائب أمين المصوغ بسوق البركة، أكد كذلك أن "الناس يبيعون خواتم زفافهم، ويفعلون ذلك لسداد فواتير المياه والكهرباء، وشراء الطعام".
بينما قال صلاح الدين كافي (60 عاماً)، الصائغ الآخر في سوق البركة، إنه تحوّل إلى معالج نفسي وهو يستمع إلى القصص وراء كل عملية بيع. إذ يُخبره العملاء بأنهم يُحاولون دفع تكاليف تعليم أطفالهم، وفواتير العيادات الخاصة بالتزامن مع انهيار قطاع الصحة العامة، وحتى إيجار المنزل.
أضاف كافي: "أصعب لحظة هي حين يُسلمون ذهبهم، فأنت تأخذ من المرأة شيئاً بات جزءاً منها، الأمر مؤلم، ويُمكنك الشعور بهذا الألم".
تراجع عمليات الشراء
ومع ارتفاع بيع العائلات لممتلكاتها من الذهب، تراجعت عمليات الشراء ودخل الصاغة أيضاً في أزمة.
ففي المعتاد، كان الزفاف يتكلّف نحو 30 غراماً من الذه قبل الثورة، لكن المقبلين على الزواج الآن لا يشترون أكثر من 12 غراماً وفقاً لخوجة الخي. وأضاف أنّ بعض العائلات تلجأ إلى الفضة المطلية بالذهب لتقليل النفقات.
لكن أحد الصاغة يرى بارقة أمل رغم كل ذلك. حيث قال خوجة الخصاص إنه قبل الثورة، كان مكتب أمين المصوغ يُديره "خبيرٌ من تعيين الحكومة وواشٍ". لكن شاغل المنصب الآن يجري اختياره بالانتخاب. ورغم الأوجاع، يقول: "الحرية أفضل من الذهب".
يشار إلى أن تونس تعيش احتجاجات لليوم الرابع على التوالي وسط صدامات مع رجال الأمن في توتر أمني غير مسبوق، للمطالبة بتحسين ظروف العيش وتوفير فرص عمل للعاطلين.
تزامنت تلك الاحتجاجات مع الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بالنظام السابق، لتمهد لانتقال سياسي يواجه صعوبات اقتصادية.