دعا المعارض الروسي أليكسي نافالني يوم الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021 الشعب الروسي إلى النزول للشوارع للتظاهر ضد نظام الرئيس فلاديمير بوتين وذلك في مقطع فيديو له نُشر قبل بضع دقائق من صدور قرار قضائي بوضعه في السجن حتى 15 فبراير/شباط 2021.
حيث قال نافالني في مقطع الفيديو الذي التُقط في قاعة المحكمة ونُشر على مواقع التواصل الاجتماعي داعياً المواطنين إلى عدم الخوف وفق تقرير فرانس برس الإثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021: "انزلوا إلى الشارع، من أجل مستقبلكم". وأضاف "لا تصمتوا، قاوموا، اخرجوا إلى الشارع".
المعارض الروسي نافالني يدعو للتظاهر ضد بوتين
بعد هذه الدعوة للتظاهر من جانب المعارض الروسي نافالني، أعلن ليونيد فولكوف مساعد نافالني، على الفور بدء الاستعداد لتنظيم "تظاهرات كبيرة في كافة أنحاء البلاد في 23 يناير/كانون الثاني".
تأتي الدعوة أيضاً فيما يحضر فريق المعارض حملة نشطة تتعلق بالانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر/أيلول 2021، على خلفية تراجع شعبية حزب الكرملين، حزب روسيا الموحدة.
من جانبه يتهم المعارض نافالني (44 عاماً) الناشط في مجال مكافحة الفساد والعدو اللدود للكرملين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإصدار أوامر لقتله عبر تسميمه بمادة نوفيتشوك في أغسطس/آب 2020 إلا أن موسكو تنفي أن تكون ضالعة في عملية كهذه. ونجا نافالني من التسمم المفترض، بعد فترة استشفاء في ألمانيا لمدة خمسة أشهر.
عودة نافالني إلى موسكو
كان المعارض نافالني قد عاد يوم الأحد إلى العاصمة الروسية، وأوقفته سلطات السجون الروسية فور عودته لأنها تأخذ عليه انتهاكه شروط المراقبة القضائية التي يخضع لها من خلال انتقاله إلى الخارج للحصول على العلاج. وتم توقيف نافالني مساء الأحد في مطار شيريميتييفو.
حيث سخر نافالني قائلاً "حاولنا قتلك لكنك لم تمُت، لقد أزعجتنا، لذلك سنقوم باحتجازك".
من ناحية أخرى تم إصدار القرار خلال جلسة ظهر الإثنين في مركز شرطة خيمكي، في ضواحي موسكو، حيث أمضى الليل. فيما كان أنصاره ينتظرونه في الخارج حيث كانت الحرارة -20 درجة مرددين "الحرية".
كما انتقد المعارض في وقت سابق الإثنين "حالات السخرية من القانون" التي تتم في ظل "غياب مطلق للقانون" وأضاف "الجد في مخبئه يخاف جداً لدرجة أنه تم تمزيق وإلقاء قانون إجراءات العقوبات الجنائية في سلة المهملات"، في إشارة إلى بوتين ولانعقاد جلسة محكمة في قسم للشرطة.
ردود فعل أوروبية رافضة لاعتقال المعارض نافالني
في المقابل أثار اعتقال نافالني موجة من الاستنكار في أوروبا والولايات المتحدة. ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى "الإفراج عنه فوراً"، كما ندّدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالتوقيف "الاعتباطي".
كما نددت بالاعتقال فرنسا وبريطانيا وبولندا، وكذلك إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ووزير خارجية دونالد ترامب.
كما دعت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الإثنين للإفراج عن المعارض الروسي فوراً.
من جانبها اعتبرت منظمة العفو الدولية الأحد أن اعتقال نافالني يجعل منه "سجين رأي" ضحية "حملة لا هوادة فيها" للسلطات الروسية بهدف "إسكاته".
لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، رد على ذلك معتبراً أن الغرب يهاجم روسيا "لصرف الانتباه عن الأزمة العميقة التي تقوض نموذج التطور الليبرالي". ورأى أن قضية نافالني "تعود لقوات حفظ النظام" والأمر يتعلق "بضمان احترام القانون الروسي".
كانت سلطات السجون الروسية حذرت الخميس من أن نافالني سيوقف لدى عودته لأنه انتهك شروط المراقبة القضائية المفروضة عليه في إطار عقوبة بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة اختلاس أموال يعتبر المعارض أنها ذات دوافع سياسية. حيث إنه مستهدف منذ ديسمبر/كانون الأول 2020 بتحقيق جديد بتهمة الاختلاس للاشتباه بأنه أنفق لأغراض شخصية 356 مليون روبل (3,9 ملايين دولار) من التبرعات.
كانت عودته الأحد مضطربة، إذ أوقفت شرطة مكافحة الشغب عشرات من مؤيديه أتوا لاستقباله في مطار فنوكوفو. وحولت طائرة نافالني التي كانت تقله برفقة عدد كبير من الصحافيين في اللحظة الأخيرة باتجاه شيريميتييفو.
فيما جرى توقيفه وفصله عن زوجته يوليا عند التدقيق بالجوازات أمام عدسات الكاميرات.
إصابة المعارض نافالني بالإعياء الشديد
في السياق ذاته فقد أصيب المعارض بإعياء شديد خلال رحلة العودة من سيبيريا إلى موسكو في إطار حملة انتخابية وأدخل المستشفى في مدينة أومسك حيث بقي 48 ساعة ثم نُقل إلى برلين.
من ناحية أخرى خرج نافالني من المستشفى في أوائل سبتمبر/أيلول 2020 وخلصت ثلاثة مختبرات أوروبية إلى أنه سُمّم بمادة نوفيتشوك التي طورت خلال الحقبة السوفييتية. وهذا الاستنتاج أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رغم نفي موسكو المتكرر.
من جانبه ما زال نافالني أبرز أصوات المعارضة، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى قناته على موقع يوتيوب التي يتابعها 4,8 ملايين شخص ومنظمته الخاصة بمكافحة الفساد. ورغم تعرضه مراراً لملاحقات قضائية والحكم عليه بالسجن فترات قصيرة، نجح في تنظيم تظاهرات كثيرة حظيت بمتابعة عن كثب، فيما تسببت استراتيجياته الانتخابية بخسارات محرجة للسلطات في انتخابات محلية.
لكن تبقى شهرته محدودة خارج المدن الكبرى. وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "ليفادا" المستقل، أيدت نسبة 20% فقط من الروس تحرك نافالني، أما الباقون فإما لم يسمعوا قط بالمعارض أو رفضوا الإدلاء بآرائهم.