وصفت صحيفة The Washington Post الأمريكية ما حدث في العاصمة واشنطن، الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2021، من اقتحام عشرات المؤيدين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمبنى الكابيتول، بأنه يشكل فشلاً أمنياً كارثياً، متسائلة: كيف يمكن أن يمكن أن يتمكن أناس لا يحملون إلا الأعلام والدروع والعصي من اقتحام مبنى يملك وحده قسم شرطة يضم ألفي ضابط، في مدينة ترتفع فيها درجة الاستنفار.
الصحيفة الأمريكية نقلت عن مسؤولي إنفاذ القانون، السابقين منهم والحاليين، قولهم إن شرطة كابيتول الولايات المتحدة وغيرها من الوكالات فشلت في توقع حجم ونوايا الحشود التي حثها ترامب على الاحتشاد في جادة بنسلفانيا، حيث تجمّع المشرعون والنواب.
العديد من المشاهد التي بُثت عبر وسائل الإعلام، خلال عملية اقتحام الكونغرس، كانت صادمة للعالم بأسره، لكن الأمر كان مختلفاً لدى مسؤولي الأمن، عندما شاهدوا المتظاهرين يتقدمون دون أي إعاقة من أحد، فيما ظهر بعض الضباط في مقاطع الفيديو يتراجعون للخلف بينما مثيرو الشغب يندفعون إلى الداخل.
مشاهد تثير العديد من التساؤلات!
كما استنكرت الصحيفة الأمريكية كيف أن شوارع واشنطن ظلت فيها وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية والحرس الوطني الأمريكي بعيدة عن الأنظار، مستحضرة في ذاكرتها كيف كان حضورهم قوياً على نحو مخيف أثناء الاحتجاجات التي أعقبت وفاة جورج فلويد هذا الصيف- بعيدة عن الأنظار.
أما في الكابيتول نفسه، فقد وضعت الشرطة حواجز ضعيفة، وارتدى أغلب الضباط الزي الاعتيادي وليس زي مكافحة الشغب. فيما قال مسؤولو إنفاذ القانون إن كل شيء كان معداً لقمع مظاهرة، ليس لردع هجوم.
من جانبهم قال خبراء إنفاذ القانون إنهم ذُهلوا من الأساليب التي استخدمتها الشرطة بعد أن صارت الحشود داخل الكابيتول.
تساهل كبير مع المتظاهرين
استناداً للصور، والمشاهد التي بثت عبر أنحاء العالم بأسره، بدت قوات الشرطة مكتفية بمراقبة الفوضى بدلاً من إيقافها! ففي إحدى الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر ضابط يلتقط صورة سيلفي مع أحد المقتحمين، ويظهر في مقطع فيديو آخر مجموعة من الضباط تفتح الحاجز الأمني لتسمح باقتراب مؤيدي ترامب أكثر.
تقول الصحيفة الأمريكية: "لم يبدُ أن الشرطة تحاول اعتقال المشاغبين، بل سمحت لهم بالمغادرة دون الوقوف في طريقهم، بل إن واحداً منهم مدّ يده لامرأة يساعدها على تسلق سلم الكابيتول".
وكانت نتيجة ذلك هي الغزو، حيث سقط في الفوضى رمز مُشدد الحراسة للقوة والنظام الأمريكي، وبسرعة مذهلة.
قال كيم داين، رئيس شرطة الكابيتول بالأعوام من 2012 إلى 2016: "وكأننا نشاهد فيلم رعب واقعياً، نحن نتدرب ونضع الخطط والميزانيات يومياً، كي لا يحدث هذا بالأساس، لا أستطيع أن أفهم كيف حدث ذلك".
كما أعرب داين عن دهشته من رؤية ما حدث أمس الأربعاء، أن تسمح شرطة الكابيتول بتجمع المشاغبين على مقربة من المبنى مثلما حدث، وفوق درجاته، ومن أنها لم تعتقل المقتحمين على الفور بعد أن تمكنوا من الدخول.
وقال داين: "نحن نحمي الشعب والمكان والإجراءات التي تجعل منا الولايات المتحدة، هذا هو سبب وجودنا، لكن الشعب والمكان والإجراءات، كل ذلك تعرض للهجوم".
بعد وقت وجيز من إطلاق النار، تولّت شرطة العاصمة عملية إخلاء الحشود من مناطق الكابيتول. وقالت العمدة موريل بوزر (الديمقراطية) إن شرطة الكابيتول طلبت الدعم من ضباط شرطة العاصمة للمساعدة في "استعادة النظام داخل الكابيتول".
من جانبها تولت شرطة الكابيتول، التي هالتها الحشود، مسؤولية إيصال المشرعين إلى مكان آمن وإخلاء من دخلوا إلى المبنى، وفقاً لشخصين اطلعا على الحادثة، ثم بمجرد خروج المشاغبين من الكابيتول تولت شرطة العاصمة إخلاءهم من فوق الدرجات الخارجية والأروقة والشرفات التابعة للمبنى.
قال شاهد عيان إن عدداً قليلاً للغاية اعتُقل في ضوء أحداث الاقتحام، لأن الشرطة لم تمتلك دعماً كافياً وقتها للإمساك بهم واحتجازهم.
علّق أحد مسؤلي إنفاذ القانون على الواقعة: "لم يكن هناك عدد يكفي القيام بكل شيء".