في مقابلته الأولى بعد إطلاق سراحه، وعقب حصوله على عفو رئاسي أصدره الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، برّر أحد أفراد شركة "بلاك ووتر" قيامه – مع آخرين – بقتل 14 مدنياً عراقياً، بالقول إنه تصرف بطريقة صحيحة دفاعاً عن نفسه، وإنه يشعر بالسلام حيال ذلك، وفق قوله.
حيث قال إيفان ليبرتي، وهو أحد متعاقدي (مرتزقة) شركة "بلاك ووتر" الأربعة الذين أصدر ترامب عفواً رئاسياً عنهم قبل أيام: "أشعر وكأنني تصرفت بطريقة صحيحة. أنا آسف لأي خسارة في الأرواح، لكنني واثق بصحة الطريقة التي تصرفت بها، ويمكنني أن أشعر بالسلام حيال ذلك".
وفي مقابلة مع وكالة The Associated Press، سلطت صحيفة The Independent البريطانية الضوءَ عليها، عبّر ليبرتي عن تفهمه لانتقادات الكثيرين الذين قد يرون أنه لا يستحق الرأفة، لكنه يعزو ذلك إلى ما يصر على أنه رواية مضللة لواقعة إطلاق النار، زاعماً أنه لم يطلق النار باتجاه أي من الضحايا، وأنه استجاب لتهديد موجه له.
ليبرتي، الذي خُفَّف الحكم عليه بالسجن لمدة 30 عاماً بمقدار النصف تقريباً العام الماضي، أضاف أنه لا يعرف على وجه التأكيد كيفية العفو عنه، وأنه لم يتحدث مع ترامب، لكن شركته لديها مؤيدون، بعضهم له صلات مباشرة بالبيت الأبيض.
يُشار هنا إلى أن شركة بلاك ووتر الأمنية الخاصة أسَّسها ضابط البحرية السابق إريك برينس وهو حليف ترامب، وأخته بيتسي ديفوس وزيرة التعليم في إدارته.
وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، أصدر ترامب قراراً بالعفو عن 4 من عناصر شركة "بلاك ووتر" أدينوا بارتكاب مجزرة في بغداد عام 2007.
"تلطيخ سُمعة الولايات المتحدة"
ووقعت "مذبحة النسور" في 16 سبتمبر/أيلول 2007، عندما فتح حراس الأمن الأربعة، المعفى عنهم، أثناء مرافقتهم لوفد دبلوماسي أمريكي، النار بصورة عشوائية على مجموعة من المدنيين العراقيين.
وخلفت المذبحة أكثر من 14 قتيلاً، وجرح عدد آخر، بينهم أطفال ونساء، وتسببت في ضجة دولية، لاستخدام حرس أمن خاص في منطقة حرب.
وأدت المجزرة إلى تلطيخ سُمعة الولايات المتحدة وإثارة غضب دولي حول دور المتعاقدين في المناطق العسكرية.
وبعد محاكمة استمرت أشهراً في عام 2014، أدانت هيئة محلفين الرجال في مقتل 14 مدنياً وإصابة عدد أكبر، ووصف أحد القضاة عمليات إطلاق النار في الواقعة بأنها "جموح شامل" لا يمكن التغاضي عنه.
ولطالما أكد المتهمون أنهم استُهدفوا بنيران مقاتلين عند دوار المرور حيث وقع إطلاق النار، غير أن المدعين لم يجدوا دليلاً يدعم هذا الادعاء، وأشاروا إلى أن معظم الضحايا سقطوا وهم في سياراتهم أو أثناء الاحتماء أو محاولة الفرار.
وتشير صحيفة The Independent البريطانية إلى أن ترامب، وإن بات معروفاً عنه استخدامه المتكرر لسلطاته في العفو لتبرئة ساحة شركائه الشخصيين وداعميه السياسيين المدانين، فإن عفوه عن متعاقدي بلاك ووتر قوبل بإدانة شديدة على نحو خاص، في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
وانتقد العراق بشدة قرار عفو ترامب، مؤكداً أنه لم يراعِ خطورة الجريمة المرتكبة، ولا ينسجم مع التزام الإدارة الأمريكية المُعلن بقيم حقوق الإنسان والعدالة وحكم القانون، ويتجاهل بشكل مؤسف كرامة الضحايا ومشاعر وحقوق ذويهم.