تتصاعد الضغوط على حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لاحتواء موجة الغضب دون جدوى، في وقت يواصل فيه آلاف المزارعين الاعتصام على مشارف العاصمة الهندية نيودلهي
الشرطة الهندية استوقفت عشرات الآلاف من المزارعين، إذ تحاول السلطات منع الأطفال، والنساء، والطلاب، والمزارعين من كل الأعمار من المشاركة في الاحتجاجات الحالية ضد الحكومة والتي تعتبر واحدة من بين أكبر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ عام 1988، يشارك فيها نحو 500 ألف مزارع.
احتج المزارعون الهنود على مشروعات قوانين مثيرة للجدل جرت الموافقة عليها مؤخّراً دون وضعهم في الحسبان، ويخشون أن تمهّد تلك القوانين السبيل أمام القطاع الخاص وتضرب بعرض الحائط نظام ماندي التقليدي الذي تنظمه الحكومة ويضمن حداً أدنى لسعر المحاصيل.
مودي.. المثير للجدل
ويبدو أن احتجاج المزارعين يتصاعد ويشتدّ، إذ يدعمه الشعب من قطاعات مختلفة ويساعدون على الحفاظ على حِراك الفلاحين مُتأججاً، الأمر الذي قد يهدد استمرار الدعم للحكومة الحالية، إذ يعتمد 60% من سكان الهند الذين يقارب عددهم 1.4 مليار نسمة في معيشتهم على الزراعة، وأدى هذا الدعم والمساعدات إلى جدلٍ سياسي، حيث يستهدف الحزب الحاكم المعارضة في البلاد ويُحمّلها مسؤولية تحريض الفلاحين ضد مشروع القانون.
مودي، ذلك الرجل المثير للجدل، يبدو أنه أصبح حملاً ثقيلاً، فهو الذي كان يسعى لصعود الهندوسية، بجملة من الممارسات التي سيجريها ضد الأقليات، سواء الدينية أو الاجتماعية، وضع الحكومة أمام انتقادات شديدة واحتجاجات مشابهه إثر قانون آخر يستهدف اضطهاد الأقليات بالبلاد، كان قانون "تعديل المواطنة" الذي يهدف إلى تسريع وتيرة منح الجنسية لست مجموعات من الأقليات المضطهدة: الهندوس، والفرس، والسيخ، والبوذيين، والجاينيين، والمسيحيين، ممن وصلوا إلى الهند قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2014، من أفغانستان، وبنغلاديش، وباكستان، وهي بلاد ذات أغلبية مسلمة.
قبل أشهر أطلق مودي حفلاً لبناء معبد هندوسي مثير للجدل، في خطوة سياسية دينية عبَّرت عن التوتر بين الطوائف الدينية، وشكلت تقدماً جديداً للتيار الهندوسي القومي في هذا البلد الذي يضم 1.3 مليار نسمة.
تزامن الموعد الذي اختير لهذا الحدث، مع الذكرى الأولى لإلغاء الحكم الذاتي لولاية كشمير الهندية، المنطقة التي تضم غالبية مسلمة، وهو وعد آخر قطعه القوميون الهندوس خلال حملة الانتخابات التي حملتهم إلى السلطة في نيودلهي في 2014.
ويعتقد المحتجون حالياً أن عدداً من وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص يروّج للحكومة حسب تعليماتها ويضر بالقضية الرئيسية التي حركت احتجاج الفلاحين، وأنه منذ تقلُّد الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" مقاليد البلاد، وُضعت العديد من شبكات الأخبار تحت تصرّف رجال الأعمال الموالين للحكومة والمنتفعين من القوانين الجديدة التي تمس قطاع الزراعة.
ولا يمنح القانون أي دعم قانوني للمزارعين في حالة عدم حصولهم على المبالغ المستحقة من المشترين، ويمهّد الطريق أمام الزراعة التعاقدية التي يرى المعنيون أنها تضرّ بصغار المزارعين. إضافة إلى أن القانون الجديد يعاقب الفلاحين على حرق القش.
وفي حين قررت الحكومة التراجع عن قراراتها المتعلقة بحرق القشّ، ورسوم الكهرباء، وضمان الحد الأدنى من سعر دعم المحاصيل، لا يرغب المزارعون في التفاوض، ويريدون التراجع بالكامل عن مشروع القانون.
كان صعود مودي بالنسبة للهندوس بمثابة ولادة زعيم قوي يرفض فكرة التسامح والتعددية، حتى إن كثيراً من الساسة شبَّهوه بالإمبراطور الروماني نيرون وهو المعروف بجبروته.
ومنذ ذلك الحين يسير مودي بخطوات ثابتة يحاول بها تعزيز الصورة ذاتها، من بينها علاقته مع منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ التي تأسّست في عام 1925، وكان مؤسسوها متأثرين بالحزب الفاشي الخاص بالديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني.
وصل ناريندرا مودي إلى السلطة عن طريق القضاء على التحالف العلماني في الائتلاف الذي يقوده المؤتمر الوطني الهندي، وتسلَّح بوسائل إعلام مؤدية له؛ ليتسلق على القوانين، وبدأ يتعامل مع المسلمين كمواطنين من درجة ثانية.
وتصاعد العنف الطائفي والإعدام الممنهج دون محاكمة، ضد المسلمين في عهد مودي. إذ شهدت البلاد زيادةً بنسبة 84% في العنف المتعلق بالأبقار، حيث يتعرَّض أي شخص يتبين أنه يأكل أو ينقل الأبقار -المقدسة لدى الهندوس- للهجوم أو الإعدام، من دون محاكمة في بعض الأحيان.