لا ترف في الموضة وأكل الحلويات أصبح حلماً.. أحداث كبرى جعلت 2020 الأسوأ في لبنان

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/28 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/28 الساعة 13:01 بتوقيت غرينتش
احتجاجات لبنان (رويترز)

ليس فيروس كورونا وحده الذي جعل لبنان في 2020 الأسوأ. فالسنة ضربت موعداً للشعب اللبناني، مع الأحزان والكوارث على جميع الأصعدة، والبلد عرف أزمات اقتصادية غير مسبوقة، بسبب الارتفاع المستمر لسعر الدولار، وانهيار الليرة اللبنانية، تلتها أزمة كورونا التي  خنقت القطاعات الاقتصادية والصحية.

آخر كوارث عام لبنان في 2020 هو انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، والذي يُعد أكبر كارثة عرفها الشرق الأوسط هذه السنة، وقضى على أحلام الشعب اللبناني في الخروج من الأزمة الحالية.

لبنان في 2020

جرّاء الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان في 2020، وانهيار العملة المحلية  أمام الدولار الأمريكي، احتكر بعض التجّار المواد الرئيسية في الأسواق اللبنانية، إلى حدّ أصبح تأمين الأساسيات وشراؤها فقط لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً.

يقول المستشار القانوني، أحمد بدر لـ"عربي بوست" إن "لبنان في 2020 وصل إلى الحضيض، وأيقنا كشعب أنّنا كُنّا نعيش حياة ترف، فالسلع والمواد التي تعوّدنا عليها اختفت من الأسواق وبتنا نستبدلها بمواد أقل كلفة، ووصل بنا الحال إلى مقارنة أسعار صنف واحد في أكثر من محل قصد التوفير".

وأضاف المتحدث في تصريحه لـ"عربي بوست" أن "غلاء المواد الغذائية ليست الأزمة الوحيدة في لبنان في 2020، رغم أنها الأكبر، فإننا أصبحنا نجاهد في سبيل ألا يتعطل أي شيء يحتاج التصليح، فقطع الصيانة تُباع بالدولار المرتفع أمام الليرة".

حال أحمد بدر لا يختلف كثيراً عن حال عماد الشلّ، طالب الماجستير في الجامعة اللبنانيّة، الذي قال لـ"عربي بوست" إن "الحياة في 2019 وحتى بدايات 2020 تختلف تماماً عن اليوم، ففي 2019 كنا نشتري أي شيء خصوصاً الملابس، أما اليوم ومع ارتفاع الأسعار حتى الثياب أصبحت من الكماليات".

ومع اقتراب رأس السنة، يقول عماد إن "كل شيء يُحسب بالورقة والقلم، فالحياة سابقاً ليست كالحياة اليوم، ولا نتوقع أن تكون أفضل في 2021، حتى مصاريف ليلة رأس السنة الحالية ليست كما الماضية من ناحية الكلفة، كل شيء أصبح أغلى".

أحمد بدر (خاص)
أحمد بدر (خاص)

الشباب والهجرة

جرّاء الانهيار الاقتصادي الذي عرفه لبنان في 2020، اضطرّت العديد من المؤسسات والشركات الخاصة إلى تسريح عدد كبير من الموظّفين، تاركة عائلات دون معيل، الأمر الذي شكل هاجساً لدى الشباب اللبناني، الذي أصبح يُفكر في الهجرة.

سارة ذبيان الطالبة في جامعة الحكمة، جاءت وطنها الأم إلى لبنان من قَطَر قبل 4 سنوات للدراسة، ورغم أنها وبحسب قولها لم تندم يوماً على العودة، فإنّ ثمّة موضوعاً يقلقها بعد تخرّجها وهو العمل خصوصاً بعد توالي الأزمات على لبنان في 2020.

تقول سارة في حديثها مع "عربي بوست" إن "مشكلة لبنان في العمل، فمهما تعلّم الشباب، ومهما تخصّصوا فلا يوجد مستقبل في سوق العمل، مستدركة بالقول إنه على الشباب البحث عن فرص العمل وخلقها في ظل الظروف الصعبة الحالية".

سارة ذبيان (خاص)
سارة ذبيان (خاص)

أحمد بهموم، شاب لبناني ذاق أيضاً مرارة تبعات أزمة لبنان في 2020، وذلك بعد تسريح والده من العمل في أحد المصارف اللبنانية، الأمر الذي دفعه إلى إلغاء كل طموحاته، والبحث عن طريقة لمساعدة أسرته.

وأمام الأزمة الاقتصادية التي هزَّت لبنان في 2020، يرى اللبنانيون أن الهجرة هي الحل الأنسب والعقلاني، فمنذ بداية 2020، غادر لبنان أكثر من 33% حسب بعض التقارير التي نشرت والتي تحذر من الهجرة الثالثة للبنانيين.

آيه عنتر، شابة لبنانية، خريجة الجامعة الأمريكية في بيروت، تعمل على توضيب حقائبها للهجرة إلى كندا، بحثاً عن الأمان، خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت، بالإضافة إلى الاستقرار النفسي والعملي، هذا الأخير الذي سيمكنها من إعالة أسرتها.

 الزواج من المعجزات

بات الزواج في لبنان في 2020 من الكماليات، في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات ومصاريف الحياة، لذا فإن عدداً كبيراً من حفلات الزواج تم إلغاؤها.

 يقول رامي سعد الدين لـ"عربي بوست" إن "زواجه تأجل 3 مرات لعدم قدرته على تجهيز منزله وشراء الأثاث المتوسط، لأن أساسيات المنزل تُباع بالدولار في السوق السوداء، ومرتبه في عمله بالليرة، الأمر الذي تسبب له في مأساة كبيرة مع شريكة حياته، وجعل حياته الزوجية مهددة".

لا يُعول رامي على تشكيل حكومة لإعادة البلد إلى السكة الصحيحة، فهو يشعر أن النظام السياسي قائم على التحاصص المذهبي وليس على الخبرات والموهبة.

وقال المتحدث: "لم تبق لنا دولة صديقة بسبب خيارات حزب الله وممارساته في المنطقة، فحتى مشروع الهجرة أمامه عقبات في ظل تردي العلاقات، وقرار الدول بوقف منح التأشيرات للبنانيين".

يُحاول سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية (رويترز)
يُحاول سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية (رويترز)

أمل متأرجح

اندلاع الثورة في أواخر عام 2019 أعاد لمعظم للبنانيين شيئاً من الأمل والطمأنينة أن الغد سيكون أحلى، لكن مع فيروس كورونا كان له رأي آخر، فأصبح همُّ اللبنانيين تأمين قوتهم اليومي وذلك في ظل الأزمة التي هزَّت لبنان في 2020.

يقول المواطن اللبناني عماد الشلّ: "كان لدينا أمل التغيير بداية الثورة، وسنتمكّن من إسقاط هذا النظام المتجذّر منذ 30 سنة، لكن للأسف ذلك لم يحصل، فزدادت الأزمات في لبنان في 2020".

وأضاف المواطن اللبناني في حديثه مع "عربي بوست" أن "مشروع إسقاط السياسيين كان حلماً، وأنَّ 2020 ستكون سنة تغيير لنا كشباب لبنان، لكن بعد كورونا والأزمة الاقتصادية، الأوضاع أصبحت الأسوأ".

انفجار مرفأ بيروت زاد الطّين بلّة، فدُمّرت البيوت، وقُتلت المئات وجُرح الآلاف، وهاجرت العشرات من المؤسسات الخاصة التي لم تعد قادرة على الاستمرار، كما أن دمار المرفأ أدى إلى زيادة الأعباء الاقتصادية.

المشكلة لا تنتهي هنا، فلبنان ينتظر قراراً برفع الدعم عن السلع الأساسية أي المحروقات والطحين، والغذاء، والأدوية، وإلى حين ذلك، يعيش اللبنانيون حالة هلع مهتمين بتأمين حاجاتهم الأساسية.

عماد الشل (خاص)<br>
عماد الشل (خاص)

 لا لحوم ولا فواكه والحلويات حلم

عاش اللبنانيون في عام 2020 أزمة نفسية تضاف إلى أزماتهم، إذ باتت أصناف الطعام حكراً على فئة من المجتمع دون غيرها بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار وتحديداً اللحوم والأسماك والفواكه.

تقول ليلى، ربة منزل فقدت زوجها بسبب السرطان عام 2019، إنها باتت المعيل الوحيد لأبنائها الذين يدفعون ثمن اليتم مرتين، الأولى بفقد الأب المعيل، والثاني أن أقصى أحلامهم باتت تناول اللحوم مرة في الشهر وشراء بضع أصناف الفواكه.

وأضاف ليلى في حديثها مع "عربي بوست" حول وضعية أسرتها في ظل الأزمة التي عرفها لبنان في 2020 أن مرتبها في وزارة الشؤون الاجتماعية أصبح لا يتجاوز 140 دولار، وكل شيء يحسب بالورقة والقلم حتى إنها لم تستطِع شراء قطعة حلوى لأطفالها.

ضوء خافت.. الإعلام يتحرر

عرف لبنان نهاية عام 2019 ثورة شعبية كسرت الحواجز المناطقية والطائفية بين اللبنانيين، وفتحت معها أفقاً جديداً يرتبط بشعور الأحزاب السياسية أنها لم تعد في ذروة قوتها.

يقول نضال، الصحفي منذ 9 أعوام، إن مطلع 2019 كان عام إحباط بالنسبة له، بعد فصله من عمله من إحدى المؤسسات الإعلامية التي يمتلكها رئيس حكومة سابق، الأمر الذي دفعه إلى الجلوس في منزله 10 أشهر دون عمل، بسبب غياب خارطة المؤسسات الإعلامية في لبنان.

يضيف نضال أنه مع انطلاق ثورة 17 أكتوبر 2019، اتصل به صديقه في إحدى المؤسسات الإعلامية في تركيا ليعمل مراسلاً لأحد المواقع، ومنذ ذلك الوقت يعمل نضال في المؤسسة الإعلامية بالإضافة لمؤسسات أخرى.

يقول نضال إنه وجد كغيره من الإعلاميين عملاً بعد الأحداث السياسية في البلاد، وبفضل هذه الأحداث، انتعشت مهنة الصحافة مرتبطة بالأحداث الأليمة التي يمر بها لبنان، لكنه في الوقت نفسه يتحدث أنه لاحظ خلال تغطياته أن الإيجابي بكل ما يحدث هو أن الناس كسرت الأصنام السياسية وباتت تتحدث بأريحية عن الزعماء الذين أوصلوا البلد لكل هذا الواقع.

تحميل المزيد