هددت كتائب "حزب الله" في العراق، السبت 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ"عدم اختبار" صبرهم، في مؤشر على التوتر المتصاعد بين الكاظمي وجماعات مسلحة نافذة في البلاد.
تُعد "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله" فصيلان نافذان، يعملان تحت مظلة "الحشد الشعبي" ويرتبطان بصلات وثيقة مع إيران.
تحذير من كتائب حزب الله
المسؤول الأمني في كتائب حزب الله "أبو علي العسكري" قال في تغريدة على "تويتر": إن "المنطقة اليوم تغلي على صفيح ساخن، واحتمال نشوب حرب شاملة قائم، وهو ما يستدعي ضبط النفس لتضييع الفرصة على العدو (في إشارة إلى أمريكا)، بألا نكون الطرف البادئ لها".
العسكري أضاف أن "عمليات القصف في الأيام الماضية (على السفارة الأمريكية في بغداد) لا تصب إلا في مصلحة عدونا ترامب (الرئيس الأمريكي) الأحمق وهذا ما يجب ألا يتكرر".
العسكري قال أيضاً إن "تحالفنا مع الإخوة في فصائل المقاومة سواء المحلية منها أو الخارجية تحالف متين، وما يمسهم يمسنا، ونحن ملتزمون بالدفاع عنهم ضمن الأطر المحددة والمقررة بيننا".
دعا العسكري الكاظمي إلى "عدم اختبار صبر المقاومة بعد اليوم"، مهدداً إياه بالقول: "لن تحميه الاطلاعات (الاستخبارات) الإيرانية، ولا الـCIA الأمريكية، ولا المزايدين على مصلحة الوطن".
توترات في العراق
ويسود العراق أجواء مشحونة بالتوتر الشديد منذ قصف المنطقة الخضراء، حيث السفارة الأمريكية، يوم الأربعاء 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، بالتزامن مع قرب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال واشنطن قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني برفقة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس.
إثر ذلك اعتقلت أجهزة الأمن العراقية عدة أشخاص مشتبه بتورطهم في الهجوم، بينهم قيادي بارز في فصيل "عصائب أهل الحق"، الذي نشر مساء الجمعة الفائت مسلحيه في شوارع بغداد للضغط من أجل إطلاق سراحه.
إلا أن الداخلية العراقية رفضت إطلاق سراحه، كما هدد الكاظمي في تغريدة بأن الحكومة جاهزة للمواجهة "الحاسمة" إذا اقتضى الأمر.
كانت فصائل شيعية مسلحة من بينها كتائب حزب الله العراقي و"عصائب أهل الحق" المرتبطة بإيران، قد هددت باستهداف مواقع وجود القوات الأمريكية بالعراق، في حال لم تنسحب امتثالاً لقرار البرلمان القاضي بإنهاء الوجود العسكري في البلاد.
والأربعاء الماضي حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إيران، من مقتل أي أمريكي في العراق، على خلفية الهجوم الصاروخي على السفارة، إذ تتهم واشنطن فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران بالوقوف وراء الهجمات، التي تستهدف سفارتها وقواعدها العسكرية، التي ينتشر فيها الجنود الأمريكيون بالعراق.
خلافات داخل الحشد الشعبي
تأتي هذه التطورات، وسط مؤشرات عدة على أن الأمور لا تسير جيداً داخل ميليشيات "الحشد الشعبي" في العراق هذه الأيام، وسط تصاعد الحديث عن خلافات كبيرة بين فصائل هذه القوات المحسوبين على طهران.
فبعد إعلان الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران عن هدنة مع الولايات المتحدة، والتعهد بعدم استهداف القوات والمصالح الأمريكية بالعراق، تفاجأ القادة الإيرانيون، وقادة الفصائل المسلحة الأخرى، بانتهاك عصائب أهل الحق التي قودها قيس الخزعلي، للهدنة واستئناف الهجوم على القوات الأمريكية المتواجدة بالعراق.
في وقت سابق قال مصدر من كتائب حزب الله لـ"عربي بوست"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "تفاجأنا بانتهاك الخزعلي للهدنة، خاصة بعد زيارة الجنرال إسماعيل قاآني واجتماعه بعدد من القادة، للتأكيد على أهمية عدم استفزاز ترامب في هذه الفترة الحساسة، وهذا ما تم تفسيره بين قادة الفصائل، بأنه انشقاق للخزعلي عن الحشد".
المصدر أضاف قائلاً: "الجماعات الحديثة التى أعلنت مسؤوليتها عن استهداف القوات الأمريكية، تابعة لعصائب أهل الحق، وتعمل تحت إشرافها، دون الرجوع إلينا، أو حتى مناقشتنا في الأمر، وهذا نذير بتدهور الأمور".
من جانبه، يسعى رئيس الوزراء المكلف بإدارة المرحلة الانتقالية مصطفى الكاظمي، إلى فرض سيطرة الدولة على القرار الأمني والعسكري والاقتصادي.
إلا أن قدرات الأجهزة الأمنية لا تزال بحاجة إلى الكثير لمواجهة الميليشيات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران عسكرياً، أو تحدي هيمنتها على جزء من قرار الدولة في قطاعات شتى، بينها القطاع الاقتصادي.
ولاستعادة سلطة الدولة وتحرير قرارها السيادي، السياسي والأمني والاقتصادي، فإن الكاظمي اتخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، من أهمها اعتماد ثنائية العمل باتجاهين، أولهما قصقصة الأذرع المالية للمجموعات المسلحة غير المنضبطة، بحرمانها من عوائد مالية كبيرة كانت تجنيها من سيطرتها على معظم المنافذ الحدودية الرسمية.
أما الاتجاه الثاني فهو إجراء المزيد من التغييرات في القيادات الرئيسية، لتقويض المنظومات المحيطة ببعض القيادات التي تدين بالولاء لإيران، وليس للعراق.
بدورها تتخوف الحكومة من احتمال اشتباك الميليشيات الشيعية المسلحة مع القوات الأمنية، ما يرجح احتمال عقد تفاهمات ضمنية بين الحكومة وقيادات القوات الأمنية من جهة، وقيادات مجموعات مسلحة.