فيما يبدو أنها مخاوف من تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة عن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، حثَّ وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن على الحفاظ على الصفقة التي أبرمها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، في وقتٍ سابق من هذا الشهر.
وبموجب هذه الصفقة، التي تم إبرامها في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، اعترفت الولايات المتحدة بسيادة مغربية على الصحراء الغربية في مقابل موافقة المغرب على تطبيع علاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وجاءت تصريحات المغربي بوريطة في مقابلة خاصة مع موقع Axios الأمريكي على هامش القمة الثلاثية الأمريكية الإسرائيلية المغربية التي عُقدت يوم الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020 في الرباط، والتي قال فيها: "نعتقد بواقعيةٍ أن الإدارة [الأمريكية القادمة] ستجد أساساً منطقياً وجيهاً في الحفاظ على هذا الاتفاق".
ويأمل بوريطة في أن تواصل الإدارة القادمة ما وصفها بالديناميكية الإيجابية، والاستمرار في البناء على ما قاموا ببنائه، لأنه تم من أجل "السلام"، حسب قوله. مضيفاً: "ما لدينا هنا هو حزمة مرتبطة من الاتفاقات التي تم التوقيع عليها، وكان الالتزام الأول الذي قطعه الجميع هو الدفاع عن هذه الحزمة والترويج لها وتحديثها".
ووفقاً لموقع Axios الأمريكي، يأتي ذلك في ظل الإدراك العام بأن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة مغربية على الصحراء يُعد خطوة مثيرة للجدل تنطوي على نقض لعقود من السياسة الأمريكية التي لطالما اعتبرت الصحراء الغربية منطقة متنازع عليها، ومن ثم تشعر إسرائيل والمغرب الآن بالقلق من أنه إذا تراجع بايدن عن هذا الاتفاق، فقد تنهار بقية الصفقة.
بايدن لم يرحب ولم ينتقد
في المقابل، لم يعلن بايدن ترحيبه بالاتفاق، لكنه لم ينتقده أيضاً.
ويرمي الاتفاق، بحسب بوريطة، إلى "تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ويتعلق بإنهاء نزاعين دام كل منهما لفترة أطول مما ينبغي، ونحن بحاجة إلى أن يكون تركيزنا موجهاً إلى إنهاء الأمور، وليس الاستغراق في سيرورتها".
وكان وفد أمريكي إسرائيلي برئاسة جاريد كوشنر ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، قد سافرا في رحلة مباشرة من تل أبيب إلى الرباط يوم الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وخلال الزيارة، التقى كوشنر وبن شبات بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، ووقعا ست اتفاقيات بشأن إطلاق رحلات جوية مباشرة واستثمارات وإتاحة التأشيرات بين البلدين.
وتضمنت الاتفاقيات تعهد المغرب وإسرائيل بإعادة فتح مكاتب التمثيل الدبلوماسي في كل من تل أبيب والرباط في غضون أسبوعين، حيث من المقرر أن تبدأ وفود مختصة بالأمور الفنية من كلا البلدين العملَ على ذلك الأسبوع المقبل.
علاقات المغرب رسمية مع إسرائيل منذ التسعينيات
بالإضافة إلى ذلك، أخبر بوريطة مراسل موقع Axios أن المغرب يميز نفسه عن الإمارات والبحرين والسودان – وهي الدول التي وقعت أيضاً على اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية – لأن المغرب كان قد أقام بالفعل علاقات رسمية مع إسرائيل للمرة الأولى في أوائل التسعينيات.
وفي هذا السياق، يقول بوريطة: "قلنا لأصدقائنا الأمريكيين منذ البداية: (لا تعطوا القميص نفسه للجميع)".
فالمغرب، حسبما يقول بوريطة، "كان رائداً في إقامة علاقات مع إسرائيل. وبالنسبة إلينا، هذا حدث كبير، لكننا لا نبني من الصفر.. الأمر يتعلق بإحياء الاتصالات التقليدية وبناء شيء دائم".
وأضاف بوريطة: "كل شيء طبيعي الآن، فنحن لا نخطط للتوقف عند منتصف الطريق بعد ما وصلنا إليه".
والرباط تريد أن تكون جسراً بين اليهود والمسلمين في المنطقة، وأن تضطلع بدور في المساعدة في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، حسبما أفاد وزير الخارجية المغربي.
واستدعى بوريطة الدور التاريخي للمغرب، قائلاً: "لقد فعلها الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس مستعد لفعل ذلك عندما تكون الظروف مهيأة ويكون هناك رغبة في ذلك، فصاحب الجلالة له مصداقية" عند الجميع.