قال مخرج الفيلم الوثائقي المقبل عن الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي، إنّ موزِّعي أفلام هوليوود "لن يقربوا" فيلم خاشقجي، و"يغضون الطرف" حين يتعلّق الأمر بالأعمال التي تدور حول انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 23 ديسمبر/كانون الأول 2020.
الاتهامات التي وجهها مخرج فيلم خاشقجي تؤكد مزاعم محاولة السعودية السيطرة على هوليوود، من خلال استثمارات ضخمة في الشركات العاملة هناك، بشراء أسهم بعضها والاستحواذ على أخرى، بهدف التأثير عليها لعدم التعاطي مع كل ما قد "يسيء للمملكة".
يرفضون توزيع فيلم خاشقجي
إذ قال برايان فوغيل، مخرج وثائقي Icarus الحائز جائزة أوسكار، لمجلة The Hollywood Reporter الأمريكية، إنّ الموزعين رفضوا فيلم خاشقجي The Dissident مراراً وتكراراً رغم حصوله على مراجعات رائعة حين عُرض للمرة الأولى في مهرجان صندانس السينمائي بشهر يناير/كانون الثاني.
كما أضاف في المقابلة التي نُشِرَت الأربعاء: "من دون الخوض في تفاصيل أعلمها خلف الكواليس، كانت هناك جبهة موحدة من أكبر شركات الإعلام والموزعين العالميين، الذين قرَّروا أنّهم لن يقربوا الفيلم".
أوضح فوغيل مخرج فيلم خاشقجي في حديثه إلى المجلة، كان الأمر مثيراً للإحباط، ولكنه يعني الكثير… فيما يتعلّق بالمشهد العالمي لتلك الشركات، حيث يجري إسكات أفلامٍ من هذه النوعية -التي يجب أن تُعرض وسيتابعها المشاهدون- عن طريق عدم توزيعها عبر قنواتهم، خشية تأثيرها على زيادة المشتركين أو التمويل أو تعريض الشركة لخطر الاختراق.
أشار إلى أنه في حال المملكة، هناك الكثير من السيولة والكثير من الأموال التي يجري استثمارها حالياً في هوليوود، ومن الواضح أنّ هذا العامل كان له دورٌ كبيرٌ في القرار.
بينما حصلت شركة Briarcliff Entertainment على حقوق توزيع فيلم خاشقجي The Dissident في الولايات المتحدة، وهي شركةٌ يقول فوغيل إنّ لها "تاريخها الطويل في تبنّي الأفلام الصعبة"، مثل Spotlight وFarenheit 9/11.
"يغضون الطرف" عن جرائم السعودية
كما هاجم فوغيل شركات الإعلام الكبرى مثل Netflix وAmazon لأنّها عقدت صفقات مع شركات سعودية أو قبلت تمويلاً سعودياً، ما دفعها للتغاضي عن التعامل مع فيلم خاشقجي.
أردف قائلاً: "بغض النظر عما يفعلونه… فإن المنظمات، وكبرى الشركات، والحكومات، ووسائل الإعلام تغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان أو الحرب في اليمن، أو الأشياء الأخرى التي تحدث داخل المملكة".
إذ تعوّل السعودية على الآمال في أن صناعة الترفيه مستعدة للتغاضي عن الجرائم البشعة للنظام. وبالنظر إلى الأمر ظاهرياً، قد يكون النظام السعودي على حق.
فقد اشترت السعودية حصةً قيمتها 500 مليون دولار، أو ما يعادل 5%، من أسهم شركة "لايف نيشن" Live Nation، وهي شركة تعمل في مجال تنظيم وترويج الحفلات الموسيقية، لتصبح ثالث أكبر مساهم في الشركة، وذلك بعد أن انخفضت قيم أسهمها بأكثر من 40% من قيمتها قبل جائحة كورونا.
كما استثمرت المملكة في شراء أسهم بقيمة 500 مليون دولار في شركة "والت ديزني" Walt Disney Co. خلال الربع المالي الأخير.
بينما ذكرت مجلة The Hollywood Reporter أن المملكة لا تزال تبحث عن صفقات أخرى سانحة لاصطيادها خلال أزمة كورونا، إذ قدم صندوق الاستثمارات العامة السعودي عرضاً لشراء حصص في مجموعة Time Warner Music Group.
أوامر بتسليم تسجيلات مقتل خاشقجي
فقد أمر القاضي الفيدرالي الأمريكي بول انغلماير، في 8 ديسمبر/كانون الأول، بتسليم وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" تقريراً حول قتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، وتسليم فيديو عن عملية القتل، رافضاً قرار الاستخبارات الحفاظ على سرية المعلومات، وفقاً لوكالة بلومبيرغ الأمريكية.
مؤسسة "أوبن سوساييتي" قالت إن أمر القاضي الأمريكي لأجهزة الاستخبارات بالاعتراف بوجود الأدلة يمثل خطوة أولى تحققت باتجاه احتمال نشر تسجيل يتعلق بقتل خاشقجي، وتقرير الاستخبارات الأمريكية في هذه القضية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الأربعاء 9 ديسمبر/كانون الأول 2020.
كانت "أوبن سوساييتي جاستس إنيشياتيف"، الذراع القانونية لمؤسسة الملياردير الأمريكي جورج سوروس، رفعت شكوى أمام القضاء المدني بحق وكالة الاستخبارات الأمريكية، ووكالات استخبارات أمريكية أخرى؛ لأنها لم تستجب لطلبها المقدم في إطار قانون "فريدوم إنفورميشن آكت"، الذي يضمن حرية الحصول على معلومات.
إحراج جديد للسعودية في قضية خاشقجي
طلبت المؤسسة في شكواها الاطلاع على كل الوثائق المرتبطة باغتيال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
كانت "سي آي إيه" ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية خصوصاً، قد رفضا الطلب مستندين إلى اعتبارات مرتبطة بالأمن القومي، لعدم تأكيد وجود هذه الوثائق.
إلا أن القاضي الفيدرالي في نيويورك انغلماير، رأى أن هذا الرفض المقتضب لا يكفي، بما أن إدارة ترامب تحدثت علناً عن هذا التسجيل، وأمر الاستخبارات بالاعتراف رسمياً بوجود هذه الوثائق وأمهلها "فترة أسبوعين" لتقدم دوافعها القانونية لإبقائها سرية.
يمثل قراره هذا إحراجاً للسعودية إضافة إلى فيلم خاشقجي، خصوصاً فيما إذا انصاعت الاستخبارات الأمريكية لقرار القاضي، ما قد يؤدي إلى نشر تسجيل عملية القتل المروعة.