أعلن القاضي عصام الدين محمد إبراهيم، رئيس المحكمة التي تحاكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير و27 متهما آخرين، الثلاثاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، تنحيه عن منصبه "لأسباب صحية".
إذ قال القاضي في جلسة بثها التلفزيون الرسمي: "هذه آخر جلسة لي في هذه المحكمة. أعلن التنحي لأسباب صحية"، موضحاً أنه يعاني "من ارتفاع ضغط الدم ونصحني الأطباء بالابتعاد عن أي توتر".
استمرار جلسات محاكمة عمر البشير
عقدت المحكمة التي تتكون من الرئيس وقاضيين آخرين 11 جلسة. وشكر إبراهيم رئيسة القضاء نعمات محمد عبدالله على قبولها قراره بالتنحي. وقال إن "الجلسة القادمة ستكون في الخامس من يناير/كانون الثاني المقبل وأنا واثق في أي واحد من الزملاء يتولى القضية".
كانت هذه المحاكمة غير المسبوقة في العالم العربي حيث لم تتم محاكمة منفذ انقلاب ناجح في التاريخ الحديث، بدأت في 21 يويليو/تموز.
بينما يواجه عمر البشير (76 عاماً) و27 متهماً آخرين من عسكريين ومدنيين، عقوبة الإعدام لإسقاط حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي التي كانت منتخبة بطريقة ديمقراطية قبل 31 عاماً.
فيما قدم المحامون الـ191 للمتهمين العديد من الحجج الإجرائية لتأجيل المحاكمة بما في ذلك أن قاعة المحكمة ليست واسعة بدرجة كافية لاحترام التباعد الاجتماعي.
المطلوب أيضاً من المحكمة الدولية
عمر البشير مطلوب أيضاً من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقيّ وجرائم ضد الإنسانية أثناء النزاع في إقليم دارفور
(1959 -2004) الذي أسفر عن سقوط 300 ألف قتيل وملايين النازحين.
إذ قال موقع Middle East Eye البريطاني في وقت سابق؛ برزت مسألة تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية على الساحة السودانية لتُسبِّب جدلاً قانونياً وسياسياً. وتُشير التقارير إلى أن الحكومة الانتقالية الحالية- التي تتألّف من أعضاءٍ مدنيين وعسكريين- كانت تدرس مُختلف الخيارات في الشهر الماضي.
فعلاوةً على تسليم عمر البشير وغيره من المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية، ألمح بعض المسؤولين إلى احتمالية محاكمتهم أمام النظام القضائي السوداني، فضلاً عن إمكانية تشكيل محكمةٍ مُختلطة تتألّف من قضاة السودان وقضاة المحكمة الجنائية الدولية بمشاركة الاتحاد الإفريقي.
لكن على ماذا سيحاسب البشير؟
رغم أن القيادة في الخرطوم لم تتّخذ قرارها بعد، لكن المُحامين وجماعات حقوق الإنسان السودانية جادلوا بأن البشير- المسجون حالياً في العاصمة السودانية ويُواجه تهماً بحيازة واستخدام الأموال الأجنبية بطرق غير شرعية- يجب أن يُحاسب على الجرائم الأخرى المُرتكبة خلال حُكمه مثل قتل المُتظاهرين عام 2019.
إبان النظر في الخيارات المُتاحة، سلّطت قضية عمر البشير الضوء على تعقيدات الضغط من أجل العدالة في ظل بقاء عناصر من النظام السابق للحاكم المخلوع جزءاً من قيادة البلاد حتى يومنا هذا.
كان انقلاب البشير الثالث منذ استقلال السودان في 1956، بعد انقلابين قام بهما إبراهيم عبود (1959-1964) وجعفر النميري (1969-1985).
فيما أطاح الجيش السوداني بالبشير في إبريل/نيسان من عام 2019، عقب احتجاجات شعبية استمرت أشهراً. وتتولى الحكم في السودان حالياً سلطة انتقالية لثلاث سنوات تجري بعدها انتخابات عامة.
محاكمة سودانية أم دولية في لاهاي؟
صرّح المتحدّث باسم الحكومة السودانية ووزير الإعلام فيصل محمد صالح لموقع Middle East Eye البريطاني بأنّ الخرطوم مُلتزمةٌ بالعمل مع المحكمة الجنائية الدولية قائلاً: "نحن مُلتزمون تماماً بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، نُؤكّد الآن هذا الالتزام بالسماح لكافة المطلوبين بالظهور في المحكمة، ولكن الموقع المُحدّد لعقد المُحاكمة لا يزال محل نقاش بيننا في الحكومة الانتقالية وبين المحكمة الجنائية الدولية".
رغم ذلك فإن المحكمة الجنائية الدولية قالت للموقع البريطاني إنّها لم تتواصل مع السلطات السودانية بشأن مصير عمر البشير وزملائه المُتهمين حتى الآن.
إذ أكد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبدالله: "نحن على علمٍ بالتغطية الإعلامية التي تُفيد بأنّ السلطات السودانية وافقت على تسليم الرئيس السابق عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن تلك التقارير الإعلامية غير مُؤكدة للمحكمة".