“كتاب أسود” وثقها في 1500 صفحة.. جرائم مرعبة يتعرض لها المهاجرون على أبواب أوروبا

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/19 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/19 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لمهاجرين/ الأناضول

كشف تقرير جديد استند إلى 900 شهادة لمهاجرين، وثقه "كتاب أسود"ما تعرَّضوا له من شتى أنواع الاعتداء الجسدي والإعادة القسرية، عند توقيفهم على الحدود الأوروبية، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، السبت 19 ديسمبر/كانون الأول 2020.

إذ أدان تقرير "كتاب أسود" أصدرته شبكة منظمات غير حكومية، ويستند إلى نحو 900 شهادة، العنف والإعادة القسرية غير القانونية للمهاجرين الذين تعرضوا للضرب أو السرقة أو إتلاف متعلقاتهم الشخصية، وتمت مهاجمتهم بالكلاب على حدود الاتحاد الأوروبي.

"كتاب أسود" يوثق لجرائم بحق المهاجرين

نشر "كتاب أسود عن الإعادة القسرية"، الجمعة 18 ديسمبر/كانون الأول، ووضع بمبادرة من كتلة اليسار الأوروبي الموحد/الشمال الأخضر اليساري (يسار راديكالي) في البرلمان الأوروبي، من قبل "شبكة مراقبة العنف على الحدود" التي تضم عدداً من المنظمات غير الحكومية والجمعيات.

يضم هذا التقرير المؤلف من 1500 صفحة شهادات مؤلمة تتعلق بأكثر من 12654 شخصاً، حول وقائع تجري منذ 2017 في إيطاليا وسلوفينيا والمجر واليونان وكرواتيا، وكذلك دول البلقان الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل صربيا والبوسنة.

بينما قالت النائبة الألمانية في البرلمان الأوروبي كورنيليا إرنست (اليسار الأوروبي الموحد) "صدمنا جداً بالروايات التي لا نهاية لها عن العنف القاسي والسادي والمهين، التي تُذكرنا بأكثر الديكتاتوريات وحشية".

كما عبرت عن أملها في أن يُسهم هذا "كتاب أسود" في "وضع حد لهذه الجرائم ومعاقبة الحكومات المسؤولة عن هذه الأفعال". 

اعتداءات على أبواب الاتحاد الأوروبي

يشدد التقرير الذي ورد في "كتاب أسود" على أن عمليات الإعادة القسرية المتمثلة في قيام دولة ما "بطرد المهاجرين من دون منحهم إمكانية تقديم طلب لجوء ومن دون الأخذ في الاعتبار أوضاعهم الشخصية ومن دون إمكانية طلب المساعدة باستخدام أساليب العنف، غير قانونية". 

سلمت الوثيقة إلى مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون الجمعة. 

ذكرت في بيان تلقته وكالة الأنباء الفرنسية أن "الإعادة القسرية لا تتوافق مع التشريعات الأوروبية والحق في اللجوء"، وأشارت إلى أن ميثاق الهجرة واللجوء الذي عُرض في سبتمبر/أيلول ينص على آلية لمراقبة الحدود لمنع مثل هذا السلوك. 

فيما اضطرت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) إلى الدفاع عن نفسها مؤخراً، بعد تحقيق نُشر في العديد من وسائل الإعلام، حول التورط إلى جانب خفر السواحل اليوناني في ممارسات غير قانونية تتمثل في إبعاد قوارب طالبي اللجوء إلى تركيا. ونفت الحكومة اليونانية هذه الاتهامات.

شهادات مرعبة من مهاجرين من مختلف الجنسيات

من بين الشهادات العديدة الواردة في كتاب أسود حول المهاجرين، واحدة لمراهق أفغاني يبلغ من العمر 17 عاماً، اكتشفت الشرطة الإيطالية في نوفمبر/تشرين الثاني أنه كان يختبئ تحت شاحنة في ميناء باري، ويقول إنه تعرض للضرب بعصا قبل إعادته إلى اليونان بالقارب، دون أن يتمكن من تناول الطعام أو الشراب.

التقرير الذي ورد في "كتاب أسود" أشار إلى أنه في اليونان، أُجبرت مجموعة مؤلفة من 65 شخصاً، تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أعوام و50 عاماً، ينحدرون من أفغانستان وسوريا والمغرب والجزائر وتونس ومصر، على العودة إلى تركيا، في نوفمبر/تشرين الثاني، سيرًا على الأقدام عبر اجتياز نهر إيفروس، الذي يفصل بين البلدين. 

فيما أكد سوري، تم توقيفه خلال ديسمبر/كانون الأول 2019، في كرواتيا مع 5 سوريين آخرين، بينهم قاصران يبلغان من العمر 15 عاماً، أنه تعرض للهجوم والعض من قبل كلاب أطلقتها الشرطة، التي قامت بإعادتهم إلى البوسنة.

يشير مؤلفا التقرير "كتاب أسود"، هوب باركر وميلينا زايوفيتش، إلى أن عمليات الإعادة القسرية التي لاحظتها الشبكة هي "مجرد لمحة عن ظاهرة أكبر وأكثر منهجية لا تزال منفية وغالباً ما يتم تجاهلها"، واستنكر التقرير استخدام أسلحة الصعق الكهربائي ضد المهاجرين. 

كما أفاد أن طالبي اللجوء أجبروا على خلع ملابسهم، وتم احتجازهم في منشآت تفتقر إلى المعدات الأساسية.

معاملة وحشية وإساءة جسدية

قبلا صدور "كتاب أسود" حول المهاجرين، وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، زعمت مجموعة من المهاجرين أنهم تعرضوا لمعاملة وحشية وإساءة جسيمة على أيدي ضباط إنفاذ القانون في كرواتيا، عندما كانوا يحاولون العبور إلى الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، قبل إعادتهم إلى البوسنة، وفق ما كشفته منظمة إغاثة دنماركية مقرها في البلقان.

صحيفة The Washington Post الأمريكية ذكرت أن نيكولا باي، رئيس المجلس الدنماركي للاجئين في البوسنة DRC، قال لوكالة Associated Press إن 149 مهاجراً من جنسيات مختلفة، أجرى موظفوه معهم مقابلات منفردة خلال الأيام العشرة الماضية، أفادوا بأنهم تعرضوا "لإساءات جسيمة" من الشرطة الكرواتية.

كما قال باي إن شهادات هؤلاء المهاجرين تتضمن مزاعم بتعرضهم لضرب وحشي لفترات طويلة، وتجريد بعضهم من ملابسهم، وإجبارهم على الاستلقاء مثل جذوع الأشجار المكدسة فوق بعضها، مضيفاً: "لدينا تقارير عن تعرض حالتين لانتهاكات جنسية خطيرة".

باي أشار إلى أن الشهادات التي جمعوها من مجموعات لم تكن على اتصال ببعضها تضمنت الروايات نفسها عن العنف. وأضاف: "التشابهات بين هذه الروايات مخيفة حقاً، حيث إنها تشير إلى انتهاكات منهجية… على أيدي رجال يرتدون زياً أسود وأقنعة سوداء" تُخفي وجوههم.

فيما حثَّت الأمينة العامة للمجلس الدنماركي للاجئين في البوسنة، شارلوت سلينتي، التي وصفت هذه الشهادات بالـ"مروعة"، في بيان مكتوب، على اتخاذ إجراء فوري "لوضع حد لهذا العنف المنهجي".

ليست المرة الأولى

هذا وتتهم منظمات حقوق الإنسان الشرطة الكرواتية منذ سنوات بالتعامل الوحشي مع المهاجرين، وصدهم بطريقة غير قانونية، وهو ما تنفيه كرواتيا باستمرار.

بينما لم يستجب المكتب الإعلامي للشرطة الكرواتية لمحاولات الاتصال به يوم الجمعة. وقالت وزارة الداخلية الكرواتية مطلع الأسبوع الماضي إنها تحقق في مزاعم المجلس الدنماركي للاجئين بهدف "إزالة أي لَبس حول سلوك ضباط الشرطة الكرواتية أو معاقبة جميع المخالفات والقضاء عليها إن حدثت".

يُشار إلى أن المهاجرين الذين تحدث معهم المجلس الدنماركي للاجئين في البوسنة يحملون إصابات واضحة، وثّقتها أيضاً مجموعة من الصور المزعجة التي حصلت عليها وكالة Associated Press.

من هؤلاء الذين وردت شهادتهم في "كتاب أسود" شاب من بنغلاديش يقيمون في مخيم قريب من الحدود مع كرواتيا، حيث تقطعت السبل بمئات المهاجرين، قالوا: "حين يمسكون بنا يشرعون في ضربنا بالعصي وركلنا كما لو كنا حيوانات… قبل أن يعيدونا" إلى البوسنة. 

كما زعم مهاجر آخر، عرّف نفسه بأنه محمد من باكستان، أن الشرطة الكرواتية أطلقت الكلاب عليه بعد عبوره إلى البلاد قبل أسبوعين. وكشف عن جروح مضمَّدة في ذراعيه وساقيه.

تحميل المزيد