في مشروعٍ قيد الإعداد منذ أكثر من عام، تقوم ورشة سمسم بطرحٍ أول لدمى روهينغا، التي كشفت عنها شبكة NBC News حصرياً، الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول 2020؛ لمساعدة أطفال لاجئي الروهينغا على تجاوز الأهوال المروعة التي عاشوها.
الشبكة أوضحت أن أطفال الروهينغا داخل أكبر مخيَّم للاجئين، لم يشاهدوا هنا التلفزيون من قبل. والآن، بفضل جهاز عرض يعمل بالبطارية، يضحكون مع إلمو، شخصية "عالم سمسم" المحبوبة.
محاولة التخفيف عن أبناء لاجئي الروهينغا
المقطع الذي عُرِضَ على الأطفال في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، مجرد عرض قصير، لكن "عالم سمسم" سيصبح قريباً جزءاً لا يتجزَّأ من حياتهم في هذا المخيَّم مترامي الأطراف، الذي يضم أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا فروا من العنف العرقي في ميانمار المجاورة.
الشخصيتان الجديدتان، التوأم نور ياسمين وعزيز، جزءٌ من جهدٍ تُقدَّر قيمته بـ200 مليون دولار، للتوسُّع في شكلٍ مبتكرٍ من التعليم بالمخيَّم.
إذ قالت شيري ويستن، المسؤولة عن التأثير الاجتماعي بالورشة: "إذا استطعنا مساعدة هؤلاء الأطفال على الانطلاق في البداية الصحيحة، حيث يمكنهم الازدهار والنمو، فستكون لديهم فرصة أكبر للنجاح لاحقاً".
تؤمن ويستن بأنه من دون تدخُّلٍ واسع النطاق من جانب "عالم سمسم"، فإن الروهينغا الصغار يخاطرون بأن يكبروا غير قادرين على القراءة أو الكتابة أو القيام بحساباتٍ بسيطة.
قالت: "عانى كثير من هؤلاء الأطفال أهوالاً مُروِّعة. واليوم، لدينا علم الأعصاب الذي يثبت أنه إذا تعرَّض الطفل لتجربةٍ مؤلمة وضغطٍ مُطوَّل، فإن نمو الدماغ يضعف فعلياً".
كما أضافت: "بالنسبة لنا، يمكننا أن نضطلع بدورٍ مهم من أجل الوصول إلى الأطفال في تلك السنوات المبكِّرة الحرجة".
مخاوف من جيل ضائع
تُظهِر أبحاثٌ أنَّ مستقبل الأطفال اللاجئين يزداد تعرضاً للخطر كلما طالت مدة بقائهم دون التحاقٍ بالمدارس، وفق ما ذكره تقرير لموقع The Conversation الأمريكي، في وقت سابق.
تكفل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة حصول الأطفال في عديد من البلدان التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين- وضمنها تركيا ولبنان وأوغندا- على تعليم جيد بدوامٍ كامل، إمَّا في المخيمات وإما بالمدارس الحكومية القريبة.
غير أن 23% فقط من الأطفال اللاجئين بجميع أنحاء العالم مُسجَّلون في مدارس ثانوية، وفقاً للمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فيما تبلغ نسبة الذين يلتحقون بالجامعات منهم نحو 1% فقط.
جائزة البوليتزر عن مسلمي الروهينغا
نظراً إلى أنَّ السلطات البنغلاديشية لم تمنح الروهينغا وضع اللجوء الرسمي وتعدّهم "مواطنين تابعين لميانمار مُهجَّرين قسراً"، لا يحصل نحو 500 ألف طفلٍ روهينغي في البلاد على تعليمٍ رسمي، ولا يُسمح لأطفال الروهينغا بالالتحاق بالمدارس الحكومية البنغلاديشية.
يُمنح أطفال الروهينغا الذين تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات و14 سنة، دروساً يومية من جانب صندوق منظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبعض المنظمات الشريكة له؛ تبلغ مدة كل منها ساعتين ويتلقون فيها دروساً تعليمية في اللغة البورمية والإنجليزية والرياضيات والمهارات الحياتية في نحو 1600 مركزٍ تعليمي في المخيمات. وعلى الرغم من أن هذه الفصول تشغل جزءاً من أوقات يوم نحو 145 ألف طفلٍ روهينغي- أو نحو 30% من إجمالي أطفال الروهينغا في بنغلاديش- فهي لا توفِّر أي نوعٍ من التعليم الرسمي الذي سيسمح للأطفال بالسعي إلى الحصول على شهادة الثانوية العامة والالتحاق بسوق العمل.
مخيمات بلا تعليم
بينما لا تُقدِّم المخيمات أي تعليمٍ على الإطلاق للاجئين الروهينغا المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً.
لذا يلجأ بعض المراهقين، ومعظمهم من الأولاد، إلى المدارس الدينية أو مراكز التعليم الإسلامية، حيث يمكنهم تلقي تعليمٍ ديني.
فيما يُترَك بقية أطفال الروهينغا، الذين لا يحضرون الحصص التي يوفرها صندوق الأمم المتحدة ولا يلتحقون بالمدارس الدينية، بلا شيءٍ يشغل يومهم، لذا يلجأون إلى ملء أوقاتهم بطريقتهم الخاصة. وقد رأيت صبياناً بمخيِّمات الروهينغا يعملون في محلات تجارية أو يلعبون بأوراق اللعب أو يجلسون خاملين طوال ساعات النهار.
حين سألت محمد عمَّا يفعله في غير أوقات المدرسة، أخبرني بأنَّه "يعتني بأسرته"، وأضاف مبتسماً: "وألعب مع الأطفال الآخرين أيضاً".
كما أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن مسلمي الروهينغا المحتجزين في معسكرات اعتقال مفتوحة بإقليم أراكان (راخين) غربي ميانمار منذ 2012، يتعرضون لـ"عمليات اضطهاد مؤسسي" و"انتهاكات جسيمة لحقوقهم".
جاء ذلك في بيان صدر عن المنظمة الحقوقية، السبت 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أوردت فيه أجزاء من تقرير جديد بعنوان "سجن مفتوح بلا نهاية: الاعتقال الجماعي في ميانمار للروهينغا في أراكان"