دخل العمال الأجانب في مجموعة شركات "هوتا" للأعمال البحرية السعودية، أكبر شركة إنشاءات بحرية بالسعودية، في إضرابٍ عن العمل بسبب عدم تقاضي رواتبهم خلال الأشهر العشرة الأخيرة، ما أجبر الكثيرين منهم على تسوّل الطعام بسبب جوعهم، وذلك وفق ما أورده تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
إذ توظف المجموعة أكثر من 6 آلاف موظف يعملون في السعودية من مختلف أنحاء العالم، وفقاً لموقع الشركة، كما أظهرت الصور المتداولة على الإنترنت عشرات العاملين وغالبيتهم من الأجانب -من جنوب آسيا وشرق إفريقيا- يحتجون خارج المكتب الرئيسي لهوتا في مدينة جدة الساحلية.
أوضاع مزرية
يُمكن رؤية العمال وهم يرتدون الكمامات وينتظرون مسؤولي الشركة حتى يُفسّروا لهم سبب عدم تقاضي الأجور لقرابة العام الكامل، وقد اشتكى الموظفون من أنّ الشركة الخاصة قطعت الكهرباء والمياه عن المخيم الذي يُقيم فيه العاملون طيلة الأيام الأربعة الماضية.
فيما لم تردّ مجموعة هوتا على طلبات التعليق من موقع Middle East Eye البريطاني.
عاملٌ باكستاني يعمل في هوتا للأعمال البحرية منذ 15 عاماً للموقع البريطاني، قال إنّها أول مرة لا تدفع فيها الشركة راتبه.
وأردف أنّ رجال الأعمال الباكستانيين المحليين كانوا يُوفّرون الطعام لعاملي هوتا الذين فقدوا وظائفهم.
كما أضاف أنّ الشركة لم تمنحهم سبباً لتأخير الرواتب، وأنّ بعض العاملين "فقدوا عقولهم" بسبب الأمر: "حين توقّفوا عن دفع الأجور، كان أصحاب المتاجر المحلية متفهمين وبدأوا السماح لنا بشراء الطعام تحت الحساب، لكنّهم توقّفوا عن فعل ذلك مع جميع العاملين. والآن لدينا أشخاص يتضوّرون جوعاً عاجزين عن الحصول على أي طعام. والبعض يعيش فقط على المياه وتناول الفلفل الأحمر لإشباع جوعهم. وهذا هو الشيء الوحيد الذي تستطيع تناوله مقابل ريالٍ واحد (0.26 دولار)".
بالتعليق على الوضع، تابع الباكستاني قائلاً: "تواصل زوجتي السؤال عن الراتب، ويجب أن أشرح لها كل شهر أننا لا نحصل على شيء، الناس يجهشون بالبكاء بسبب أجورهم ويتساءلون عن سبب وجودهم في هذا الموقف".
بدون مصدر دخل
يعتقد عاملٌ يمني، تحدّث إلى منظمة Impact International غير الحكومية، أنّ الشركة استغلت جائحة فيروس كورونا باعتبارها ذريعةً لعدم دفع الأجور.
وأضاف العامل اليمني: "إدارة الشركة تستغل الأزمة الاقتصادية (التي أحدثتها الجائحة) لتبرير عدم دفع الرواتب دون اعتبارٍ لمعاناتنا، وعائلاتنا ليس لديها مصدر دخلٍ آخر".
في هذا السياق دعت منظمة Impact International، ومقرها في لندن، وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية إلى "إنهاء الأزمة التي يُواجهها موظفو هوتا".
كما حثّت المنظمة الرياض على تنفيذ اتفاقية منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي "تنص على دفع الأجور وتوسيع إعانات البطالة للعاملين الذين يُعانون خسارةً في الدخل، حتى وإن كانت نتيجة خفضٍ جزئي لساعات العمل".
وتُعد السعودية هي موطن أكبر عددٍ من العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعيش بها أكثر من 10 ملايين عامل وافد، فيما يعاني اقتصاد المملكة الخليجية نتيجة فيروس كورونا، مع تسريح شركات الإنشاءات الكبرى للعاملين الأجانب.
العبء الأكبر لكوفيد-19
مع ذلك، تحمّل العمال الأجانب وطأة الجائحة، ففي وقتٍ مُبكّر من انتشار الفيروس كانت الغالبية العظمى من حالات الإصابة بكوفيد-19 في البلاد تحدث داخل المناطق التي يعيش بها العمال المهاجرون في جدة ومكة.
كما اتّهمت الجماعات الحقوقية السعودية باحتجاز مئات العاملين وسط أوضاعٍ خانقة طيلة الأشهر القليلة الماضية.
وفي وقتٍ مُبكّر من الأسبوع الجاري، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش أنّ مئات العاملين الأجانب -غالبيتهم من إثيوبيا- احتُجِزوا داخل مركز ترحيل في الرياض، حيث تعرضوا للتعذيب وانتهاكات الحراس.
وقال العديد من المهاجرين الذين تحدّثوا إلى هيومن رايتس ووتش إنّ أكبر مخاوفهم كانت الإصابة بكوفيد-19، لأنّهم لاحظوا أعراض فيروس كورونا على المحتجزين الآخرين.