قال إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الموجود خارج مصر، إن التغيير قادم بالمنطقة العربية، داعياً إلى تحقيق 5 متطلبات مسبقة لإتمام أي حوار ينهي الأزمة السياسية بمصر، من بينها إطلاق سراح "السجناء السياسيين"، كاشفاً النقاب عن محاولة النظام المصري الحوار مع الجماعة عام 2016.
منير كشف، في لقاء صحفي، عن أن "الإخوان تحاول إيجاد تحالف موسع" مع حلول الذكرى العاشرة لثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وواجهت الجماعة أزمات، بينها توقيف قيادات عليا وحظرها بمصر، وذلك بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي، المنتمي لها، في يوليو/تموز 2013، في بيان ألقاه وزير الدفاع آنذاك، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
متطلبات الحوار مع النظام المصري
وحول إمكانية إنهاء الصراع الصفري مع السلطة، قال منير: "النظام المصري هو من أرادها معركة صفرية، بداية بالانقلاب والمذابح التالية له، مروراً بالاعتقالات والمحاكمات الجائرة والإعدامات والاستيلاء على الممتلكات".
منير أضاف أيضاً: "حتى الآن يردد السيسي أنه لن يستطيع المصالحة مع من يريد هدم البلد، واعتبار الإخوان يمثلون تهديداً وجودياً، حسب زعمه، إذن هو يصر على إقصاء الإخوان".
وتابع: "الحديث عن مصالحة أو هدنة يتعلق بإرادة الانقلاب أولاً، وحاول التواصل معنا بين عامي 2015 و2016 عبر وسيط، لكنه كان يطلب اعترافاً بشرعيته".
بالإضافة لذلك اشترط منير تحقيق 5 متطلبات لحل الأزمة بمصر، مؤكداً أن "الإخوان أعلنوا مراراً أنهم مستعدون لأي حوار بعد الإفراج عن المعتقلين، ورد المظالم (لم يحددها) كلها، وعودة الجيش لدوره الطبيعي في حماية حدود الدولة، وعدم تدخله في السياسة، ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب، وتمكين الشعب من اختيار من يحكمه بطريقة ديمقراطية".
ولم يتسنّ الحصول على تعليق فوري من السلطات المصرية بشأن ما ذكره منير خلال الحوار من انتقادات، غير أن القاهرة تصنف الجماعة "إرهابية"، وتستبعد الحوار أو المصالحة معها، وتحاكم قيادات وكوادر بها على خلفية تهم متعلقة بالإرهاب، تنفيها الجماعة مراراً.
البحث عن تحالف موسع بمشروع واحد
أما عن إمكانية الدعوة لتظاهرات في الذكرى العاشرة لثورة يناير، فأجاب نائب مرشد الإخوان: "خبرات السنوات السابقة تؤكد أن أي حراك لا بد أن يكون جماعياً شعبياً، وليس نخبوياً أو فئوياً".
وأضاف: "ومن هنا نحن مع الشعب لن نتقدم عليه أو نتأخر عنه ولكن في القلب منه (..) ونعلن دائماً أننا مع أي اصطفاف وطني يقود إلى التغيير في مصر".
وكشف أن الجماعة "تحاول إيجاد تحالف موسع بمشروع متفق عليه، مع تلافي أخطاء (لم يحددها) ما ظهر من كيانات سابقة".
كما أوضح أن أهداف أي تحالف محتمل "تتمثل في الاتفاق على خطوط عامة تنطلق من مبدأ عدم الاعتراف بالنظام القائم والحفاظ على سلمية الثورة، واحترام التنوع السياسي والأيديولوجي، واحترام الإرادة الشعبية".
بالإضافة إلى ذلك، نفى منير عقد الجماعة صفقة مع نظامي مبارك والرئيس الأسبق أنور السادات رغم أن الأخير كان عضواً بمحاكمة قضت في 4 ديسمبر/كانون الأول 1954 بإعدام 6 من قيادات الجماعة.
كما أوضح منير: "وصل السادات للحكم في وقت أصبحت فيه مصر على حافة الانهيار بعد 1967 (شهدت احتلال إسرائيل لأراض مصرية) وتعالت الجماعة في سبيل مصلحة مصر عن التوقف أمام حسابات الفترة التي قبلها"، مضيفاً: "لم تكن صفقات، إنما مواءمات سياسية مبنية على ما هو متاح من أدوات للمشاركة المجتمعية والسياسية وأتاحت الفرصة للعمل الدعوي رغم ما حدث للجماعة من انتهاكات ولم يتغير الموقف بعد مقتل الرئيس السادات ومجيء مبارك".
إبراهيم منير: التغيير "قادم"
ومتطرقاً لدعوة السيسي إلى مواجهة الجماعة خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى فرنسا، قال منير: "السيسي استنفد كل ما لديه، وبات مكشوفاً تماماً بعد فشل مشروعه الاستئصالي ضد الإخوان وتراجع شعبيته وإخفاقه الشديد في تحقيق أي مصلحة للشعب".
كما أوضح أن السيسي "يحاول البحث عن دعم من أنظمة تتفق معه في محاربة الإسلام السياسي (الإخوان تعد أبرز جماعاته)، رغم علمهم أن ما يقومون به هو محاولة لكسب الوقت ليس أكثر".
منير أكد أيضاً أن "دوافع الحملة المصرية الإماراتية السعودية (مؤخراً) ضد الإخوان (بالتأكيد على تصنيفها إرهابية) سياسية وليست فكرية، كما يدعون، فهم يدركون جيداً حقيقة الإخوان".
وتابع نائب مرشد الجماعة: "الشعوب العربية لا تزال ترغب في التغيير عارمة، ولا تزال تعلق آمالها في غالبيتها على الإسلام السياسي".
وأضاف: "ما قاله السيسي في فرنسا محاولة فقط لكسب الوقت لا أكثر، والتغيير قادم في المنطقة رغما عنه وعن مناصريه"، دون أن يتوقع موعداَ بشأنه.
كيف ينظر الإخوان لفوز بايدن؟
أما عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، وما إذا كانت الجماعة تسعى لتغيير وضعها بعد تهنئته مبكراً بتولي المسؤولية، قال منير: "نحن نعوّل على الله أولاً وأخيراً، وتهنئتنا كانت للشعب الأمريكي كعرف سياسي فعلته قيادات دول وأحزاب في العالم".
منير أضاف أيضاً: "كل ما نأمله من إدارة بايدن أن ترفع الدعم المادي والمعنوي عن ديكتاتوريات المنطقة، انحيازاً للقيم الأمريكية، ولصالح شعوب المنطقة التي تحرم من حريتها وحقوقها".
واستدرك قائلاً: "قد يعمل بايدن على التغيير بشكل أو بآخر، وربما يكون للمنطقة العربية النصيب الأكبر من هذا التغيير، لكن في النهاية قضية التغيير رهن بوعي وإرادة الشعب المصري وشعوب المنطقة".
أما بشأن إمكانية فتح خط تواصل مع إدارة بايدن، فأضاف: "في وجود انقلاب (يقصد الإطاحة بمرسي) من حق الجماعة كمكون شعبي إيجاد وسائل للتواصل شارحة قضيتها وموضحة مواقفها ومبادئها".
هل تخشى الإخوان تصنيفها بقائمة الإرهاب الأمريكية؟
وبعبارة "أمر لا نرجوه ولا نخشاه"، عقب منير على إمكانية إدراج واشنطن الجماعة بقائمة الإرهاب بعد تكرار مطالبة النائب الجمهوري تيد كروز مؤخراَ بذلك، مضيفاً : "إلا أننا نرى أنها خطوة مستبعدة حالياً وربما مستقبلاً فقد رفضتها إدارة (باراك) أوباما (2008 – 2016)، وكل ما بذل في عهد الرئيس (دونالد) ترامب لم ينته إلى نتيجة"، موضحاً أن هناك فارقاً بين وجود بايدن (نائب الرئيس) في إدارة أوباما، وحلوله رئيساً هذه المرة في التعامل مع أحداث مصر.
يذكر أن بايدن عاصر ذروة احتدام الأزمة في مصر بعد صيف 2013، وكان في قلب الإدارة الأمريكية خلال 3 أعوام من الولاية الحرجة للسيسي، دون أن يقدم موقفاً داعماً مباشراً للمعارضة والإخوان.
3 متغيرات يراها منير حدثت منذ 2011
يرى منير أن هناك 3 متغيرات حدثت منذ ثورة يناير، أولها "تعامل إدارة أوباما وفق تأكيدات لاحقة مع ثورات الربيع العربي المفاجئة لها بارتباك (..) ويكفي مرور 10 سنوات ليكون بايدن قادراً على تقييم الموقف بشكل جدي وتكوين رؤية حول كيفية التعامل مع أوضاع المنطقة وحكامها وثوراتها"، وفق منير.
أما ثاني وثالث المتغيرات، بحسب منير، فيتمثلان في "التجربة المريرة التي مرت بها مصر بعد الانقلاب الذي صار عبئاً، بجانب عوامل الثورة التي لا تزال قائمة وزادت حدة في مصر، وهو ما يمكن أن يفتح الطريق أمام عدم استقرار المنطقة".
ورداً على اتهامات بالإبقاء على التنظيم أكثر من الحفاظ على الأفراد والفكرة، أجاب منير: "التنظيم هو من حمل الفكرة وحماها، ولو تفكك ستنتهي أو ستبقى خيالاً".
وأضاف: "لو افترضنا جدلاً أننا قمنا الآن بحل التنظيم، هل سيحمي ذلك أفراد الإخوان من بطش الطغاة؟ كلا، بل سوف يشجعهم على مزيد من البطش".
وتابع: "الجماعة ترفض استخدام العنف، والعدوان دائماً يأتي من الأنظمة".
وأوضح أنه "لا يمكن للإخوان علاج المفسدة بمفسدة أكبر، لذلك يتحملون صنوف الأذى بكل صبر وثبات، ليس حباً في المظلومية ولا تلذذاً بالظلم وإنما استشعاراً منهم للمسؤولية ولخطورة ما يمكن أن يؤدي إليه استخدام القوة والعنف".
واختارت الجماعة منير قائماً بأعمال المرشد عقب توقيف السلطات المصرية سلفه محمود عزت في أغسطس/آب الماضي، قبل أن يشكل الأول لجنة إدارية لتسيير أعمال التنظيم لاقت دعماً لافتاً، ويعطل مكتب الإرشاد أعلى جهة تنفيذية بالجماعة لأول مرة بتاريخها.