قال موقع Middle East Eye، في تقرير له، الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، إن مخاطر الانقلاب العسكري في السودان قد تصاعدت وسط خلافات بين العناصر المدنية والعسكرية في الحكومة الانتقالية بعد إنشاء القائد العسكري للبلاد هيئة جديدة ذات صلاحيات واسعة.
إذ رفض عدد من العناصر المدنية، ومن ضمنهم رئيس الوزراء وقوى إعلان الحرية والتغيير، الصلاحيات الممنوحة لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الجديد، وحثوا عبد الفتاح البرهان على مراجعة قراره.
البرهان يرأس مجلس السيادة السوداني، وهو هيئة عسكرية مدنية تأسست في أغسطس/آب 2019، كما يمثل أعلى سلطة تنفيذية في السودان ويشرف على انتقال هشٍّ مدته ثلاث سنوات، إلى الحكم المدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان 2019.
الأسبوع الماضي، أصدر البرهان مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، الذي سيتألف من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية، وهي تحالف لقوى المتمردين، والمكوِّن العسكري للحكومة الانتقالية ومجلس الوزراء.
تتكون الهيئة من 29 عضواً، من بينهم 13 من قوى الحرية والتغيير، و7 من الجبهة الثورية، و6 من الجيش، إلى جانب عضوين من قادة المجتمع الآخرين من شرق السودان.
وفقاً للمرسوم، سيكون لدى مجلس شركاء الفترة الانتقالية صلاحيات توجيه الفترة الانتقالية وخدمة المصالح العليا للسودان، وحل أي خلافات بين شركاء الحكومة والمساعدة في تنفيذ اتفاق السلام الموقع مؤخراً مع المتمردين.
من جهته، قال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الذي رفض هذه الخطوة، إن البرهان تجاوز صلاحياته من خلال منح سلطات مفرطة للهيئة الجديدة.
فيما دافع البرهان عن قراره، الأربعاء، قائلاً إن كلاً من الحكام الانتقاليين العسكريين والمدنيين فشلوا حتى الآن في تحقيق تطلعات الشعب السوداني.
خرق للدستور
يُذكر أن لُب الخلافات الحالية بين المدنيين والعسكريين هو التغييرات في المؤسسات الحاكمة، وكيفية دمج الحركات المتمردة الموقِّعة على اتفاق السلام مع الحكومة الانتقالية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في جوبا.
ودب التوتر بالفعل في أعقاب توقيع اتفاق جوبا، الذي رفضه بعض أعضاء قوى الحرية والتغيير وكذلك بعض المتمردين، لكن الخلافات تصاعدت بعد وصول قادة المتمردين إلى الخرطوم في الشهر الماضي، ووصلت لذروتها مع قرار البرهان تشكيل المجلس الجديد.
المتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، قال في بيان، الجمعة 4 ديسمبر/كانون الأول، إن مرسوم البرهان يتعارض مع "الإعلان الدستوري" الموقع في أغسطس/آب من العام الماضي، بين النشطاء المؤيدين للديمقراطية وجنرالات الجيش.
في غضون ذلك، رفض المتمردون غير الموقعين على اتفاق جوبا، ومن ضمنهم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور.
قضايا يمكن حلها
مع ذلك، شدد قادة الجبهة الثورية السودانية على أهمية مجلس شركاء الفترة الانتقالية، واتهموا بعض العناصر المدنية بمحاولة إضعاف تمثيل المتمردين وتنفيذ اتفاق السلام.
في هذا السياق، قال التوم هجو، عضو الجبهة الثورية البارز، إن المجلس هو السبيل الوحيد لتوفير تقاسم حقيقي ومتساوٍ للسلطة مع المتمردين، وكذلك لمراقبة تنفيذ اتفاق السلام.
وأضاف: "نرى أن التاريخ يعيد نفسه، ونخب الوسط في الخرطوم تريد مرة أخرى استبعاد أجزاء أخرى من البلاد، خاصةً المتضررة من الحرب، من التمثيل السياسي وتقاسم الثروة".
فيما قلل حيدر الصافي، العضو البارز في قوى الحرية والتغيير، من أهمية الخلافات، واصفاً إياها بسوء فهم بسيط يمكن حله بمزيد من المشاورات بين مختلف أصحاب المصلحة.
قبل أن يضيف: "لدينا كثير من المشاكل الاقتصادية، وتفشي فيروس كورونا، وعديد من التحديات؛ لذلك لا داعي للمبالغة في حجم الاختلافات الحالية".
انقلاب على الدستور
محمد عبدالسلام، الخبير القانوني السوداني، صرح لموقع Middle East Eye البريطاني، بأنه يعتبر المرسوم انتهاكاً دستورياً؛ لأنه استند إلى تعديل للإعلان الدستوري الذي يحكم الفترة الانتقالية.
أستاذ القانون بجامعة الخرطوم شدَّد على أن تعديل الإعلان الدستوري حق حصري للمجلس التشريعي الذي لم يتشكل بعد بسبب الخلافات السياسية.
وقال إن هذا انتهاك حقيقي وانقلاب على الدستور؛ لأن مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمتمردين لا يحق لهم تغيير الدستور.
كما صرَّح: "الهيئة الوحيدة التي لها هذا الحق غير موجودة حتى الآن، وهذه واحدة من الأزمات الرئيسية في هذا التحول. وما لم يُشكَّل المجلس التشريعي ستستمر الهشاشة السياسية والدستورية والانتهاكات".