قرّر بعض سكان شمال سيناء بمصر، العودة إلى قُراهم بعد أن فرّوا خوفاً على حياتهم عندها سيطر داعش على المنطقة، لكنهم يواجهون منذ حوالي شهرين خطراً من نوع آخر، يتمثل في المتفجرات التي تركها داعش خلفه في المنازل.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن قرابة 15 شخصاً قُتلوا بعبوات متفجرة منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، في القرى المجاورة لبئر العبد، وهي بلدة تقع على شاطئ المتوسط في شبه جزيرة سيناء بشمال شرقي مصر، بحسب مصادر أمنية مصرية.
تكتيك جديد لداعش
شاب من قرية أقطية، فضَّل عدم ذكر اسمه، قال لوكالة الأنباء الفرنسية "فقدت شقيقة زوجتي وطفلتها البالغة من العمر تسعة أشهر بسبب انفجار قنبلة كانت مزروعة داخل المنزل".
فيما تثير هذه العبوات قلق قرابة ألف من سكان تلك القرى، الذين عادوا إلى منازلهم بعد أن تركوها لمدة ثلاثة أشهر، كان الجيش المصري يواصل خلالها معركته في المنطقة ضد داعش.
شاب آخر من بلدة أقطية يقول لوكالة الأنباء الفرنسية "فوجئنا لدى عودتنا إلى منازلنا أنهم أقاموا فيها واستخدموها مخابئ هرباً من قوات الجيش، وزرعوا فيها قنابل"، ويتابع "لقد سرقوا حتى مواشينا".
فيما يقول مراقبون إن لجوء داعش إلى زرع قنابل في المنازل تكتيك يعكس التحول إلى استراتيجية جديدة يستخدمها التنظيم بدول أخرى، فيما تقول رئيسة مركز "كريتيكا" للأبحاث في واشنطن، نادية الدايل، المتخصصة في شؤون تنظيم الدولة "إن زرع القنابل في شمال سيناء هو تكرار لعمليات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا"، وتضيف أن أعضاء التنظيم كرَّسوا "الكثير من الوقت والموارد لتفخيخ الأبواب وأثاث المنازل والأجهزة المنزلية، وحتى لعب الأطفال".
كما تعتقد أن "تكتيك استهداف المدنيين سيستمر على الأرجح، بل ستستخدمه تنظيمات أخرى عنيفة".
فيما شهدت بلدة بئر العبد من الجنوب عبر الصحراء أكثر الاعتداءات دموية في تاريخ مصر الحديث، عندما قتل أكثر من 300 شخص كانوا يؤدون صلاة الجمعة في مسجد في هجوم بالقنابل والأسلحة الآلية وحمل المهاجمون أعلاما شبيهة بتلك التي يرفعها داعش إلا أن هذا الأخير لم يعلن مسؤوليته عن الاعتداء ولا أي جهة أخرى.
ويخوض الجيش والشرطة المصرية منذ بضع سنوات مواجهات ضد داعش، الذي ينشط من خلال مجموعات وعناصر محلية، كما أطلقت قوات الجيش والشرطة في فبراير/شباط 2018، عملية واسعة النطاق ضد عناصر التنظيم على المستوى الوطني، لكنها تركزت في شبه جزيرة سيناء.
ولكن التنظيم واصل هجماته على قوات الأمن والمدنيين وخطوط أنابيب الغاز الاستراتيجية.
اتهامات من منظمات حقوقية
واتَّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، العام الماضي، القوات المصرية وتنظيم داعش بارتكاب "جرائم حرب" في شمال سيناء، وهو تقرير رفضته السلطات.
فيما لم يرد المسؤولون المصريون على طلب للتعليق على القنابل المزروعة التي تقتل مدنيين.
ويقول أحد السكان، طالباً هو الآخر عدم الكشف عن هويته، إن مكتب محافظ شمال سيناء فتح المدارس لإيواء المدنيين، بعد أن أغار تنظيم الدولة الإسلامية على خمس قرى في محيط بئر العبد، وجاء هذا الهجوم بعد عملية دامية لمكافحة الإرهاب في يوليو/تموز.