تفاصيل مبطنة جعلت ثلث القوى الإسلامية ترفضه.. هذه أسباب تأخر إعلان ماكرون ميثاق الجمهورية

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/08 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/08 الساعة 14:50 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون/ رويترز

بعد مرور أسابيع على اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع ممثلي اتحادات مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا، لم يُعلن لحدود اليوم الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2020 عن موافقة المجلس عن ميثاق الجمهورية.

الرئيس الفرنسي كان قد حدد في الاجتماع الذي احتضنه قصر الإليزيه مهلة 15 يوماً رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي، وعميد مسجد باريس شمس الدين حافظ، وممثلون عن الاتحادات التسعة المنتمون للمجلس للمصادقة على مضامين ميثاق الجمهورية.

 رفض ميثاق الجمهورية

أمام التأخر الذي صاحب إعلان فرنسا لموافقة ممثلي الديانة الإسلامية على ميثاق الجمهورية في فرنسا، تسللت أخبار تؤكد الانقسام القائم وسط مجلس الديانة الإسلامية بسبب بعض المضامين المسطرة في ميثاق الجمهورية.

وكشفت مصادر لـ"عربي بوست" أن ست اتحادات من أصل تسعة مكوِنة لمجلس الديانة الإسلامية صادقوا على مضامين ميثاق الجمهورية، في حين لازال ثلاث اتحادات أخرى تعترض على ما سطر في الوثيقة التي فرضها ماكرون على المسلمين.

وأضافت مصادر الموقع أن هناك تفاصيل مبطنة يتضمنها ميثاق الجمهورية الذي يريد الرئيس ماكرون كسب مصادقة المسلمين عليها، على عكس الشعارات التي رُفعت والتي قالت إن الميثاق الجديد لن يخرج عن "احترام قيم الجمهورية، والاعتراف بالإسلام كدين وليس كحركة سياسية، ويقطع مع تدخل الدول الأخرى في تكوين أو تخريج الأئمة في فرنسا".

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون / رويترز
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون / رويترز

وعارضت الاتحادات مشروع القانون الذي تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمنتظر المصادقة عليه والذي ينص على "منع مدارس الجمعيات السرية، ووضع حد للتعليم المنزلي لجميع الأطفال من سن 3 سنوات، باستثناء الحالات الخاصة، والإشراف على النظام التعليمي للمدارس".

مصادر "عربي بوست" قالت إنه من واجب الدولة مراقبة المقيمين على أراضيها منعاً للتطرف، لكنها لن تصادر حرية أُسر اختارت أن تُدرس أبناءها في المنزل، وهو نظام تعليمي قائم في أكثر البلدان تقدماً، كنيوزلندا وكندا وأمريكا وبلجيكا.

وطالبت الاتحادات المعارضة بالتراجع على منع التمويلات الخارجية على المؤسسات الدينية الإسلامية في فرنسا، مؤكدة أن "معظم هذه التمويلات تدخل في إطار المساعدات والأعمال الاجتماعية التي تُقام في مناسبات دينية وجزء كبير منها يصرف في موائد الرحمان خلال شهر رمضان.

رفض تركي

لم يستطع القائمون على مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا إقناع الاتحادات المعارضة لميثاق الجمهورية وهم  اتحاد "ميلي كوروس" التركي، و"مسلمي فرنسا"، هادين الاتحادين اللذين يضمان مسلمين أغلبهم من الجنسية التركية.

وبررت الاتحادات الرافضة لميثاق الجمهورية كونه "سيخدم قيم الجمهورية كما تطالب فرنسا، لكنه سيمس المسلمين، وسيقيد حريتهم؛ لأنه سيتضمن عوارض ليست مفصلة، ولن يتحدث مثلاً عن "السماح بارتداء الحجاب في الأماكن العامة، ولا حتى إعادة المحلات التي تبيع الأكل الحلال للمسلمين".

وسبق لفيصل فيليز، المتحدث الرسمي لمبادرة مسلمي أوروبا للتماسك الاجتماعي المنتمي لاتحاد، "ميلي كوروس" المعارض لـ"ميثاق الجمهورية" أن تحدث لـ"عربي بوست" وقال إن "الميثاق الجديد لن يبتعد عن الأُسس العلمانية التي تُريد فرنسا توظيفها، رغم أن الأمر يمسّ بالحقوق الكونية للمسلمين، من حرية التعبير وأيضاً حرية المعتقد والإدراك".

وسبق للرئيس الفرنسي ماكرون أن وجّه خطاباً للاتحادات التي رفضت مضامين ميثاق الجمهورية خلال اجتماعه مع ممثلي الديانة الإسلامية قائلاً: "هؤلاء لا يحملون قيم الجمهورية وأنا على علم بمواقف المعارضين المتلبسة، هؤلاء وجب عليهم الخروج من هذا اللبس، ومن لم يُوقع على الميثاق فليتحمل نتيجة عمله".

مظاهرة ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا / أرشيف
مظاهرة ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا / أرشيف

تأخر ميثاق الجمهورية

أمام رفض ثلث أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لمضامين ميثاق الجمهورية، يصعب -حسب عزيز الراوي باحث في الشؤون المسيحية الإسلامية- إعلان ميثاق جديد والقول إنه بموافقة المسلمين أيضاً.

وكشف الراوي في حديثه مع "عربي بوست" أن "القانون الفرنسي يمنع ماكرون من فرض شيء غير متفق عليه، لهذا لن يبقى أمامه سوى خيار التفاوض مع الاتحادات الرافضة لمضامين ميثاق الجمهورية، وإمساك العصا من الوسط عوض كسرها".

وأضاف المتحدث: "اليوم ماكرون يواجه تحديات كبيرة، فبنظره كان يسعى إلى تقوية مواقفه السياسية والحصول على تزكية مهمة من طرف مساندي اليمين المتطرف للظفر بولاية رئاسية جديدة لكن السحر انقلب على الساحر، ووضع الجمهورية في عنق زجاجة بسبب قرارات وتصريحات غير مسؤولة".

احتجاجات بفرنسا على قانون الأمن الشامل / رويترز
احتجاجات بفرنسا على قانون الأمن الشامل / رويترز

واعتبر الراوي أن "ماكرون اليوم هو أمام تحدي إطفاء غضب الشعب من قانون الأمن الشامل الذي أثارت المادة 24 منه الجدل بسبب منعه لوسائل الإعلام من التقاط صور لرجال الشرطة، الأمر الذي يعتبر تعدياً صارخاً على حرية التعبير والنشر التي تتغنى بها فرنسا في الخطابات والمحافل الدولية".

تحميل المزيد