من المقرر أن يُحال الخلاف الذي دام 12 عاماً على مجموعة نادرة من الأعمال الفنية الكنسية تعود لفترة العصور الوسطى باعها تجار تحف يهود للنازيين عام 1935 لأعلى محكمة في الولايات المتحدة اليوم الإثنين 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، في قضية تاريخية يقول محامو الدفاع إنها قد تفتح الباب على مصراعيه لخوض المعارك القانونية لاسترداد الممتلكات على مستوى العالم عبر الولايات المتحدة.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت إن المحكمة العليا ستستمع إلى الحجج الشفوية عما إذا كان بإمكان ورثة هؤلاء التجار رفع دعوى في المحاكم الأمريكية لاستعادة القطع الفنية الكنسية، المعروفة باسم "كنز غويلف" أو Welfenschatz، من ألمانيا.
أما كنز غويلف فسُمي بهذا الاسم نسبة إلى أسرة فلف (غويلف) الملكية ويضم 42 قطعة صنعت بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر، وظل منذ عام 1963 معروضاً في متحف برلين للفنون الزخرفية. وتضم المجموعة صليباً مرصّعاً ببلورات صخرية وشظايا عظمية، يُفترض أنها لقديسين، وجُلبت من الحروب الصليبية.
الأزمة تعود لعام 1929: ينحدر المدعون من نسل رجلين كانا ينتميان لشراكة تضم أربعة تجار يهود اشتروا في الأصل كنز غويلف مقابل 7.5 مليون رايخ مارك عام 1929. ويزعمون أن الشراكة المالية التي كانت تضم أسلافهم أُجبرت على بيع هذه القطع بسعر مخفض قدره 4.25 مليون رايخ مارك ألماني بعد خمس سنوات في إطار حملة النازيين لاضطهاد السكان اليهود في ألمانيا وتجريدهم من ممتلكاتهم وهم يطالبون باسترداد الكنز الذي قدروا قيمته بنحو 260 مليون دولار.
مؤسسة التراث الثقافي البروسي، المؤسسة شبه الخاصة التي تعود إليها ملكية كنز غويلف، تقول إنها أقسمت على الالتزام بمبادئ واشنطن المتعلقة بأعمال الفن النازي المصادرة، التي بموجبها استعادت منذ عام 1998 ألفي كتاب وأكثر من 350 عملاً لفنانين مثل: إدوارد مونش، وفينسنت فان جوخ، وكاسبار ديفيد فريدريش.
إلا أن المؤسسة تقول إن كنز غويلف قصة مختلفة. إذ يقول رئيسها، هيرمان بارزينغر، إن التحريات أظهرت أن مجموعة الشركاء اليهود حاولت بيع هذه القطع الفنية في الولايات المتحدة لكنها وجدت صعوبة في التوصل إلى سعر جيد في سوق الفن الذي كان لا يزال يعاني من انهيار سوق الأوراق المالية عام 1929.
فيما تقول المؤسسة إن بيعها عام 1935 إلى الدولة الألمانية جاء نتيجة مفاوضات صعبة، ولكنها عادلة أسفرت أيضاً عن حصول التاجر سيمي روزنبرغ على قطع أثرية ثمينة من متحف برلين في صفقة مبادلة مرتبة خصيصاً للتحايل على ضوابط رأس المال بعد الانهيار.
قضية استثنائية: وعام 2014، اتفقت لجنة خبراء ألمانية معنية بالفن النازي مع رأي مؤسسة بارزينغر ورفضت مزاعم الورثة. غير أن القضية انتهى بها المطاف في المحاكم الأمريكية نتيجة لبند نادر الاستخدام في قانون الحصانات السيادية الأجنبية الأمريكي لعام 1976. ورغم أن هذا القانون يمنع بصفة عامة مقاضاة الدول الأجنبية ووكالاتها في المحاكم الأمريكية، فهو يضم "استثناء المصادرة" للدعاوى القضائية المتعلقة بالاستيلاء على الممتلكات "في انتهاك للقانون الدولي".
فيما يدفع المدعون بأن البيع القسري المزعوم لكنز غويلف كان انتهاكاً للقانون الدولي لأنه كان جزءاً من الهولوكوست، الذي يقولون إنه بدأ مع صعود هتلر إلى السلطة عام 1933 وتصاعد على مراحل حتى الإبادة الجماعية لليهود بدءاً من عام 1939.
ويتبنى مركز ياد فاشيم، النصب التذكاري الإسرائيلي الرسمي للمحرقة، تعريفاً مشابهاً لـ"فترة المحرقة" بأنها بين عامي 1933 و1945، رغم أن مؤرخاً من المركز أكد لصحيفة The Guardian أن هذا ليس تعريفاً "قانونياً".
إلا أن المحامي الأمريكي لمؤسسة التراث، جوناثان فريمان، يدفع بأن إصدار حكم لصالح المدعين، يمكن أن يؤدي إلى استخدام قانون الحصانات السيادية الأجنبية لإحالة جميع أنواع النزاعات على مستوى العالم -وليس فقط تلك المتعلقة بإعادة الأعمال الفنية أو المتعلقة بالمحرقة- أمام المحاكم الأمريكية.
وقالت فريمان لصحيفة The Guardian: "اعتمدت الولايات المتحدة لفترة طويلة على أن تتولى الدول العناية بشؤونها القانونية، أو تسوية النزاعات عن طريق آليات دولية فعالة. وحكم كهذا يمكن أن يغير ذلك".