قالت صحيفة The Times إن فرنسا من المقرر أن تحظر التعليم المنزلي للأطفال من سن الثالثة، وذلك ضمن خطط الرئيس الفرنسي ماكرون لتضييق الخناق على ما يصفه بـ"نوازع إسلامية متطرفة".
التصريح الجديد بالخطة جاء على لسان جيرالد دارمانان، وزير الداخلية ذي الاتجاه المتشدد والذي عينه ماكرون في يوليو/تموز لقيادة حملته الأمنية، أمس 6 ديسمبر/كانون الأول.
"إعادة الأطفال إلى نطاق نظر الجمهورية": الوزير قال إن الهدف هو "إنقاذ هؤلاء الأطفال الذين هم خارج نطاق نظر الجمهورية". وهو يشير بذلك إلى عدة آلاف من الأطفال، خاصة الفتيات، الذين يتلقون تعليمهم في المنزل ويختفون عن أنظار نظام التعليم الرسمي.
يُذكر أن نحو 50 ألف طفل في المجمل يتلقون تعليمهم في المنزل من بين 12 مليون تلميذ في مراحل التعليم المختلفة في فرنسا.
ومن المفترض أن يحصل مشروع قانون للحد من انتشار ما تسميه الحكومة الفرنسية "ثقافةً انعزالية" بين الأقلية المسلمة ذات العدد الكبير في فرنسا، على تصديق مجلس الوزراء هذا الأسبوع.
مع ذلك، فقد يُلغى بند حظر التعليم المنزلي من القانون في نهاية الأمر باعتباره غير دستوري عندما يُحال إلى الفحص من قبل المجلس الدستوري الفرنسي، بحسب ما قيل للحكومة.
وبموجب القانون الجديد، يتعين على جميع أولياء الأمور في فرنسا إلحاق أطفالهم بمدارس معترف بها حكومياً بمجرد بلوغهم سن الثالثة، ليجري تسجيلهم بأرقام تعريف فردية في نظام التعليم الرسمي.
قانون تعزيز قيم الجمهورية الفرنسية: يأتي ذلك ضمن ما يُسمى بقانون تعزيز قيم الجمهورية الفرنسية، الذي تمت صياغته على مدار العامين الماضيين، وهو رأس الحربة في حملة ماكرون لكبح ما يصفه بالنزعات "الإسلامية المتطرفة" التي تعزز ما يسميه بالعقلية "الانعزالية" ويغذي الإرهاب.
وقد حصل مشروع القانون على قوة دفع إضافية من خلال ثلاث هجمات إرهابية شنّها متطرفون منذ أواخر سبتمبر/أيلول، حيث قُتل أربعة أشخاص بالسكاكين، منهم صموئيل باتي، وهو معلم بإحدى مدارس باريس قُتل بقطع رأسه بعد أن عرض على تلاميذ فصله الدراسي رسوماً كاريكاتيرية تتطاول على نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم).
قانون مكافحة الانعزالية استهل إجراءاته بحملةٍ شنتها الشرطة الفرنسية على 76 مسجداً ومجلساً للصلاة، من بين 2600 في عموم فرنسا. وقد شهدت الحملة إغلاق العديد من تلك المساجد وطرد أئمتها الأجانب.
وبحسب القواعد الجديدة، سيتعيّن على قادة مجتمع الأقلية المسلمة وأئمته التوقيع على التزام منهم بالقيم "الجمهورية" الفرنسية، والتي تشمل المساواة بين الجنسين وإقصاء الدين من الحياة العامة. فيما قالت الرئاسة الفرنسية إن الموقعين يجب عليهم "رفض الإسلام السياسي والتدخل الأجنبي بجميع أشكاله".
بالإضافة إلى ذلك، من المفترض إيقاف أي تمويل أجنبي للأنشطة الدينية وتقليص الاستعانة بالأئمة الأجانب تدريجياً وتوظيف أئمة مدربين في فرنسا محلَّهم. كما ستخضع المساجد وقاعات الصلاة لعمليات تفتيش مكثفة وسيُمنح مسؤولو الدولة سلطةَ تجاوز قرارات رؤساء البلديات التي قد ترى السلطات الحكومية أنها تنتقص من استبعاد فرنسا الصارم للدين من الحياة العامة، ويشمل ذلك قرارات مثل تخصيص ساعات معينة للنساء فقط في حمامات السباحة والمراكز الرياضية.
ويقول فريق ماكرون إنه يريد من جهاز الدولة طردَ المتطرفين الذين يقولون إنهم يسممون عقول الشباب الساخطين في الضواحي، وهي الأحياء والبلدات الفقيرة التي تسكنها أغلبية غير بيضاء وتحيط بالمدن الكبيرة.
في إشارة إلى المسار الذي تنتهجه الحكومة، صرح أحد مساعدي الرئيس الفرنسي لصحيفة Le Journal du Dimanche أمس 6 ديسمبر/كانون الأول، بأن الحكومة "تستخدم طريقة آل كابوني"، مشيراً بذلك إلى الطريقة التي أسقط بها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي رجل العصابات بمقاضاته بتهم التهرب الضريبي، وأضاف مساعد الرئيس: "نحن نكثف النظر إلى وسط المتطرفين، وأين يعملون، وأين يصلّون، والمدارس التي يذهب إليها أطفالهم، والمطاعم التي يأكلون فيها".
مع ذلك، تقول الحكومة إن الهيئات الإسلامية القائمة، ومنها "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" ومسؤولو المسجد الكبير في باريس، قد وافقوا على الحملة القمعية لما تعتبره السلطات اتجاهات متطرفة، دون إبداء انتقاد.
وقال ماكرون الأسبوع الماضي إن انتشار الاتجاهات الإسلامية المتطرفة كان نتيجة لفشل فرنسا في دمج أحفاد المهاجرين من المستعمرات العربية والإفريقية السابقة.