لم يستطع المصور السوري، أمير الحلبي، الذي يعمل مع وكالة AFP الفرنسية، إخفاء آلامه وهو يتحدث عن تجربته المرة، والاعتداءات التي تعرض لها على يد الشرطة الفرنسية، عندما خرج إلى جانب الآلاف لشوارع العاصمة الفرنسية من أجل الاحتجاج ضد مشروع قانون "الأمن العالمي".
ففي حديث له مع موقع Middle East Eyes البريطاني، الخميس 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، يُطل الألم جلياً من الابتسامة التي يحاول أمير الحلبي الحفاظ عليها، وهو يقول للموقع: "في هذه المرحلة ما زلت لا أعرف ما إذا كنت سأتقدم بشكوى، أحتاج إلى الراحة فأنا منهك".
مأساة مصور سوري
في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خرج المصور السوري في مسيرة ضد مشروع قانون "الأمن العالمي" في باريس مع زملائه وأصدقائه، كما يفعل في كل احتجاج آخر، لكن في نهاية اليوم اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة الفرنسية ومتظاهرين في ميدان الباستيل بالعاصمة.
كان الحلبي يلتقط صوراً عندما حاصره ضبَّاط شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يهاجمون المتظاهرين، وأمطروه بضربات الهراوات التي أصابت وجهه، وغطّته الدماء.
ثم هرع المسعفون المتطوعون الذين يعملون بشكل روتيني خلال المظاهرات لتقديم الإسعافات الأولية، لكنهم مُنعوا لمدة ساعتين في ساحة الباستيل، قبل أن يتمكنوا من نقل الحلبي إلى المستشفى.
وقال الحلبي لموقع Middle East Eye: "اشتريت خوذة وقناعاً واقياً من الغازات لحماية نفسي، لكن الشرطة صادرتهما خلال مظاهرة السترات الصفراء في العام الماضي. وليس لدي ما يكفي من المال لشراء أخرى جديدة، وحتى حادثة يوم السبت الماضي، لم أظن أن هذا يمكن أن يحدث في فرنسا فنحن بعيدون للغاية عن سوريا…"
ويجب أن يخضع الشاب البالغ 24 عاماً لمزيد من الفحوصات الطبية. يقول: "أنفي مكسور، لكن أكثر ما أعاني منه هو الصدمة النفسية".
رصاصتان في اليدين
كان الانتظار أسوأ شيء بالنسبة للحلبي، إذ يتذكر اليوم الذي أصيب فيه في مسقط رأسه حلب، شمال غربي سوريا، عام 2011، وكان يبلغ من العمر 15 عاماً في ذلك الوقت.
ويروي للموقع: "أصبت مرتين في يدي، ومنذ يوم السبت كنت أعيش هذا اليوم مجدداً باستمرار، وأعيد تخيل هذا الكابوس، لم أعد أستطيع النوم".
في ذلك الوقت، كان سكان حلب قد انضموا بسرعة إلى صفوف التمرد السلمي الذي كان قد بدأ لتوه في سوريا، لكن قوات الحكومة السورية كانت تطلق النار بالفعل على المتظاهرين لإخافتهم وإنهاء حركة الاحتجاج، وتصاعد القمع بسرعة، واندلعت حرب واسعة النطاق استمرت حتى يومنا هذا.
تحقيق في الواقعة
وبعد ساعات قليلة من انتشار صور وجه الحلبي النازف على الشبكات الاجتماعية، فتحت الشرطة الفرنسية تحقيقاً إدارياً لتحديد كيفية إصابة الصحفي.
فيما طالبت وكالة AFP الفرنسية، التي يعمل معها الحلبي بانتظام، بفتح تحقيق في الحادث. وذكرت وكالة الأنباء في بيان لها أن الحلبي "كان يمارس حقه القانوني باعتباره مصوراً صحفياً يغطي المظاهرات في شوارع باريس"، وأنه "كان مع مجموعة من الزملاء المعروف بوضوح أنّهم صحفيون".
وقد وصل المصور السوري إلى فرنسا في ربيع عام 2017، بعد أشهر قليلة من مغادرته حلب المحاصرة مع والدته وشقيقته في حافلة حكومية خضراء.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2016، بعد الاتفاق بين الثوَّار والحكومة السورية، التزمت السلطات بوضع برنامج إجلاء للمدنيين المحاصرين في آخر معقل للمعارضة بالمدينة.