بدأت بنغلاديش، الخميس 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، نقل أكثر من ألف لاجئ من الروهينغا إلى جزيرة باسان شار، التي تضربها أعاصير وفيضانات باستمرار، في عملية مثيرة للجدل تعتبرها الأمم المتحدة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان خطيرة.
ويعيش نحو مليون لاجئ من الروهينغا، الأقلية المسلمة المضطهدة في بورما، في شبكة من المخيمات البائسة في جنوب بنغلاديش.
ترحيل جماعي لأقلية الروهينغا
حسب تقرير لوكالة "أ.ف.ب" الفرنسية، الخميس، فإن نحو 922 من الروهينغا غادروا مخيمات كوكس بازار (جنوب شرق)، في حافلات متوجهة إلى ميناء تشيتاغونغ، قبل نقلهم إلى سفن تابعة للبحرية، الجمعة، في باسان شار في خليج البنغال.
في السياق نفسه، قال قائد شرطة المنطقة، أنور حسين، لوكالة فرانس برس إن "عشرين حافلة غادرت المكان في قافلتين، تُقل الأولى 423 راكباً في عشر حافلات، والثانية 499 في عشر باصات أخرى"، موضحاً أن حافلات أخرى تستعد للتحرك في وقت لاحق الخميس.
وقامت بَحْرية بنغلادش ببناء ملاجئ في الجزيرة لاستيعاب مئة ألف لاجئ على الأقل من الروهينغا، وسد لحمايتهم من الفيضانات.
كما يقول سكان الجزيرة إن المياه غمرت الجزيرة منذ بضع سنوات، وإن الأعاصير التي تضرب المنطقة بانتظام يمكن أن تتسبب في أمواج يبلغ ارتفاعها 4 أو 5 أمتار.
وكان مسؤولون ذكروا لوكالة فرانس برس أنه كان من المقرر توطين نحو 2500 لاجئ من الروهينغا في الجزيرة خلال المرحلة الأولى من الترحيل.
البعثة الأممية تشتكي المضايقات
من جانبه أكد مكتب الأمم المتحدة في بنغلاديش في بيان مقتضب، الخميس، أنه "لا يشارك" في عملية النقل هذه، التي تلقَّى "معلومات قليلة" بشأنها.
قال البيان إنه لم يُسمح للأمم المتحدة بإجراء تقييم مستقل "لأمن وجدوى واستمرارية" الجزيرة، مشدداً على أن اللاجئين "يجب أن يكونوا قادرين على اتخاذ قرار حر ومبني على الوقائع بشأن إعادة توطينهم".
كما شدد على ضرورة حصول اللاجئين فور وصولهم إلى الموقع على التعليم والرعاية الصحية، وأن يكونوا قادرين على المغادرة إذا رغبوا في ذلك.
وكالات الأمم المتحدة، بما فيها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية وبرنامج الغذاء العالمي، عبَّرت عن قلقها لحكومة بنغلاديش، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وقد رأت أن الجزيرة "معزولة" و"معرضة للفيضانات".
إذ صرح مسؤول في الأمم المتحدة لوكالة فرانس برس حينذاك أن "وكالات الأمم المتحدة لا تستطيع دعم عملية لا تملك معلومات تقنية عنها".
كما فر نحو 750 ألفاً من المسلمين الروهينغا الذين يشكلون أقلية مضطهدة في بورما في العام 2017، من عملية تطهير عرقي في غرب هذا البلد، قادها الجيش وميليشيات بوذية. وقد انضموا إلى مئتي ألف من الروهينغا الذين لجأوا من قبل إلى بنغلاديش بسبب موجات عنف سابقة.
"ضُرب بلا رحمة"
تقول منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" والعفو الدولية إن بعض اللاجئين يجبرون على الرحيل، لكن وزير خارجية بنغلاديش أبو الكلام عبدالمؤمن نفى الخميس ذلك، قائلاً لوكالة فرانس برس "إنها كذبة".
المنظمات نفسها أكدت أن "حكومة بنغلاديش قررت نقل حوالي 23 ألف أسرة متطوعة إلى باسان شار"، مضيفة أن هذا القرار اتُّخذ بسبب مخاطر الانهيارات الأرضية في المخيمات التي أقيمت على سفوح التلال "والمكتظة" بالسكان، وأصر على أن هؤلاء اللاجئين سيكونون في "وضع أفضل" على الجزيرة.
فيما كشف أفراد عائلة من الروهينغا في أوخيا، حيث يقع المخيم المؤقت لفرانس برس، الخميس، أنهم نزحوا قسراً.
وقالت صوفيا خاتون (60 عاماً) "ضربوا ابني بلا رحمة، وكسروا أسنانه حتى يوافق على الذهاب إلى الجزيرة". وأضافت وهي تبكي "جئت إلى هنا لرؤيته وعائلته ربما للمرة الأخيرة".
من جهته، جاء حافظ أحمد (17 عاماً) على أمل لقاء شقيقه وعائلته لتوديعهم. وقال "كان أخي مفقوداً خلال اليومين الماضيين، ثم علمنا أنه كان هنا قبل أن يغادر إلى الجزيرة". وتابع "لم يذهب إلى هناك بمحض إرادته".
وأدى التدفق الهائل للاجئين إلى إنشاء مخيمات تعاني من البؤس الذي تفاقم مع انتشار فيروس كورونا المستجد وسمح بازدهار تهريب المخدرات.
وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين عدد الروهينغا الذين يعيشون في بنغلاديش في مخيمات قريبة من الحدود مع بورما بـ860 ألفاً.
ولجأ نحو 150 ألفاً أيضاً إلى دول أخرى في المنطقة، بينما ما زال 600 ألف يعيشون في بورما.