تشارك الإمارات العربية المتحدة لأول مرة، هي وفرنسا، في مناورات "ميدوزا-10" المشترك بين القبارصة واليونانيين والمصريين، والتي ستجرى في الفترة الممتدة ما بين الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني والسادس من ديسمبر/كانون الأول قبالة ساحل الإسكندرية.
وفق تقرير لموقع Al Monitor الأمريكي، الخميس 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن الوجود الإماراتي يأتي بعد أقل من أسبوعين من عقد اتفاقية شراكة إستراتيجية مع اليونان في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، التي وصفها أحد أساتذة العلاقات الدولية بأنها "إنجاز كبير من وجهة نظر أثينا".
معاداة تركيا
تعد هذه هي المرة الأولى التي تبرم فيها أثينا اتفاقية ثنائية بهذا الحجم منذ الحرب العالمية الثانية، وما كانت لتقْدم على مثل هذه الاتفاقية لولا تركيا، فهو ترتيب يهدف إلى احتواء تركيا وإضفاء المصداقية على الاستراتيجيات الرادعة لكلا البلدين.
إذ تدعم الإمارات وجهة نظر اليونان تجاه تركيا، وقد تجلى هذا الدعم عندما أرسلت الدولة الخليجية طائرات مقاتلة إلى جزيرة كريت بعد صدام بين سفن حربية يونانية وتركية في شرق البحر المتوسط.
فيما يبدو أن المشاركة الإماراتية بمثابة توجيه رسالة وحدة قبل قمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول؛ لمناقشة العقوبات التركية.
كما تعزز الاتفاقية الإطار الثنائي لمزيد من التعاون الدفاعي بين البلدين، وتضفي الطابع المؤسسى لتمركز القوات العسكرية لدولة ما عند أراضي الدولة الأخرى، وهو أمر مهم للأغراض الدفاعية.
ولا نغفل وجود قاعدة تركية في قطر على أعتاب الإمارات. وعن طريق الاتفاقية، ستوسع الإمارات وجودها على أعتاب تركيا.
ما مصلحة الإمارات؟
تُعد تلك الاتفاقية هي الأولى من نوعها بين الدول التي تؤسس رسمياً آلية لتبادل المعلومات الاستخباراتية السرية.
إذ تتمثل السمة المميزة لهذا الاتفاق في بند الدفاع المشترك الذي تتعهد البلدان فيه بمساندة بعضهما بعضاً، في ضوء أي تهديد لسلامة أراضيهما من أي طرف ثالث.
رغم الاتفاقية، أكدت الإمارات اهتمامها بالابتعاد عن الصراع بين تركيا واليونان، فكلتاهما عضوة في حلف الناتو وتقع تحت حمايته، وليس من مصلحة الإمارات ولا سياستها التدخل في حرب بين البلدين.
موقف أنقرة
من جانبها، أبدت تركيا استعدادها للتفاوض مع اليونان دون شروط مسبقة. أما اليونان فتدرك ضرورة ترك الباب مفتوحاً، لكن يجب على تركيا أولاً أن توقف أنشطتها، مع تركيز المفاوضات فقط على الجرف القاري والنطاق المحيطي.
كما ترى تركيا أن هناك قائمة طويلة أخرى تجب مناقشتها؛ حتى لا تتسبب في قلقلة العلاقات الثنائية بين البلدين فيما بعد. وعليه، لا يُتوقع إجراء أي مناقشات عما قريب.
وفي سياق الاتفاقية الإماراتية اليونانية، هناك مجالان يجب وضعهما في الاعتبار لمزيد من التعاون الدفاعي ضد تركيا وهما: التدريب الفني، والتدريب على الطيران.
وتعمل أثينا حالياً مع إسرائيل لتطوير مركز تدريب في اليونان، يبدو بمثابة قناة منفصلة للتدريبات العسكرية الإماراتية الإسرائيلية المشتركة.
تحديات تواجه اليونان
فقد وضعت أثينا وأبوظبي بالفعل الأساس للفنيين الإماراتيين لتلقّي التدريبات على صيانة المقاتلات في مركز Armor Training باليونان. مع توقُّع مزيد من الاتفاقيات حول بناء مراكز تدريبية أخرى.
ستجلب تلك الخطوات بالطبع تحديات أمام اليونان، لاسيما أن صناعة الدفاع اليونانية صغيرة ولم تتعافَ منذ الأزمة المالية. وسيجري التدريب الفني عبر شركة Hellenic Aerospace Industry، لكن نظراً إلى مشكلات في الإدارة ومع الموظفين، باتت معرضة لخطر فقدان دورها بسلسلة التوريد. لكنه جارٍ تناول تلك القضايا ومعالجتها.
وفيما يتعلق بالدول التي تطلق على نفسها "التحالف المناهض لتركيا"، يتمثل التحدي الإستراتيجي في تحويل الشراكة السياسية التي تستهدف تركيا إلى علاقة ديناميكية أكبر تربط بين الاقتصادات وتدعم الاستثمار الإستراتيجي.
وثمة شكوك حول التزام الإمارات بالاستثمار في اليونان، فقد سبق أن ترددت كثير من الوعود والخطط التي لم تنفَّذ بعد. لكن الإمارات جادةٌ الآن، فهي تريد أن تطأ بقدمها البحر الأبيض المتوسط، ومع ترحيب اليونان بها، لا بد أن تغتنم الفرصة.