توقعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، الثلاثاء 1 ديسمبر/كانون الأول 2020، عودة الاقتصاد العالمي إلى مستويات ما قبل الجائحة بنهاية العام القادم، في وقت تسهم اللقاحات في تنشيط التعافي لكن النمو سيكون متفاوتاً على الأرجح.
فقد بثت مؤشرات على قرب توزيع لقاحات في غضون أسابيع تفاؤلاً حذراً في وقت بلغت حصيلة الوفيات بكوفيد-19 نحو 1,4 مليون، بعد أن كانت التوقعات جد متشائمة بشأن تعافي الاقتصاد العالمي، خاصة مع وصل الفيروس إلى ذروة انتشاره قبل أشهر.
مستقبل "أكثر إشراقاً" بوجود لقاح كورونا
إذ قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في المنظمة لورنس بون في تقديمها لتقرير المنظمة حول آفاق الاقتصاد العالمي: "للمرة الأولى منذ تفشّي الجائحة، هناك أمل بمستقبل أكثر إشراقاً".
كما أضافت أن "التقدم المحرز مع اللقاحات والعلاج أدى إلى رفع التوقعات وانحسار الإرباك". وأقرت بأن تدابير احتواء الفيروس ستكون ضرورية على الأرجح لأشهر قادمة. وقالت بون: "الطريق أمامنا أكثر إشراقاً، لكنه صعب".
فيما قدّرت المنظمة في توقعاتها الأخيرة تراجع الناتج العالمي بنسبة 4,2% بسبب أشهر من الإغلاق نجح في الحد من تفشي الفيروس، لكنه أوقف عجلة الاقتصاد العالمي.
بينما توقعت عودة الاقتصاد العالمي لتسجيل نمو بنسبة 4,2% بنهاية 2021. والتوقعات أكثر تواضعاً مقارنة بأرقام أيلول/سبتمبر، بعد فرض العديد من الدول قيوداً جديدة لإبطاء الجائحة.
إذ نسبت المنظمة التي تقدم المشورة لأعضائها البالغ عددهم 37 دولة بشأن تحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة العالمية، الانتعاش السريع إلى خطوات "غير مسبوقة" من حكومات وبنوك مركزية.
تصوُّر عن أزمة الاقتصاد العالمي 2020
فقد تنبأت معظم التوقعات الاقتصادية لعام 2020 بسنة من النمو الثابت، إن لم يكن بالنمو المتزايد، ولكنَّ تفشي الفيروس التاجي قلب الطاولة رأساً على عقب، وسبَّب صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي، فقد خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مؤخراً توقعاتها لنمو 2020 إلى النصف من 2.9% إلى 1.5%.
من الممكن هنا، تحديد الأسباب التي تضرب الاقتصاد العالمي في الصميم بسبب فيروس كورونا، أولها تعليق رحلات السفر من شركات الطيران وإغلاق المطارات والحدود بين الدول، وكذلك الصعود والهبوط في الدولار والذهب والأسهم، وتعطُّل عمل آلاف المصانع والشركات، فضلاً عن المليارات التي تنفقها الدول في سبيل مواجهة التفشي، كما أن هنا صراعاً في الأسعار بين روسيا والسعودية بسوق النفط.
هذه الأزمة ستتسبب في كوارث حقيقية، فهناك نحو 25 مليون شخص حول العالم سيفقدون وظائفهم بسبب كورونا، وقد يغلَق ما يصل إلى نحو 50 مليون وظيفة من جراء تفشي هذا الوباء وانتشاره عالمياً، بحسب آخر تقرير للأمم المتحدة.
زيادة كبيرة في نسب البطالة المقنعة
من المتوقع أن نشهد زيادة كبيرة في البطالة المقنعة، حيث تعمل كثير من الشركات الآن على تخفيضات في ساعات العمل وفي الأجور، كما أنَّ تراجع التوظيف يعني أيضاً خسائر كبيرة في دخل العاملين، تقدَّر بين 860 مليار دولار أمريكي و3.4 تريليون دولار مع نهاية عام 2020، وهو ما يعني انخفاضاً في استهلاك السلع والخدمات.
إذ تقدر منظمة العمل الدولية أن ما بين 8.8 مليون و35 مليون شخص إضافي من العاملين بالعالم سيعيشون في فقر، مقارنة بالتقدير الأصلي لعام 2020، "14 مليوناً في جميع أنحاء العالم"، وذلك بسبب توقعات زيادة عدد العاملين الفقراء.
من جهته، قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الأسبوع الماضي إن شركات الطيران في سبيلها لخسارة إجمالية 157 مليار دولار في العامين الحالي والمقبل، لتزيد توقعاتها للقطاع خفضاً على خلفية الموجة الثانية من إصابات فيروس كورونا وإجراءات عزل طالت الأسواق الكبرى.
كان الاتحاد توقع في يونيو/حزيران الماضي أن تبلغ الخسائر 100 مليار دولار خلال العامين، لكنه صار يتوقع عجزاً 118.5 مليار في العام الجاري فقط و38.7 في عام 2021.
بينما قالت صحيفة The New York Times الأمريكية: علاوة على كل شيء، فالجائحة هي حالة طارئة في الصحة العامة. لذا فطالما ظل التفاعل بين البشر خطراً سيبقى من الصعب على الأعمال أن تعود إلى طبيعتها نظراً لمسؤوليتها. وما كان طبيعياً من قبل قد لا يكون على الشاكلة نفسها في ما بعد. قد يكون الأشخاص أقل ميلاً إلى التكدس في مطعم مزدحم أو حفلة موسيقية حتى بعد احتواء الفيروس.
يهدد التعليق المفاجئ للنشاط التجاري بخسائر اقتصادية فورية جمة ومستمرة في كل مناطق العالم قد يستغرق التعافي منها سنوات. تهدد خسائر الشركات، وكثير منها غارق في الديون بالفعل، بتحفيز أزمة مالية كارثية الأبعاد.