قال تقرير نشرته صحيفة Washington Post الأمريكية إن معدَّلات الانتحار بين الشابات زادت بشكلٍ ملحوظ في اليابان وكوريا الجنوبية، مِمَّا زاد من الاعتقاد بأن هناك روابط مُحتَمَلة بأن جائحة فيروس كورونا المُستجَد تصعِّد من مستويات التوتُّر والكرب، وتُفاقِم من حِدَّة الشعور بالوحدة والعزلة.
ليس هناك دراساتٌ عالمية شاملة حتى الآن حول ما إذا كانت الجائحة قد تسبَّبَت في ارتفاع عدد حالات الانتحار أو كيف أثَّرَت على مُختَلَف الأجناس والفئات العمرية. لكن اليابان وكوريا الجنوبية من بين الدول القليلة التي تصدر بياناتٍ حالية عن حالات الانتحار، في حين تستغرق معظم الدول عاماً أو عامين لإصدار إحصاءاتها الخاصة. ويشعر الخبراء بالقلق من أن الاتجاهات الناشئة في البلدين يمكن أن تكون إنذاراً مُبكِّراً لبقية العالم، حيث تؤثِّر الجائحة وعمليات الإغلاق على الصحة النفسية.
توصَّلَت الأبحاث التي أجرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في الصيف الماضي، إلى أن 1 من كلِّ 10 مشاركين قد فكَّر جدياً في الانتحار في الشهر السابق على إجراء الأبحاث، وهو ضعف المعدَّل الذي لوحِظَ في العام 2018. وكان المعدَّل لدى أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في الاستطلاع هو 1 من كلِّ 4. وهناك أيضاً بعض الأدلة على ارتفاع معدَّل حالات الانتحار بين أفراد الجيش الأمريكي.
في بريطانيا أيضا وَجَدَت دراسةٌ أصدرتها المجلة البريطانية للطب النفسي، الشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول، أن أفكار الانتحار زادت خلال الأسابيع الستة الأولى من الإغلاق، وكان النساء والشباب هم الأكثر عرضةً لهذه الأفكار.
إحصاءات حكومية قالت إن إجمالي حالات الانتحار في اليابان ارتفعت إلى 2153 حالة في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أعلى عدد شهري منذ أكثر من خمس سنوات، مع زيادةٍ أكبر بين النساء. وأظهرت تقارير أنه بين شهريّ يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، انتحَرَت 2810 نساء يابانيات على الأقل، أي أكثر بنسبة 41% من النساء اللواتي انتحرن في الفترة نفسها من العام الماضي، وكان عددهن 1994. وتُظهِر البيانات الأوَّلية حسب الفئة العمرية الارتفاع الأكبر بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 29 عاماً.
لدى اليابان بالفعل أعلى معدَّل انتحارٍ بين مجموعة الدول الصناعية السبع- قبل الولايات المتحدة مباشرةً- وهي الدولة الوحيدة بين الدول السبع التي يُعتَبَر فيها الانتحار السبب الرئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً، بحسب إحصاءات وزارة الصحة اليابانية.
أما كوريا الجنوبية، فلديها معدَّل انتحار أعلى من اليابان، إذ بلغت الوفيات الناجمة عن الانتحار ذروتها بنحو 16 ألفاً عام 2011، وهو أعلى معدَّل بين الدول الصناعية. وفي حين تُظهِر الأرقام الإجمالية انخفاضاً في حالات الانتحار هذا العام، فقد حدثت زيادةً بنسبة 43% في حالات الانتحار بين النساء في العشرينيات من أعمارهن في النصف الأول من عام 2020، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
في اليابان، تدفَّقَت اتصالات المراهقين والشابات بخطوط المساعدة الخاصة بالانتحار، وطلبوا المساعدة على منصة تويتر وفي المنتديات وعبر الإنترنت.
يوكي نيشيمورا، من الرابطة اليابانية لخدمات الصحة النفسية قال إن فرصة وصول المتصل إلى الخط الساخن تبلغ حوالي 40% فقط.
أما جيرو إيتو، رئيس منظمة OVA غير الربحية المعنية بمحاولة منع الانتحار، فقال إن الأشخاص الذين يصلون إلى خط المساعدة الخاص بمنظمته لديهم في الأغلب شيءٌ واحدٌ مشترك، ألا وهو الوحدة.
وقال: "في ظلِّ جائحة فيروس كورونا المُستجَد، أصبح لدينا قدرٌ أقل من التواصل وفرصٌ أقل للتحدُّث مع الناس". وأضاف: "إذا كان لديك عائلة، فإنك تقضي المزيد من الوقت معهم، وإذا كنت تحظى بعلاقةٍ جيِّدة مع عائلتك، فسوف تكون سعيداً. لكن إن لم يكن لديك علاقةٌ جيِّدة وأنت معزولٌ عن العالم الخارجي، فهذا من شأنه أن يولِّد لديك شعوراً بالوحدة والتوتُّر".
وشكَّل الرجال 70% من حالات الانتحار البالغة 20169 حالة في اليابان العام الماضي.