مخاوف من ردود فعل إيرانية “متهورة”.. مقتل فخري زادة يشعل أزمة، وترقب لموقف بايدن

عربي بوست
تم النشر: 2020/11/28 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/28 الساعة 06:43 بتوقيت غرينتش
مرشد الجمهورية الإيرانية خامنئي وبجواره حسن روحانيlرويترز

أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الجمعة 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن هناك "مؤشرات خطيرة على دور إسرائيلي" في اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زادة، داعياً الدول الغربية إلى أن "تنهي معاييرها المزدوجة المخجلة، وأن تدين هذا العمل الذي عدَّه "إرهاب دولة". 

تصريحات الوزير الإيراني جاءت بعد مقتل العالم الإيراني محسن فخري زادة، الذي كان الغرب يشتبه منذ فترة طويلة بأنه العقل المدبر لبرنامج سري لقنبلة نووية، في كمين قرب طهران، مساء الجمعة 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ما قد يُفجر مواجهة بين إيران وخصومها في الأسابيع الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة.

كما يخشى أيضاً أن يؤدي مقتل فخري زادة، الذي قالت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إنه فارق الحياة في المستشفى بعد أن أطلق عليه مسلحون النار في سيارته، إلى تعقيد أي جهد يبذله الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، لإحياء الوفاق الذي كان بين طهران وواشنطن خلال رئاسة باراك أوباما.

رسالة للأمم المتحدة: طهران من جانبها وجهت رسالة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي، قالت فيها إنها ترى "مؤشرات خطيرة عن ضلوع إسرائيل" في اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زادة، وإنها تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها.

فيما قال مندوب إيران في الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، في الرسالة التي اطلعت عليها رويترز "إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحتفظ بحقوقها في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن شعبها وتأمين مصالحه، وتحذر من أي إجراءات أمريكية وإسرائيلية متهورة ضد بلادي، خاصة خلال الفترة المتبقية للإدارة الأمريكية الحالية".

تهديد لإسرائيل وصمت دولي: وقد سبق أن أشارت إيران بإصبع الاتهام إلى إسرائيل، مع ما يتضمنه ذلك من أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ترامب بارَكَ عملية القتل.

حيث قال حسين دهقان، المستشار العسكري للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي: "سنضرب مثل البرق قتلة هذا الشهيد، وسنجعلهم يندمون على فعلتهم".

كما أضاف "في الأيام الأخيرة من الحياة السياسية لحليفهم (ترامب) يسعى الصهاينة إلى تكثيف الضغط على إيران وإشعال فتيل حرب شاملة".

من جانبه، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الجمعة، إن الرد على اغتيال العالم الإيراني بيد إيران، مضيفاً في مقابلة مع تلفزيون المنار "نحن ندين هذا الاعتداء الآثم، ونرى أن الرد على هذه الجريمة هو بيد المعنيين بإيران، ولكن هو عنوان شرف وكرامة، ونحن لا تهزنا الاغتيالات".

وأفادت قنوات على تطبيق تليغرام للتراسل المشفر، يُعتقد أنها قريبة من الحرس الثوري الإيراني، أن أعلى هيئة أمنية، المجلس الأعلى للأمن القومي، عقد اجتماعاً طارئاً مع كبار القادة العسكريين.

فيما خيّم الصمت على عواصم الدول، فقد رفضت إسرائيل التعليق، وفي الولايات المتحدة رفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية التعليق، ورفض فريق بايدن الانتقالي التعليق.

لكنّ متحدثاً باسم الأمم المتحدة قال إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش دعا إلى ضبط النفس، وتجنب أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد التوتر.

اغتيال عالم: ولطالما وصفت أجهزة المخابرات في إسرائيل ودول غربية فخري زادة بأنه قائد برنامج سري للقنبلة الذرية، توقف في عام 2003، وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة طهران بمحاولة إعادة تشغيله في السر. وتنفي إيران منذ فترة طويلة أنها تسعى لإنتاج أسلحة نووية.

وقالت القوات المسلحة الإيرانية في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية "للأسف.. لم يتمكن الفريق الطبي من إنعاشه، وقبل دقائق حقق هذا المدير والعالم أعلى مراتب الشهادة بعد سنوات من الجهد والنضال".

كانت وكالة أنباء تسنيم، شبه الرسمية، قالت في وقت سابق إن "إرهابيين فجروا سيارة أخرى"، قبل أن يطلقوا النار على سيارة تُقل فخري زادة وحرّاسه في كمين خارج العاصمة.

وفي أعقاب ذلك، قال شهود إن ثمة وجوداً مكثفاً لقوات الأمن التي أوقفت السيارات في طهران فيما يبدو للبحث عن القتلة.

تدمير لجهود بايدن: ترامب، الذي خسر محاولته لإعادة انتخابه، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، وسيترك منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، سبق أن اتهم إيران مراراً بالسعي سراً لامتلاك أسلحة نووية. كما سحب الولايات المتحدة من اتفاق رُفعت بموجبه عقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي.

على الطرف الآخر، قال الرئيس المنتخب جو بايدن، إنه سيعاود الانضمام للاتفاق رغم أن محللين يقولون إن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها، وإن كلاً من الطرفين سيطلب ضمانات.

وقال روبرت مالي الذي عمل مستشاراً لأوباما في الملف الإيراني، ويقدم المشورة بشكل غير رسمي لفريق بايدن، إن قتل فخري زادة يأتي في إطار سلسلة من التحركات التي تمت خلال الأسابيع النهائية في ولاية ترامب، وتهدف إلى زيادة صعوبة مهمة بايدن المتعلقة بإعادة التواصل مع إيران.

وتابع قائلاً "أحد الأهداف هو ببساطة إلحاق أكبر ضرر ممكن بإيران اقتصادياً وببرنامجها النووي، بينما يمكنهم ذلك، والهدف الآخر هو تعقيد مهمة بايدن المتعلقة باستئناف المساعي الدبلوماسية والعودة للاتفاق النووي"، مشيراً إلى أنه لا يقصد بذلك إطلاق تكهنات بشأن الجهة المسؤولة عن عملية الاغتيال اليوم الجمعة.

وأكد مسؤول أمريكي في وقت سابق هذا الشهر، أن ترامب سعى للحصول على خطة من مساعدين عسكريين لتوجيه ضربة محتملة لإيران، لكنه عدل عن هذا القرار آنذاك، بسبب خطر نشوب صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.

وفي يناير/كانون الثاني، قتلت ضربة أمريكية بطائرة مسيرة في العراق قاسم سليماني، أقوى قائد عسكري في إيران. وردت إيران على هذا الهجوم بإطلاق صواريخ على قاعدة أمريكية في العراق، الأمر الذي وضع الخصمين على شفا حرب.

وقال السيناتور الأمريكي كريس ميرفي، أكبر عضو ديمقراطي في اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط في مجلس الشيوخ الأمريكي، على تويتر "هذا الاغتيال لا يجعل أمريكا أو إسرائيل أو العالم أكثر أماناً".

"تذكّروا هذا الاسم": يُعتقد أن فخري زادة، الذي لم يكن له ظهور علني، ترأس ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأجهزة المخابرات الأمريكية أنه برنامج أسلحة نووية منسق في إيران، لكن تم وقف العمل بالبرنامج في 2003.

كان فخري زادة العالم الإيراني الوحيد الذي ورد اسمه في "التقييم النهائي" للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2015، للأسئلة المفتوحة حول برنامج إيران النووي. وقال تقرير الوكالة إنه أشرف على أنشطة "لدعم عسكري محتمل لبرنامج (إيران) النووي".

كان فخري زادة شخصية محورية في عرض قدمه نتنياهو في 2018، متهماً إيران بمواصلة السعي لامتلاك أسلحة نووية، حيث قال آنذاك "تذكروا هذا الاسم.. فخري زادة" وهو يعرض صورة نادرة له.

وقال مايكل مولروي، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأمريكية في إدارة ترامب، إن فخري زادة كان أكبر عالم نووي إيراني، وإن قتله سيعد انتكاسة تعرقل برنامجها النووي. وأضاف أن مستويات التأهب في الدول التي يمكن أن تنفذ فيها إيران رداً انتقامياً يجب أن ترفع على الفور.

يشار إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة من رئاسة ترامب، كانت إسرائيل تصنع السلام مع دول الخليج العربية التي تشاركها العداء تجاه إيران.

حيث قال مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو سافر في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى السعودية، والتقى مع ولي عهدها، في أول زيارة يتم تأكيدها علناً. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو انضم إليهما.

وقبل أن ترد الأنباء عن الهجوم على فخري زادة، اليوم الجمعة، قال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل تناقش مع دول الخليج العربية كيفية التعامل مع إيران.

حيث قال تساحي هنجبي وهو عضو في الحكومة الأمنية المصغرة لإذاعة 102 في تل أبيب "القصة ليست ترامب ولا حتى إسرائيل. القصة هي إيران.. الخوف المتزايد من عودة إدارة أمريكية جديدة إلى الاتفاق النووي الذي يهدد وجود دول الخليج".

وأضاف "سنعرف كيف نتعامل مع موضوع التهديد الإيراني حتى لو بوسائلنا الخاصة".

تحميل المزيد