هدَّدَ زوجان مسلمان يقيمان في لندن، وكانا يستخدمان أحد أشهر تطبيقات الصلاة في العالم، Muslim Pro، باتِّخاذ إجراءٍ قانوني ضد الشركة بعد أن تبيَّن أن بيانات مستخدمي تطبيق Muslim Pro قد انتهى بها الأمر مع أطرافٍ ثالثة، بما فيها مقاولون عسكريون والجيش الأمريكي.
موقع Middle East Eye البريطاني أشار، الجمعة 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إلى أنه في وقتٍ سابق من الشهر الجاري، نوفمبر/تشرين الثاني، كُشِفَ عن أن تطبيق Muslim Pro يبيع بيانات مستخدميه إلى شركة تكنولوجيا تحديد مواقع تسمى X-Mode، قيل إنها قامت بعد ذلك ببيع المعلومات إلى أطرافٍ مهتمة بهذه البيانات.
انتهاك للخصوصية وبيع للبيانات
وجَّهَت نجاح المجاهد وبراء شعبان، يوم الاثنين 23 نوفمبر/تشرين الثاني، خطاباً قانونياً يهدِّدان فيه باتِّخاذ إجراءٍ قانوني بشأن إساءة استخدام بيانات موقعهما بعد سماعهما عن انتهاكٍ واضح للخصوصية.
بعد الكشف الذي نشره موقع Motherboard التابع لمجلة Vice الأمريكية، أعلن تطبيق Muslim Pro أنه قَطَعَ جميع علاقاته مع شركة X-Mode.
يُطلَق على تطبيق Muslim Pro لقب "التطبيق الإسلامي الأكثر شعبيةً في العالم"، ووفقاً لموقعه على الإنترنت فقد نُشِرَ أكثر من 95 مليون مرة في 200 دولة.
إذ يتيح تطبيق Muslim Pro لمستخدميه التحقُّق من مواقيت الصلاة، ويُظهِر اتجاه القبلة. ويمكن أيضاً استخدام التطبيق لقراءة آيات القرآن والأدعية الإسلامية.
معلومات "حساسة يقدمها تطبيق Muslim Pro "
في خطابٍ قانوني اطَّلَعَ عليه موقع Middle East Eye البريطاني، قال محامو الزوجين إن نجاح وبراء، قلقون للغاية من أن تطبيق Muslim Pro ليس لديه أساسٌ قانوني للتعامل مع بياناتهم الشخصية بهذه الطريقة، وأن الزوجين لم يوافقا على مشاركة بياناتهما مع أطرافٍ ثالثة غير مُحدَّدة.
جاء في الخطاب: "أكثر ما يثير القلق هو أنهما بالتأكيد لم يوافقا على معالجة بياناتهما بطريقةٍ تنطوي على مخاطر، أو نقلها إلى أيِّ طرفٍ ثالث له روابط بوكالاتٍ أمنية أو وكالات إنفاذ القانون مثل الجيش الأمريكي".
كما أثارت نجاح وبراء أيضاً مخاوف بشأن جمع البيانات في التطبيق نظراً لطبيعة وظيفتهما الحسَّاسة في الدبلوماسية وحقوق الإنسان الدولية، والتي تتطلَّب أحياناً السفر إلى دولٍ يُحتَمَل أن تكون خطرةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
فيما قالا لموقع Middle East Eye: "كلانا يعمل في مجال حقوق الإنسان، وسافرنا بانتظامٍ إلى الشرق الأوسط للقيام بعملنا".
أضافا: "كنَّا قلقين للغاية من أن الملايين من مُستخدمي تطبيق Muslim Pro، مثلنا، ليس لديهم أدنى فكرة عن أن بيانات الموقع الخاصة بنا قد تمر عبر شبكةٍ مشبوهة من الوسطاء إلى الجيش الأمريكي".
خاصة أنها دائمة التنقل
براء شعبان هو خبيرٌ يمني عمل مُحقِّقاً في مجال حقوق الإنسان مع منظمة Reprieve غير الحكومية، وكان سابقاً يشغل منصب المستشار السياسي للسفارة اليمنية في لندن.
أما نجاح، فهي مستشارةٌ للدمج والحماية والنوع الاجتماعي لمنظمة الإغاثة الإسلامية الخيرية ومقرها المملكة المتحدة.
قالا للموقع البريطاني: "الأمر يتعلَّق بالثقة، هل تريد أن يتتبَّع الجيش الأمريكي تحرُّكاتك؟"، وأضافا: "تخيَّل للحظة أننا كنَّا نلتقي بمصادر حسَّاسة -نشطاء ديمقراطيين أو أشخاص يقدِّمون معلوماتٍ عن هجوم بطائرةٍ مُسيَّرة- أو نعمل على قضايا مع أشخاصٍ لا يريدون أن تعرف الحكومة مكان وجودهم".
كما تابعا أنه نحن من اليمن، حيث ساهمت الولايات المتحدة للأسف في معاناة شعبنا خلال حربها المُضلِّلة على الإرهاب لسنواتٍ عديدة. ولكن حقيقة أن هذا كان يحدث دون علمنا تجعلنا نتساءل أيضاً عمَّن سُمِحَ له أيضاً بإخضاع هواتفنا له من خلال التطبيق.
التطبيق لم يحترم المشتركين
ذَكَرَ محامو الزوجين أيضاً أن سياسة الخصوصية في تطبيق Muslim Pro لا تشير إلى إمكانية مشاركة بيانات المستخدم مع شركة X-Mode أو شركاتٍ أخرى مماثلة.
كما قالوا إنه نظراً للطبيعة الحسَّاسة للغاية للبيانات الشخصية التي يجري مشاركتها، وإمكانية نقلها في نهاية المطاف إلى جهات إنفاذ القانون و/أو الوكالات الأمنية، كان من واجب التطبيق أن يصف صراحةً طبيعة ترتيبات مشاركة البيانات هذه في سياسة الخصوصية الخاصة به.
فيما طَلَبَ الزوجان أيضاً معرفة الأغراض التي من أجلها يقوم تطبيق Muslim Pro بمشاركة بياناتهما الشخصية وكيف تتَّخِذ الشركة خطواتٍ لاسترداد تلك البيانات.
بينما طَلَبَ محامو الزوجين من الشركة توضيح كيفية معالجتهم لبيانات الأشخاص وأسماء جميع المستلمين الخارجيين الذين كُشِفَ بيانات المستخدمين لهم، وكذلك التاريخ الذي بدأ فيه التطبيق مشاركة هذه البيانات مع أطرافٍ ثالثة.
بعد تقرير موقع Motherboard، الذي أظهَرَ أن الجيش الأمريكي قد اشترى بيانات موقع لملايين المسلمين عبر العالم، نشر المستخدمون مراجعاتٍ سلبية على التطبيق وأثاروا ضجةً على الإنترنت بشأنه.
"التطبيق الإسلامي الأكثر شهرة!"
هو الوصف الذي يصف به نفسه موقع Muslim Pro، ويتضمن أيضاً مقاطع وقراءات صوتية من القرآن.
وفقاً لمتجر Google Play، تجاوز عدد مرات تحميل تطبيق Muslim Pro أكثر من 50 مليون مرة في جميع أنحاء العالم على أجهزة أندرويد، وأكثر من 95 مليون مرة على منصات أخرى بما في ذلك iOS، وفقاً لموقع Muslim Pro.
فيما لم يكن بعض مطوري التطبيق، الذين تحدثت إليهم مجلة Motherboard، على دراية بمن تصل إليهم بيانات مواقع مستخدميهم في النهاية.
كما تواصل موقع Middle East Eye مع Muslim Pro للتعليق، لكن لم يتلقَّ رداً حتى وقت النشر.
شركة X-Mode تبيع بيانات مواقع المستخدمين من هواتف أمريكية
هناك تطبيق آخر توصلت مجلة Motherboard إلى أنه أرسل بيانات خاصة بالمستخدمين إلى X-Mode وهو Muslim Mingle، وهو تطبيق مواعدة وصل عدد مرات تحميله إلى أكثر من 100000 مرة.
لاحظت مجلة Motherboard أنَّ العديد من مستخدمي التطبيقات المتورطة في سلسلة إمداد البيانات كانوا مسلمين، وهي إشارة جديرة بالاهتمام بالنظر إلى عقود من الحرب الأمريكية على البلدان ذات الأغلبية المسلمة، بما في ذلك أفغانستان والعراق وباكستان.
في هذا السياق، صرَّح السيناتور رون وايدن، لمجلة Motherboard، بأنَّ شركة X-Mode كانت تبيع بيانات مواقع المستخدمين المُجمَّعة من هواتف أمريكية إلى عملاء من الجيش الأمريكي.
أضاف السيناتور: "في مكالمة مع مكتبي في سبتمبر/أيلول، أكد محامو وسيط البيانات X-Mode Social أنَّ الشركة تبيع البيانات التي جُمِعَت من هواتف في الولايات المتحدة للعملاء العسكريين الأمريكيين، عبر مقاولي الدفاع. وأشارت الشركة إلى اتفاقيات سرية في رفضها تحديد هوية متعهدي الدفاع أو الوكالات الحكومية التي تشتري البيانات منها".
في مقابلة مع شبكة CNN في أبريل/نيسان، قال الرئيس التنفيذي لشركة X-Mode، جوشوا أنتون، إنَّ الشركة تتعقب 25 مليون جهاز داخل الولايات المتحدة كل شهر، و40 مليوناً في أماكن أخرى، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية ومنطقة آسيا والمحيط الهادي.
كما أخبر كريس هوفناغل، مدير هيئة التدريس في مركز بيركلي للقانون والتكنولوجيا، موقع Motherboard أنه بينما تضمن تطبيق Muslim Pro معلومات حول الخصوصية في بيانات الكشف عن المعلومات الخاصة بالمستخدمين، فإنَّ العديد منهم سيشعرون بالقلق من فكرة بيع بياناتهم للجيش الأمريكي.
وفقاً لمجلة Motherboard، اشترت قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، وهي فرع من الجيش مُكلَّف بمكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد والاستطلاع الخاص، صلاحية الوصول إلى Locate X للمساعدة في عمليات القوات الخاصة في الخارج.
أما الطريقة الثانية للحصول على البيانات فتضمنت شركة تسمى X-Mode، التي تحصل على بيانات الموقع مباشرة من التطبيقات، ثم تبيع تلك البيانات للمقاولين، وبالتالي إلى الجيش الأمريكي.