أثارت الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، لتركيا، الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كثيراً من الجدل بعد أن اكتفى المسؤول الأمريكي بلقاء الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذكس بالعالم في إسطنبول، مِمَّا أثار انتقاداتٍ لعدم مقابلته مسؤولي الدولة قبل مغادرة البلاد.
إذ زار بومبيو، البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، زعيم ما يقرب من 300 مليون مسيحي أرثوذكسي، والذي قال بومبيو عنه في تغريدةٍ نشرها الثلاثاء، إنه "شريكٌ أساسي" في جهود "مناصرة الحريات الدينية حول العالم".
زيارة مثيرة للجدل: قبل الزيارة، أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً أدانت فيه زيارة بومبيو بوصفها "غير ذات صلة"، مشيرةً إلى أن الحريات الدينية للمواطنين الأتراك محميَّةٌ بموجب القانون، وفي المقابل حثَّت المسؤول الأمريكي على "النظر في المرآة" ورؤية حوادث العنصرية والإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية في بلده.
فيما قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية، إن مشكلاتٍ تتعلَّق بجدولة المواعيد هي ما مَنَعَت بومبيو من مقابلة مسؤولي الدولة في تركيا خلال زيارته يوم الثلاثاء. وفي إحاطةٍ إعلامية يوم الإثنين الماضي، قال مسؤولٌ إن رحلة بومبيو ضيقة الوقت ولم تسمح له بزيارة نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، في أنقرة، لكنه "منفتحٌ على مقابلة أيِّ مسؤولين أتراك" بإسطنبول.
كما تأتي زيارة بومبيو في ظلِّ توتُّراتٍ بين واشنطن وأنقرة بشأن العقوبات الأمريكية التي تلوح في الأفق وخطوات تركيا في ليبيا وشرق البحر المتوسط، ومؤخَّراً في القوقاز.
إذ قال بومبيو، مُتحدِّثاً من باريس، يوم الإثنين 16 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الإدارة الأمريكية ستحتاج العمل مع الشركاء الأوروبيين، للتعامل مع التدخُّلات التركية في المنطقة.
فيما قال مُحلِّلون يتابعون العلاقات الأمريكية التركية، إن أفعال بومبيو يُقصَد بها على الأرجح الجمهور الأمريكي، بينما يستعد لمسيرةٍ سياسية خارج البيت الأبيض بعد هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات في وقتٍ سابق من الشهر الجاري.
بومبيو "تجاهل" المعايير الدبلوماسية: قال سونر جاغابتاي، مدير البرنامج البحثي التركي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، لموقع Al-Monitor الأمريكي، في إشارةٍ إلى الشائعات بأن بومبيو يفكِّر في الترشُّح لمجلس الشيوخ بولاية كانساس الأمريكية: "إنه يتحوَّل من الوزير بومبيو إلى المُرشَّح بومبيو لمجلس الشيوخ، خاصةً في ضوء زيارته لتركيا".
في إشارةٍ إلى أن تركيا "مجتمعٌ شديد الوعي بالبروتوكولات"، قال جاغابتاي إن ما فعله بومبيو يتجاهل المعايير الدبلوماسية، ومن المُحتمَل أن يُنظَر إلى ذلك باعتباره عدم اهتمام بمقابلة مسؤولي أنقرة.
جاغابتاي أضاف في حديثه لموقع Al-Monitor: "إنه لمن غير المقبول على الإطلاق، في السياق السياسي والثقافي التركي، أن يسافر وزير خارجية من العاصمة إلى مدينةٍ أخرى لزيارة نظيره".
كما ردَّدَ أوزجور أونلوهيسارجيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة، الأمر نفسه، قائلاً إن بومبيو كان بإمكانه زيارة إسطنبول وأنقرة الثلاثاء، لكن من الواضح أنه اختار العكس.
قال أونلوهيسارجيكلي: "يرغب الوزير بومبيو، القادم من الحزب الجمهوري، في أن يناشد الفئات الدينية من الناخبين. وبالتالي، أعتقد أن زيارة البطريرك وعدم زيارة أنقرة ستخدمانه جيِّداً في السياسة الأمريكية الداخلية". وأضاف: "إنها سياسة أمريكية محلية بحتة".
أوغلو رفض لقاء بومبيو: من جهة أخرى، قالت صحيفة "خبر تورك" قبل زيارة بومبيو، إنه إن لم تحصل تغيرات بالبرنامج المعتمد في اللحظة الأخيرة، فإن الزيارة ستكون مقتصرة على زيارة كنيسة بطريركية الروم الأرثوذكس، ولن تشمل أي لقاءات رسمية مع المسؤولين الأتراك.
وأضافت أن بومبيو طلب من نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، لقاءه في إسطنبول، ولكن الوزير التركي رفض اللقاء، بسبب أسلوب بومبيو المتعالي. كما أن بومبيو طلب موعداً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن كان في إسطنبول، فكان الرفض أيضاً، بسبب أسلوب بومبيو المتعالي في طلب اللقاء، وحصر الجانب التركي اللقاء في العاصمة أنقرة.
بومبيو "الرافض لفوز بايدن"، حطّ في باريس بجولة خارجية تشمل 7 دول،
ولفتت الصحيفة إلى أن أردوغان يجري عادةً اللقاءات في إسطنبول، ولكن أسلوب بومبيو جعله يرفض اللقاء، حيث يزور تركيا من دون لقاء المسؤولين في أنقرة.
في وقت أكدت فيه الصحيفة أن أنقرة أيضاً غير متحمسة للقاء، بسبب بدء مرحلة الانتقال إلى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، وبدء إجراء الاتصالات في هذا الإطار مع الفريق الانتقالي، ورغم ذلك أكدت الصحيفة أن اللقاءات قد تجرى في آخر لحظة.
في مقابل ذلك، ذكرت مصادر إعلامية أخرى أنَّ سبب حصر الزيارة بالكنيسة يعود لخطط بومبيو المستقبلية، ومساعيه للحصول على دعم الكنيسة.