كشف موقع Middle East Eye البريطاني أن الأمير تركي الفيصل، أحد كبار أفراد العائلة المالكة السعودية، حذَّر من عودة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران، وقال إن ذلك من شأنه أن "يهدد استقرار المنطقة.
كما هاجم الأمير السعودي وفق ما ذكره الموقع البريطاني، الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، منتقدي المملكة الأمريكيين، مشيراً إلى أن الأولى بهم القلق بشأن قضايا حقوق الإنسان في بلادهم.
الضغط السعودي لمنع العودة للاتفاق النووي: بحسب الموقع البريطاني فإن تركي الفيصل بدا وكأنه يضغط استباقياً على سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن المتوقعة، فعمد يوم الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى حثَّ الإدارة الديمقراطية على عدم العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، الذي كانت إدارة ترامب قد أعلنت انسحاب الولايات المتحدة منه.
جاء ذلك خلال خطابه أمام "المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية"، وهي جماعة ضغط (لوبي) مقرها واشنطن، إذ حذر الأمير تركي من أن عودة الولايات المتحدة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA) بين إيران والدول الكبرى يضر باستقرار المنطقة".
وكان الاتفاق متعدد الأطراف قد تضمّن تقليص إيران لبرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عن اقتصادها، إلا أن الرئيس ترامب خرج على الاتفاق في مايو/أيار 2018.
أما الرئيس المنتخب بايدن، فكان قد تعهّد بالعودة إلى الاتفاق والالتزام به مرة أخرى إذا عادت إيران إلى الامتثال الكامل ببنود الاتفاق، ولبدء محادثات بشأن قضايا أوسع نطاقاً.
تعريض واشنطن "للابتزاز": لكن الأمير تركي قال إنه يجب إجراء مفاوضات شاملة قبل الرجوع مرة أخرى إلى مقتضيات خطة العمل الشاملة المشتركة.
إذ أوضح الأمير السعودي: "في حين نتطلع جميعاً إلى عودة إيران كدولة طبيعية مسالمة داخل المجتمع الدولي، فإن تجربة الأربعين عاماً الماضية مع النظام الإيراني ليست مشجِّعة".
لذلك، فإن العودة إلى الصفقة كما هي لن يخدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بحسب الفيصل.
أضاف الأمير السعودي أنه إذا جرى تخفيف العقوبات عن طهران فإن ذلك سيجعل واشنطن عرضة لـ"الابتزاز" عند إجراء محادثات حول الدور الإيراني في دول مثل العراق وسوريا.
كما أشار تركي الفيصل إلى أن "إطالة أمد المفاوضات جزء من استراتيجية التفاوض الإيرانية، لقد استغرق التفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة [على سبيل المثال] سنوات لإنجازها، فيما كانت إيران تعمل على برنامجها النووي. سيدي الرئيس المنتخب: لا تُكرر أخطاء وعيوب الصفقة الأولى".
لا تتجاهل "مخاوف" أصدقائك: موجهاً خطابه إلى الرئيس المنتخب وإدارته قال الفيصل أيضاً: "لا تتجاهل المخاوف المشروعة لأصدقائك وحلفائك في المنطقة، يجب أن يكونوا جزءاً من التفاوض على خطة شاملة للتيقّن من أن مصالحهم الاستراتيجية تؤخذ في الاعتبار".
على الجانب الآخر، يقول سينا طوسي، محلل الأبحاث البارز في "المجلس الوطني الإيراني الأمريكي" (NIAC)، إن تصريحات الأمير فيصل تثبت أن قلق الرياض الرئيسي ليس التخصيب النووي الإيراني (انتشار الأسلحة النووية)، وهو ما تتناوله خطة العمل الشاملة المشتركة.
بدلاً من ذلك، يقول طوسي، إن الحكومة السعودية تخشى انفتاح إيران على الغرب وإعادة ترسيخ نفسها في الاقتصاد العالمي، وهو ما يعني تعزيز دورها كقوة إقليمية، وإن "هدفهم الأساسي هو الحفاظ على بقاء نظامهم، هذا النظام الملكي الاستبدادي".
كما أكّد طوسي أن الرياض دائماً ما سعت إلى قمع أي نفوذ إقليمي سياسي أو أيديولوجي تراه معادياً لنظامها الحاكم، فيما "نقطتي الأساسية هي أن تلك الغاية لا يمكن بلوغها والدفاع عنها حقاً، فهي لا تتعارض مع الإرادة الشعبية للمنطقة فحسب، بل تتعارض مع العوامل الجيوسياسية الأوسع نطاقاً".
على الجانب الآخر، هنّأت السعودية بايدن، وإن كان متأخراً، بفوزه في الانتخابات، لكن نائب الرئيس السابق كان قد وجه بعض الانتقادات القاسية للمملكة خلال حملته الانتخابية، كما دعا في وقت سابق إلى وقف بيع الأسلحة إلى السعودية، وترك حكامها "منبوذين كما هم".
الأمير وحقوق الإنسان: مع ذلك، عرض الأمير تركي الفيصل حججه مستنداً إلى العلاقات الأمريكية السعودية القوية، ومستشهداً بالعلاقات على مستوى سوق الطاقة والتجارة والاستثمارات ومكافحة الإرهاب ومواجهة إيران.
وهاجم الأمير السعودي منتقدي المملكة الأمريكيين، مشيراً إلى أن الأولى بهم القلق بشأن قضايا حقوق الإنسان في بلادهم. وقال: "فيما يتعلق بحقوق الإنسان نعترف بأن لدينا مسائل يجب تحسينها، ونحن نعمل على ذلك، إنها مسائل يجري العمل عليها".
قبل أن يضيف الفيصل: "لكن مع الاحترام، فإن بلدكم لديها أيضاً مشكلات تتعلق بحقوق الإنسان، ويجب تحسينها، ويكفي أن تشاهد الاضطرابات أثناء الانتخابات وحوادث إطلاق النار على أيدي الشرطة. ونحن، سيداتي سادتي، لم نخترع الإيهام بالغرق (وسيلة تعذيب). وما أقوله إن لديكم أيضاً مشكلات قيد العمل عليها".
تعليقاً على ذلك، قالت سارة ليا ويتسن، الناشطة الحقوقية والمديرة السابقة لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" لموقع MEE: "لا يوجد شيء لافت بشأن محاولة تركي الفيصل التهرب من المساءلة في سجل حقوق الإنسان في السعودية، عن طريق الإشارة إلى حقيقة أن الحكومات الأخرى لديها سجلات حقوقية بها مشكلات".
فيما أشارت إلى أن الأمريكيين هنا في وضع يسمح لهم بانتقاد الانتهاكات السعودية، لأن حكومتهم تربطها علاقات وثيقة بالرياض، وإمكانية إثبات مثل هذه الانتهاكات.
مع ذلك، قالت سارة ليا ويتسن: "إن القضية المطروحة هنا هي جَسَامة وحجم الانتهاكات التي ترتكبها السعودية، ومدى مساعدة الولايات المتحدة لها وتواطؤها على الإفلات من عواقب هذه الانتهاكات".
قبل أن تختم كلامها بالقول إن دعم الولايات المتحدة لهذه الحكومات لا يجعلها متواطئة في هذه الانتهاكات فحسب، "بل ويتسبب في أذى رهيب لشعوب المنطقة برُمتها".