يشعر يعقوب ديمير بالغضب والإحباط بعدما حاول بشتى السبل على مدار الشهور التسعة الماضية الوصول إلى حماه المختفي مع ثلاثة مواطنين أتراك آخرين بعد إلقاء القبض عليهم في مدينة سرت الليبية.
إذ نقل موقع Middle East Eye البريطاني الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عن ديمير قوله: "لم نتمكن من التواصل معه منذ شهر فبراير/شباط الماضي، ولا نعلم شيئاً عن مكانه".
اعتقال واختفاء: كان هلال غوزيل، 56 عاماً، يعيش في مدينة سرت الواقعة في وسط شمال ليبيا منذ صيف 2019، ويعمل في متجر حلوى تركية مع شركائه. لكن في يوم 6 فبراير/شباط، اقتحمت القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر المدينة، واعتقلت كل مواطن تركي وقعت أيديهم عليه.
نُقل غوزيل مع ثلاثة مواطنين أتراك آخرين؛ نوريتين كاليك، ودوغان كيسا، وإلكر ساغليك، إلى سجن بنغازي، حسبما ذكر مسؤولون وأفراد مطلعون لموقع MEE. منذ ذلك الوقت، لم ترد أي أخبار عنهم ولا يعرف أحد عنهم شيئاً.
يسافر مئات المواطنين الأتراك إلى ليبيا سنوياً للعمل منذ عهد معمر القذافي.
لكن وضع الأتراك في ليبيا أصبح محفوفاً بالمخاطر عندما اجتاحت قوات حفتر أجزاء كبيرة من غرب ليبيا وحاصرت العاصمة طرابلس. وبسبب دعم تركيا القوي لحكومة الوفاق الوطني، أعلن حفتر وقواته أن الأصول التركية في ليبيا أصبحت أهدافاً مشروعة.
يبدو أن غوزيل وكاليك وكيسا وساغليك من ضحايا تلك السياسات. إذ قال ديمير: "لقد قُبض عليهم بسبب غضب حفتر من التدخل العسكري التركي في ليبيا، ونحن نشعر بالقلق عليهم بكل تأكيد".
لا مفاوضات في ظل غياب قنوات تواصل: في النهاية، كان التدخل التركي في ليبيا حاسماً؛ وأدى نشر تركيا لطائرات بدون طيار وأسلحة إلى انهيار قوات حفتر في شهر يونيو/حزيران الماضي.
ما يزيد الأمر سوءاً علاقات تركيا المنهارة مع داعمي حفتر؛ الإمارات وفرنسا ومصر وروسيا.
قال العديد من المسؤولين الأتراك لموقع MEE إن أنقرة تعزوها الأدوات والوسائل لتحرير مواطنيها، وإنها لا تملك أي قناة اتصال مباشرة مع الجيش الوطني الليبي أو أي سلطات أخرى في شرق ليبيا.
إخلاء معتقلين سابقين: قوات حفتر أخلت سبيل اثنين من المواطنين الأتراك المحتجزين لديها من قبل، بعد تدخل من رجال الأعمال الداعمين لحفتر والذين كان الأتراك يعملون لديهم.
قال يوسف غورون، أحد المحتجزين اللذين أُطلق سراحهما بعد احتجاز دام تسعة أشهر، بعد عودته إلى تركيا إنه أُلقي القبض عليه مع زميله فاهيت كيراز من مدينة سرت في شهر فبراير/شباط أيضاً.
كما أوضح لموقع MEE: "كنا نعمل في مطعم كباب تركي. أخذونا إلى نقطة الشرطة في سرت، وتعرضنا للضرب المبرح. كان الاحتجاز قانونياً، وموثقاً بالأوراق. ضربونا بالهراوات، وكان الحاجز اللغوي يزيد الأمور سوءاً".
ذكر غورون أنهم أخذوه بعد ذلك إلى بنغازي، حيث شارك في مرحلة ما نفس الزنزانة مع غوزيل وزملائه. وقال غورون: "لقد أخذوا غوزيل والثلاثة الآخرين بعد ذلك إلى مكان آخر، لذا لا نعرف مكانهم الآن على وجه الدقة".
فيما أضاف أن ظروف الاحتجاز كانت سيئة للغاية؛ كان الوضع غير صحي، والاستحمام شبه مستحيل.
عندما طلب موقع MEE تعليق الجانب الليبي على وضع المحتجزين الأتراك، قال المتحدث العسكري للجيش الوطني الليبي، لواء أركان حرب أحمد المسماري: "ليست لدينا أي معلومات عن تلك الشائعات الكاذبة".
هدوء التوترات تعيد الآمال: هدأت التوترات في ليبيا مؤخراً، مع موافقة الأطراف المتصارعة الشهر الماضي على وقف دائم لإطلاق النار.
ورفع ذلك آمال عائلات المحتجزين الأتراك في ليبيا لإمكانية الإفراج عنهم مع مساعي جميع الجهات في ليبيا للوصول إلى تسوية دائمة.
إلا أن أحد كبار المسؤولين في تركيا أكّد على عدم وجود أي محادثات مع قوات حفتر بشأن الإفراج عن المواطنين الأتراك. يقول ديمير: "لا نعرف ماذا علينا أن نفعل. لا يسعنا إلا الانتظار وليس بأيدينا إلا الدعاء لهم".