كشفت البريطانية كيتلين ماكنمارا، البالغة من العمر 32 عاماً، تفاصيل اقتيادها إلى فيلا تابعة لوزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، البالغ من العمر 69 عاماً، وتعرُّضها للتحرش من قِبل الوزير الذي تعرى وامتد فوقها.
الشابة البريطانية طالبت بمراجعة قرار دائرة الادعاء الملكية عدم الموافقة على رفع دعوى ضد الوزير الإماراتي في الواقعة، وأعربت عن "خيبة أمل عميقة" وقالت إنها سوف تطلب مراجعة القرار وفق الآلية القانونية المخصصة لذلك، حسب تقرير صحيفة The Guardian.
ماكنمارا كانت أقامت لفترة 6 أشهر في إمارة أبوظبي؛ لتنظيم نسخة عن تظاهرة "هاي فيستيفال" الأدبية المعروفة في بريطانيا، على أراضي الإمارة بتمويل من الشيخ آل نهيان. وأعلن مهرجان هاي، وهو فعالية بريطانية سنوية، أنه لن يعقد فعالية فرعية لتعزيز حرية التعبير وتمكين المرأة، كانت مقررة في أبوظبي؛ وذلك بعد توجيه إحدى موظفات المهرجان اتهامات إلى وزير التسامح الإماراتي بالاعتداء عليها جنسياً.
رحلتها المخيفة لفيلا وزير التسامح: تقول ماكنمارا، إنها تلقت دعوة، منتصف فبراير/شباط 2020، لمقابلة وزير التسامح الشيخ نهيان، وعندما سألت السائق من سيحضر الاجتماع، كانت تعرف أنها لن تحصل على رد، وكان ذلك أمراً معتاداً للغاية بعد ستة أشهر من العمل هناك.
ماكنمارا أضافت: "يجب أن أتحلى بالمرونة، حيث لم أكن أعرف دائماً إلى أين سأذهب، لاسيما عندما أتعامل مع العائلة المالكة، فلا يتم إخبارك بكل التفاصيل". وبينما كانت في الطريق أبلغت مدير المهرجان، بيتر لورانس، في بريطانيا بوجهتها عن طريق "واتساب"، كما شاركته خاصية تتبُّع المسار التي يتيحها التطبيق.
ولاحظت أن السيارة ابتعدت عن القصر وخرجت من المدينة وعبَرت نقاط تفتيش ثم جسراً يؤدي إلى فيلا على جزيرة صغيرة، وعقب وصولها رأت أنه لم يكن هناك مدعوون والفيلا كانت خالية ليس فيها سوى اثنين من العاملين والسائق ووزير التسامح.
البريطانية ماكنمارا قالت إنها بدأت نقاش الشيخ نهيان عن المهرجان، وقضية الشاعر الإماراتي أحمد منصور الذي حُكم عليه عام 2018 بالسجن عشر سنوات بسبب انتقاد الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الوزير لم يكن مهتماً بمناقشة المهرجان أو قضية أحمد منصور، وأخبرها بأنه لا يهتم لا بالمهرجان ولا بالوزارة، كما قال لها إن أحمد منصور جزء من الإخوان المسلمين وسيظل في السجن.
بعد لحظة بدأت صدمتها الكبيرة، حيث تقول: "فجأة أصبح عارياً واستلقى فوقي. بدأ يلمسني، يلمس ذراعي، ويطلب مني خلع حذائي، لكني رفضت. كنت أفكر طوال هذا الوقت كيف يمكنني الخروج من الموقف دون الإساءة إلى هذا الرجل. فأنا في فيلا على جزيرة وهاتفي بعيد، ولا أستطيع طلب سيارة أجرة".
في هذا الوقت تقول ماكنمارا حسبما نشر موقع BBC، إنها شعرت بنفسها كأنها مغفلة، بعد أن اعتقدت أنه كان يعتبرها شخصية مِهنية، في وقت كان ينظر إليها على أنها مجرد ألعوبة.
حاولت كيتلين الخروج من الفيلا، لكن الوزير أخذها بجولة في المنزل إلى أن وصلا لقاعة فيها أريكة مستديرة، وهناك "حاول مد يده داخل ثوبي ولم يكن ذلك سهلاً، لأنني كنت أسحب فستاني لأسفل، فستاني طويل جداً. كان مستلقياً عليّ بكل وزنه، وفي النهاية مد يده داخل جسدي، وهذا في القانون البريطاني يعد اغتصاباً. تمكنت من دفعه على السرير والوقوف وسحب ثيابي مرة أخرى إلى الأسفل، وهو لا يزال عارياً، وكان يحك أعضاءه في ساقي ويتحسسني، ولم يكف إلا بعد ظهور أحد العاملين على مرأى منه".
عقب خروجها وقبل انتهاء 24 ساعة، قامت بإبلاغ قنصل بلادها بما حدث معها، ورغم كل ما حدث معها فإن الوزير ظل يلاحقها باتصالات استمرت لأسابيع ورسائل نصية "شخصية للغاية".
الوزير ينفي: الشيخ نهيان، وزير التسامح الإماراتي، نفى عبر مكتب محاماة في لندن، ارتكابه أي مخالفات، وقال مطلع هذا الأسبوع، إن مزاعم كيتلين "صدمته وأحزنته".
بموجب التشريع المعمول به حالياً، لا يمكن النظر في جرائم تم ارتكابها ضد مواطن بريطاني في الخارج، إلا من خلال مبدأ "الولاية القضائية العالمية". هذا المبدأ ينطبق على حالات محددة مثل الإرهاب والجرائم الجنسية ضد الأطفال والتعذيب من قِبل السلطة ومن يمثلونها.
فريق دفاع ماكنمارا يدفع بأن ما تعرضت له موكِّلتهم يمكن تصنيفه بأنه واقعة تعذيب من قِبل وكيل عن السلطة، وهو ما يتيح ملاحقة الشيخ قضائياً في المملكة المتحدة.
انتهاك مروع: رئيسة مجلس إدارة مهرجان هاي، كارولين ميشيل، وصفت ما قام به الشيخ نهيان بأنه "انتهاك مروّع وإساءة شنيعة إلى الثقة والمنصب"، حيث أكدت في بيان، أن "الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أساء إلى مسؤولياته الوزارية، وقوَّض بشكل مأساوي إقامة مهرجان هاي لتعزيز حرية التعبير وتمكين المرأة".
مهرجان هاي: مهرجان هاي توسع من كونه تجمعاً أدبياً ببلدة هاي أون واي في ويلز، إلى استضافة عديد من التجمعات الدولية. وكانت الفعالية في فبراير/شباط هي الأولى له بأبوظبي.
لكنه أثار الجدل حتى قبل ظهور اتهامات الاعتداء الجنسي. إذ أصدرت عشرات من المجموعات الحقوقية والكُتاب البارزين رسالة مفتوحة لمنظمي المهرجان قبل بدايته، شجبت فيها السجل الحقوقي في الإمارات العربية المتحدة، ودعت إلى الانحياز إلى حرية التعبير.
وقال المنتقدون إن الحدث، الذي وُصف بأنه منصة لحرية التعبير، بدا متناقضاً بشكل مباشر مع الاحتجاز التعسفي لمنتقدي الحكومة في البلاد وسجن أولئك الذين يعبّرون عن المعارضة.
ووصفت الرسالةُ المهرجانَ بأنه فرصة للبلاد "لدعم وعدها بالتسامح من خلال الإجراءات التي تشمل المساهمين الشجعان في حرية التعبير الذين يعيشون بالبلاد".
ولطالما تعرضت الإمارات العربية المتحدة لانتقادات، بسبب قمعها للمعارضة السياسية، ومحدودية الحماية التي تتمتع بها المرأة تحت قيادة الحاكم الفعلي، الشيخ محمد بن زايد.
وكتبت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، التي تراقب حقوق الإنسان، في تقريرها العالمي السنوي الذي يقيّم حالة الحقوق بدول العالم: "على الرغم من إعلان عام 2019 (عام التسامح)، لم يُظهر حكام الإمارات العربية المتحدة أي تسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة السلمية".