القبول بمفاوضات صفقة القرن مقابل فك الحصار المالي.. ماذا دار في لقاء عباس مع رئيس المؤتمر اليهودي العالمي؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/10/13 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/13 الساعة 11:31 بتوقيت غرينتش

في خضم العزلة السياسية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية عربياً ودولياً، حلَّ الملياردير الأمريكي، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، رونالد لاودر، ضيفاً مفاجئاً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر إقامته برام الله، في زيارة لا تزال الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية تتكتم في البوح عن تفاصيلها، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول حيثيات الزيارة، والملفات التي تمت مناقشتها بينهما. 

وصل رونالد لاودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، عبر طائرة خاصة قادمة من الأردن، وحسب مصدر مطلع على تفاصيل الزيارة، قال لـ"عربي بوست" إن "زيارة لاودر جاءت بناء على طلب مصري أردني، وتم رفضها في المرة الأولى من قِبل السلطة الفلسطينية، لأنها علمت أن هدفها ممارسة الضغوط عليها، وخلال الساعات الأخيرة التي سبقت الزيارة جاءت موافقتها على تنظيم اللقاء".

وأضاف أن "الزيارة تناولت عدة ملفات رئيسية حملها لاودر، وناقشها مع عباس، أولها إعادة تنظيم العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، على أساس العودة لطاولة التفاوض، وفق سقف زمني يتم الاتفاق عليه لإنجاز تسوية سياسية على أساس خطة السلام الأمريكية، المعروفة باسم "صفقة القرن".

علاقات السلطة مع الإدارة الأمريكية

"الملف الثاني كان العلاقات الأمريكية الفلسطينية المتوقفة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث حمل لاودر رسالة منه يأمل من خلالها أن تعيد السلطة الفلسطينية النظر في قرار مقاطعتها للإدارة الأمريكية، لضمان سير المفاوضات التي ستجري لاحقاً بين السلطة وإسرائيل".

أما الملف الثالث فيتعلق بتحذير لاودر لعباس من المضي قدماً في طريق المصالحة مع حماس، لأن ذلك يعني قطع ما تبقّى من علاقات مع الدول العربية المعتدلة، والإدارة الأمريكية، وهو ما قد يجد ترجمته في التباطؤ الحاصل في تنفيذ تفاهمات لقاء أمناء الفصائل الفلسطينية في بيروت، في سبتمبر/أيلول الماضي".

يكتنف الزيارة الكثير من الغموض في دلالات توقيتها، إذ تأتي في وقت تعاني فيه السلطة من حصار سياسي ومالي عربي ودولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، بجانب دول الخليج العربي، إضافة إلى ترقب الرئيس الفلسطيني عباس لما ستُسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية التي ستحدد بدورها سياسة السلطة تجاه الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، إضافة لما شهدته الساحة الداخلية مؤخراً من التقارب بين حركتي فتح وحماس.

مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني اللواء عبدالإله الأتيرة، كشف في تصريحات صحفية في اليوم التالي لزيارة لاودر أن "السلطة الفلسطينية مقبلة على استحقاقات هامة، وهي على أبواب حلحلة بعض القضايا المالية العالقة"، ما يشير لإمكانية بحث لقاء لاودر-عباس الأزمة المالية للسلطة، سواء بإنهاء أزمة أموال المقاصة مع إسرائيل العالقة منذ عدة أشهر، أو العدول عن قرارها بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية منذ ثلاث سنوات.

سبق زيارة لاودر إلى الأراضي الفلسطينية لقاؤه قبل أسبوعين بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، وكان الملف الفلسطيني حاضراً، وأكد السيسي له على ضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بهدف الوصول لتسوية سياسية شاملة للقضية الفلسطينية، وفقاً لما أشار إليه المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

عبدالله عبدالله، رئيس الدائرة السياسية في المجلس التشريعي وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، قال لـ"عربي بوست" إن "زيارة لاودر للأراضي الفلسطينية جاءت بطلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بات يدرك أن مساعيه الأخيرة في إقناع دول عربية بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل لن تغير من المعادلة السياسية القائمة، في حال بقي الفلسطينيون متمسكين بموقفهم برفض أي إملاءات تتنقص من حقوقهم".

وأضاف أن "ما قدمه لاودر من رسائل سياسية للسلطة غير مقبول لدينا، لأن موقف الرئيس كان واضحاً في لقائه به، ويتمثل في رفض استمرار الولايات المتحدة الأمريكية برعاية عملية السلام وحدها، دون وجود أطراف دولية أخرى، والموقف الثاني هو رفض القبول بالمفاوضات على أساس ما جاء في صفقة القرن".

يعد لاودر (76 عاماً) من الشخصيات المحسوبة على الحزب الجمهوري الأمريكي واليمين الإسرائيلي، كما تربطه علاقات برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وظهر في مراسم توقيع اتفاق السلام الإماراتي البحريني الإسرائيلي في واشنطن الشهر الماضي.

ويترأس المؤتمر اليهودي العالمي منذ عام 2007، وله سِجل حافل في الأنشطة السياسية المختلفة في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إذ عُين سفيراً أمريكياً للنمسا في عام 1986، كما أسس عام 1987 مؤسسة رونالد ستيفن لودر التي تمول التعليم اليهودي حالياً في 16 دولة، كما تُمول منذ عام 1998 مكتب رابطة مكافحة التشهير في أوروبا في فيينا، بجانب مساعدة مدرسة يهودية في كولونيا بألمانيا، وأسس عام 1994 مركز شركة الإعلام الأوروبية.

باب المشاورات لا يزال مفتوحاً

علاء الريماوي، الصحفي الفلسطيني، من الضفة الغربية، قال لـ"عربي بوست" إن "التسريبات المتوفرة تشير إلى أن لقاء عباس-لاودر كان بروتوكولياً بامتياز، وأن السلطة الفلسطينية كانت على علم مسبق بالرسائل التي يحملها الضيف اليهودي الأمريكي، لذلك لم تمنح السلطة أي جواب نهائي عن العروض التي قدمها، وتركت الباب للمشاورات مع باقي القيادة".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، وقُبيل أيام على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، كشفت القناة الإسرائيلية الثانية أن ترامب أوفد لاودر للأراضي الفلسطينية، والتقى بالرئيس محمود عباس، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، في محاولة لإقناع السلطة بالعودة للمفاوضات.

هاني المصري مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية- مسارات، قال لـ"عربي بوست" إن "زيارة لاودر لرام الله ولقاءه بالرئيس عباس تعكس إدراك إدارة الرئيس ترامب لجدية الخطوات التي تنوي السلطة اتخاذها في المرحلة القادمة، لذلك جاءت زيارته لتأجيل أي خطوات متوقعة تنوي السلطة اتخاذها بخصوص ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، لاسيما فيما يخص المصالحة مع حركة حماس".

وأضاف أن "لاودر قد يكون منح السلطة ضمانات بسير المفاوضات مع إسرائيل، وصولاً إلى اتفاق يلبي الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين، وإنهاء الأزمات المالية التي تعاني منها السلطة في الوقت الراهن".

تحميل المزيد