كشفت صحيفة Financial Times البريطانية أن حكومة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وجهت تحذيرات إلى السلطات الرسمية في تايلاند، بداعي أن الملك التايلاندي عليه التوقف عن تسيير شؤون بلاده من الأراضي الألمانية، فيما أشارت الصحيفة إلى أن هذا يعد تدخلاً غير عادي في شؤون تايلاند، يأتي في وقت تجتاح فيه الاحتجاجات الطلابية أرجاء المملكة.
كان الأمر، حسب الصحيفة، قد أصبح منذ فترة طويلة، بمثابة سر مكشوف، أن الملك التايلاندي ماها فاجيرالونغكورن، الذي تُوِّج بلقب راما العاشر، العام الماضي، يعيش معظم الوقت في ألمانيا. وذكرت وسائل إعلام ألمانية أنه يقيم مع أسرته في أحد الفنادق الواقعة بمدينة غارميش بارتنكيرشن، بالقرب من جبال الألب البافارية.
سياسيون منتمون إلى حزب الخضر في ولاية بافاريا، سبق أن شككوا في الوضع الضريبي للملك، قالوا إنهم تثبتوا من أن ملك تايلاند كان يعيش في فيلا تقع ببلدة توتزينغ على بحيرة ستارنبرغر بالقرب من ميونيخ، وقت وفاة والده الراحل الملك بوميبول أدولياديج عام 2016.
كما أن قضية إقامة الملك في دولة أجنبية أصبحت نقطةَ خلاف وتوتر في السياسة الداخلية التايلاندية حالياً، إذ كثيراً ما يرفع أعضاء الحركة الاحتجاجية، التي يقودها الطلاب وتنظم مظاهرات منتظمة في البلاد من يوليو/تموز الماضي، إشارات انتقادية أو ساخرة من حقيقة أن ملك البلاد يعيش في ألمانيا.
ماريا أديبهر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، قالت الجمعة 9 أكتوبر/تشرين الأول، إن الحكومة الألمانية أكدت مراراً وتكراراً، لسفير تايلاند في برلين، أنه "لا ينبغي متابعة الشؤون الخارجية لتايلاند من الأراضي الألمانية. وقد أفصحنا عن موقفنا من الأمر بطريقة واضحة للغاية".
لم يذهب ملك تايلاند إلى بلاده العام إلا لزيارات قصيرة فقط. ومع ذلك، فقد وصل السبت 10 أكتوبر/تشرين الأول، فيما يتوقع التايلانديون أن تكون إقامة أطول قليلاً. وقالت جامعة تاماسات التايلاندية، إن الملك وزوجته سوثيدا سيُشاركان في حفل تخرج طلاب الجامعة، في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
على الجانب الآخر، كان وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، قد أجاب رداً على سؤال وُجه إليه الأسبوع الماضي، بخصوص الطريقة التي ستتعامل بها ألمانيا مع تسيير الملك أمور بلاده الداخلية من الأراضي الألمانية، بالقول: "سوف نتصدى دائماً للمساعي التي يبذلها الضيوف في بلدنا لإدارة الشؤون المحلية لدولهم من بلادنا".
جاءت إجابة وزير الخارجية الألماني رداً على سؤال طرحه فريثوف شميدت، النائب عن حزب الخضر المعارض، الذي سأل لماذا تسمح الحكومة الألمانية للملك التايلاندي منذ شهور، بالانخراط في السياسية الداخلية لبلاده وتسيير أمورها من بافاريا الألمانية.
النائب الألماني ضرب مثالاً بدور الملك في منع شقيقته الكبرى، الأميرة أوبولراتانا راجاكانيا، من الترشح عن حزب "ثاي راكسا شارت" الذي يتزعمه رئيس الوزراء، والذي استُبعد قبل فترة وجيزة من الانتخابات التي عُقدت في 24 مارس/آذار الماضي.
داخل تايلاند، نادراً ما تتناول وسائل الإعلام أو القصر مسألة إقامة الملك في الخارج؛ مخافة التورط فيما يتعارض مع القوانين التي تحمي العائلة المالكة من أي انتقاد.
لكن ذلك التقليد بات أقل حصانة مع تسارع وتيرة الاحتجاجات الطلابية، لا سيما مع مطالبة المتظاهرين باستقالة حكومة برايوت تشان أوتشا الملكية وإلغاء الدستور التايلاندي الذي صاغه الجيش، إضافة إلى الدعوات غير المسبوقة لفرض قيود على السلطات الملكية.
في غضون ذلك، تعهد المتظاهرون بعقد فعاليتهم الجماهيرية القادمة الأربعاء 14 أكتوبر/تشرين الأول، عند نصب الديمقراطية في بانكوك؛ إحياءً لذكرى انتفاضة 1932 ضد الملكية المطلقة أو مملكة "سيام" في ذلك الوقت.
من جهة أخرى، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، ماريا أديبهر، إلى أن السلطات التايلاندية أكدت لبرلين أن "رئيس الوزراء التايلاندي هو الذي يدير الأعمال الحكومية للبلاد، وأن ملك تايلاند، بصفته رئيساً لملكية دستورية، هي تايلاند، يعيش في ألمانيا بصفته الشخصية لا الرسمية".
وأضافت أديبهر: "إذا ظهر أي دليل على أن الملك التايلاندي كان يدير بالفعل أعمالاً حكومية من هنا، فإن ذلك سيتطلب رد فعل منا، وسيتعيّن علينا حينها تقييم الموقف بصورة كاملة".
أما النائب عن حزب الخضر المعارض، فريثوف شميدت، فقد سأل وزيرَ الخارجية الألماني، هايكو ماس، عما إذا كانت الحكومة الألمانية ستضغط لتجميد المحادثات بشأن صفقة التجارة الحرة بين تايلاند والاتحاد الأوروبي ما دامت السلطات التايلاندية مستمرة في "عرقلة الطريق إلى الديمقراطية في تايلاند"، خاصةً أن المحادثات كانت قد عُلقت في أعقاب انقلاب 2014، لكنها استُؤنفت في أواخر يوليو/تموز 2020، بعد أن أدت الحكومة الجديدة اليمين.
ماس أجاب عن التساؤل بالقول: "في الواقع أنا أعتبر أن تلك المفاوضات خيار يجب أن نُبقيه مفتوحاً من جانبنا في الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً أنه يمكن استخدام اتفاقية التجارة الحرة "وسيلةً للضغط" بغرض تشجيع العودة إلى الديمقراطية في تايلاند. ومع ذلك، فقد أشار ماس إلى أنه "لا يريد استبعاد خيار [تجميد محادثات التجارة] إذا استمرت السلطات التايلاندية في التصرف على هذا النحو الذي هي عليه الآن".