أعلن رئيس الوزراء اللبناني المُكلف مصطفى أديب، السبت 26 سبتمبر/أيلول 2020، اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة الجديدة، لتستمر البلاد في أزمتها السياسية، على الرغم من التلويح بعقوبات على القوى السياسية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة.
جاء قرار أديب بعد لقاء جمعه بالرئيس اللبناني ميشيل عون، وقال في تصريح متلفز إن "التوافق الذي قبلت من أجله المهمة الوطنية في لبنان لم يعد قائماً".
دياب أوضح بأن "اعتذار الرئيس المكلف يستوجب الإسراع بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة قادرة على التعامل مع المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان"، مضيفاً أن "الظروف التي يعيشها لبنان استثنائية، وهي تتطلب جهوداً استثنائية، وأن تتوقف القوى السياسية عن الممارسات والتجاذبات التي تهدّد ما بقي من مقومات صمود الوطن".
كذلك ناشد دياب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بالاستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الصعبة، ومواصلة مساعيه ومبادرته لمساعدة البلد".
من جانبها، قالت الرئاسة اللبنانية، إن "عون شكر أديب على جهوده وأبلغه قبول اعتذاره عن تشكيل الحكومة".
ضربة لضغوط فرنسا: وكان أديب قد كُلف بمهمة تشكيل حكومة لبنانية جديدة في 31 أغسطس/آب 2020، وجاء تكليفه بعد ضغط فرنسي كبير على القوى السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة، لاسيما بعد الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت وعمُق أزمات البلاد.
واجه أديب صعوبة في تشكيل الحكومة الجديدة، بسبب تمسك بعض الأحزاب السياسية بوزارات محددة في الحكومة، وكان الخلاف الأبرز حول وزارة المالية التي تمسكت بها حركة أمل وحزب الله.
تأتي استقالة أديب من مهمة تشكيل الحكومة على الرغم من تحذيرات وزارة الخارجية الفرنسية للقوى السياسية اللبنانية، من أن البلاد تواجه خطر الانهيار إذا لم تُشكل حكومة دون إبطاء.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، قد قالت في تصريحات للصحفيين إنه "في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ اللبناني تواجه القوى السياسية اللبنانية خياراً بين التعافي وانهيار البلاد. إنها مسؤولية ثقيلة تجاه اللبنانيين"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وحذرت فرنسا مراراً من احتمال فرض عقوبات على القوى السياسية اللبنانية في حال عدم الاتفاق على تشكيل حكومة، وتعد استقالة أديب ضربة لجهود ماكرون الذي دفع بقوة لتشكيل حكومة جديدة.
عون حذر من الأسوأ: كذلك كان الرئيس اللبناني ميشال عون قد قال لزعماء الكتل السياسية، الإثنين 21 سبتمبر/أيلول 2020، إن البلد ذاهب إلى "جهنم" إذا لم تشكل حكومة جديدة سريعاً لإخراج البلد من أسوأ أزمة يمر بها منذ عقود.
وعقب إعلان أديب عن استقالته، أعاد لبنانيون في تغريدات على حساباتهم بتويتر، تصريح عون عما سيحدث فيما لم تتشكل الحكومة، معتبرين أن البلاد "بدأت بالفعل بالذهاب إلى جنهم".
المغرد جورج خوري كتب يقول: "الآن تأكد للجميع أن لبنان دخل للمجهول أو جهنم على قول الرئيس عون.. أفضل شيء هو الدعاء للأبرياء والمدنيين.. أظن الحرب الأهلية قادمة في لبنان".
في حين علّق مغرد آخر بسخرية قائلاً: "أي ساعة رايحين على جهنم؟"، بينما قال مغرد ثالث باسم حسين فواز: "تمسخرتو على عون؟ والله ما حدا واعي قدو، #جهنم فتحت أبوابها".
أما دارين الحلوة، فقالت: "بعد دقائق قليلة من اعتذار #مصطفي_أديب ارتفع سعر صرف الدولار مقابل #الليرة_اللبنانية.. لم تتأخر #جهنم في فتح أبوابها لنا فخامة الرئيس #ميشال_عون #مصطفي_أديب #المبادرة_الفرنسية #لبنان_ينهار".
ويعاني لبنان، منذ شهور، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
زادت أزمات البلاد مع انفجار مرفأ بيروت المروّع، في 4 أغسطس/آب 2020، وبعده بدأت فرنسا تمارس ضغوطاً على القوى السياسية لتشكيل حكومة تنكبّ على إجراء إصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم مالي دولي لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية، وتعيد إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.