أطلقت قوات الأمن اللبنانية، الثلاثاء 11 أغسطس/آب 2020، قنابل غاز مسيل للدموع على محتجين وسط العاصمة بيروت، لإبعادهم عن المداخل الرئيسيّة لمقر مجلس النواب (البرلمان)، في يوم رابع من احتجاجات تطالب برحيل السلطة الحاكمة، على خلفية انفجار مرفأ بيروت.
تأتي التظاهرات على إثر ليلة دامية عاشتها بيروت، في يوم 4 أغسطس/آب 2020، جراء انفجار ضخم في المرفأ، خلَّف 171 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح، ومئات المفقودين، ودماراً مادياً واسعاً، بخسائر تُقدَّر بنحو 15 مليار دولار، وفقاً لأرقام رسمية غير نهائية.
شعارات رافضة للفساد: ورفع المحتجون شعارات مندّدة بالطبقة السياسيّة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد وغياب الكفاءة، ويحملونها المسؤولية عما آلت إليه أوضاع لبنان.
كذلك طالبوا برحيل من كل مجلس النواب، برئاسة نبيه بري، ورئيس الجمهوريّة ميشال عون، بعد أن قَبِلَ الأخير، الإثنين، استقالة حكومة حسان دياب، وكلفها بتصريف الأعمال لحين تشكيل أخرى جديدة.
في حين أفادت مراسلة الأناضول بأن محتجين ألقوا حجارة على عناصر من قوات الأمن، فردّوا بإطلاق قنابل غاز مسيلة للدموع على المحتجين.
كما أفادت بإطلاق رصاص مطاطي من سطح أحد المباني المتاخمة لمجلس النواب لإبعاد المحتجين.
وتتواصل المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين المُصرّين على اجتياز فواصل حديديّة تفصلهم عن مقر البرلمان.
وقال محتج للأناضول: "نحن هنا للضغط على السلطة، واستقالة حكومة دياب ليست إلّا البداية".
مرسوم للتحقيق في التفجير: وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت الرئاسة اللبنانيّة، توقيع مرسوم إحالة ملف انفجار المرفأ إلى المجلس العدلي، وهو أعلى سلطة قضائية، ويختص بالنظر في الجرائم الواقعة على أمن الدولة، وتشمل اختصاصاته المدنيين والعسكريين.
ووفق تحقيقات أولية، وقع الانفجار بعنبر 12 من المرفأ، الذي قالت السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، كانت مُصادرة ومُخزنة منذ عام 2014.
ويزيد هذا الانفجار من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر من تداعيات أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، وكذلك من استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
استقالة حسان دياب: وتقول غيتا مشيك (24 سنة، مشاركة في معظم الاحتجاجات)، إنّ "استقالة حسّان دياب كانت معروفة ومتوقعة، وهذا السبب هو الذي أدى إلى زيادة الزخم والضغط على مجلس النواب في الأيام السابقة".
فيما شهد وسط بيروت، في اليومين السابقين، مواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية، أدّت إلى وقوع إصابات من الطرفين.
وتضيف مشيك للأناضول: "سنستمر في الضغط على مجلس النواب، والاحتجاج حوله، إلى أن تتم استقالة كامل أعضائه، بدءاً من رئيسه نبيه بري".
وتنقل عن المحتجين رفضهم أن يعود رئيس الوزراء السابق سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وتشدد على أن الشعب يريد "حكومة مستقلة ذات صلاحيات استثنائية".
كما يجب، بحسب مشيك "إعداد قانون انتخابي جديد، بغض النظر عن إقامة انتخابات نيابية مبكرة أم في وقتها، لأن الوعي عند الشعب أصبح موجوداً".
تشكيل حكومة طوارئ: في المقابل، طالب رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، الثلاثاء، بتشكيل حكومة "طوارئ"، تعالج الوضع الاقتصادي، وتعمر بيروت. جاء ذلك في تصريح أدلى به بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري.
أوضح جنبلاط أنه "لا بد من حكومة، سمّوها كما شئتم، تعالج أولاً الوضع الاقتصادي وإعمار بيروت قبل كل شيء، حيث عجزت الحكومات السابقة عن الإصلاح".
كذلك ذكر جنبلاط أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدّث معه يوم (الإثنين)، وقلت له الأمر نفسه، ولا بدّ من حكومة طوارئ كي نُخرِج البلاد من هذا المأزق".
أضاف أنّه "لا يضع شروطاً للمشاركة في الحكومة المقبلة، لكن لا بد من تشكيل حكومة، كي لا تبقى الحكومة الحاليّة تصرف الأعمال".