حذَّر خبراء دوليون في مجال الطاقة النووية مما قالوا إنها مخاطر بيئية محدقة، بسبب تدشين الإمارات لمفاعل نووي مدني، وذلك بعد تأجيلات عدة من أبوظبي، بسبب مشاكل كانت متعلقة بالسلامة المرتبطة بالمشروع الضخم.
جاءت تحذيرات الخبراء بعدما أعلنت الإمارات، السبت 1 أغسطس/آب 2020، نجاح تشغيل الوحدة الأولى من محطة براكة للطاقة النووية السلمية، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، كما أن المفاعل هو الأول بين أربعة مفاعلات أخرى، تهدف أبوظبي من ورائها إلى توسيع قدراتها النووية ومصادر إنتاج الطاقة.
مخاوف كثيرة: وبينما احتفت أبوظبي بالمفاعل، قال خبراء في تقرير نشرته منظمة باور تكنولوجي الدولية المختصة في مصادر الطاقة، إن "الكثير من المخاوف تحوم حول المشروع، خاصة تلك المتعلقة بأي تسرب محتمل، بالنظر للمشاكل الفنية التي تخللت تدشين المفاعل"، وفقاً لما ذكره موقع "الجزيرة. نت".
أشار الخبراء إلى أن موقع تدشين المفاعل يشكل تحدياً آخر، حيث يقام المشروع في منطقة متخمة بالأزمات، ومحيط لا يبعث على الاطمئنان لمنشآت حساسة من هذا القبيل.
كذلك أثار الخبراء تساؤلات حيال الجدوى الحقيقية من تدشين المشروع، بالنظر لوجود بدائل أخرى للطاقة، كالطاقة الشمسية، حيث إن الأولوية لا تكون بحكم المنطق في دول الخليج ذات الطبيعة الصحراوية للطاقة النووية، بسبب تمتعها بأفضل مصادر الطاقة الشمسية في العالم، واستثماراتها في ذلك ستكون بتكاليف أقل من الطاقة النووية بكثير.
قلق من توترات المنطقة: ومن بين الأسباب الأخرى التي أثارت خشية الخبراء، قولهم إن الخليج منطقة أزمات تبقى تهديدات اشتعالها واردة، وأشار موقع المنظمة إلى استهداف الحوثيين منشآت لشركة أرامكو السعودية بداية العام الجاري، وهو ما أدى إلى أضرار كبيرة بإنتاج المملكة النفطي.
لذا، وبما أن الإمارات منخرطة في الحرب اليمنية، فإن احتمالات استهدافها ضمن ردود فعل من جانب خصومها تبقى واردة مع أي تصعيد.
شُبهات حول مُنفّذ المشروع: وبالإضافة إلى مخاطر السلامة، فإن سمعة الشركة الكورية الجنوبية "كيبكو" (KEPCO)، التي تنجز المشروع شراكة مع الإمارات، تعرّضت للتشويه من خلال سلسلة فضائح، حكم فيها على كبار مسؤولي السلامة بتزوير وثائق السلامة للأجزاء المستخدمة في مفاعلاتها النووية.
وسبق أن وقعت عدة أحداث مأساوية سببها المفاعلات النووية، فقد حدث مثل ذلك مراراً في اليابان، وحدث كذلك في إيران، مخلفة أضراراً بشرية ومادية جسيمة، وآخرها انفجارات منشآت نطنز غربي الجمهورية الإسلامية.
لذا فقد حذّر الأستاذ بمعهد الطاقة في جامعة لندن العالمية باول دورفمان من أن وقوع الحوادث في المفاعلات النووية يظل واردَ الحدوث، وأن أضرارها حينئذ ستكون كارثية على البيئة والبشر.
أشار دورفمان في تصريحات لـ"الجزيرة" إلى أن أي حادث من هذا القبيل يهدد نشاط تحلية مياه البحر الذي تعتمده دول المنطقة، كما تساءل ماذا يمكن أن يحصل لو وقع فعلاً حادث كبير في مفاعل براكة، أو أثناء نقل مواد نووية عبر الخليج، أو عبر مضيق هرمز، وصولاً إلى بحر العرب؟
في إجابته عن السؤال، قال دورفمان إن أي "حادث سيكون مكلفاً جداً، وستكون له تأثيرات كبيرة على البيئة وعلى البشر الذين يعيشون في الخليج، فدول هذه المنطقة تعتمد كثيراً على تحلية مياه البحر، وإذا وقع أي حادث يؤدي إلى إشعاعات في المنطقة، فسيؤثر ذلك على تحلية المياه في المنطقة كلها".
كما لفت دورفمان إلى أن تكلفة إنتاج الطاقة النووية مرتفعة جداً قياساً بغيرها من الطاقات النظيفة، مشيراً إلى أن تكلفة الطاقة الشمسية تمثل سُبع (7/1) تكلفة إنتاج الطاقة النووية، وهو ما جعل الاهتمام بهذه الأخيرة يتراجع في الأسواق العالمية.
أضاف دورفمان أنه فضلاً عن التكاليف فإن الطاقة الشمسية أكثر أمناً من الطاقة النووية، متسائلاً هل نحن فعلاً بحاجة إلى الطاقة النووية في هذه المنطقة؟!
يُشار إلى أن الإمارات واحدة من أكبر عشر دول منتجة للنفط الخام أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ولكنها أنفقت مليارات الدولارات لتطوير مصادر طاقة متجددة.