تحولت فترة الحجر الصحي جراء انتشار فيروس كورونا في اليابان إلى فرصة للتعارف والبحث عن أشخاص مناسبين للزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما استغلته شركات وساطة الزواج في طوكيو لتفعيل حل نموذجي أدى إلى تأليف قلوب العشرات من المواطنين في دولة تعاني أصلاً من نسبة عنوسة عالية في السنوات الأخيرة.
صحيفة The Washington Post الأمريكية تناولت في تقريرها الأحد 12 يوليو/حزيران، كيف تحوَّل تطبيق التواصل المشهور في عالم الأعمال والاجتماعات "zoom"، إلى وسيلة للتواصل بين المحبين والراغبين في الزواج باليابان.
شركات الزواج أكدت أن لقاءات الفيديو عبر تطبيق "zoom" حققت نجاحاً كبيراً، حيث خففت ضغوط اللقاءات الشخصية المرتب لها في مجتمع لا يشجع في كثير من الأحيان، على الجرأة والانفتاح باللقاءات الأولى.
نهاية سعيدة: يقول كازونوري ناكانيشي، وهو موظف في فندق يبلغ من العمر 31 عاماً من مدينة كوماموتو شرق اليابان: "من دون هذه اللقاءات عبر الإنترنت، ما كنا سنلتقي أبداً".
إذ رتبت إحدى شركات الزواج لقاء عبر الإنترنت بينه وبين أياكو، وهي اختصاصية اجتماعية تبلغ من العمر 43 عاماً، وتعيش في طوكيو على بُعد 885 كم.
في أواخر شهر يونيو/حزيران، بعد وقت قصير من رفع القيود المفروضة على السفر داخل اليابان، التقيا شخصياً للمرة الأولى، وفي اليوم التالي تزوجا.
يقول ناكانيشي: "أعتقد أنه من الأسهل على الأشخاص الخجولين التحدث من داخل الحصن، دون أن تعيقك المسافة ودون أن تشعر بالتوتر من وجودك في مكان غريب".
طريقة عقلانية: يقول كوتا تاكادا، رئيس شركة LMO، وهي شركة وساطة الزواج التي جمعت بين الزوجين عن طريق تطبيق Zoom: "على التطبيق بإمكان الأشخاص إجراء محادثات مثمرة قريبة جداً من المحادثات التي تجري وجهاً لوجه، دون تبادل وسائل الاتصال الشخصية، وهذه طريقة عقلانية للغاية لزيادة فرصك وأنت تشعر بالأمن والأمان في المنزل".
قالت أياكو، المتزوجة حديثاً: "إنه من الأسهل التواصل عبر الإنترنت، إذ لا تحتاج إلى قضاء وقت طويل في الاستعداد، أو مغادرة المنزل بملابس متأنقة، كي تسافر إلى مكان لا تعرفه".
آلية اللقاء: حسبما أفاد التقرير فإن شركة LMO والشركات الأخرى غالباً ما تبدأ بلقاء جماعي عبر Zoom، حيث يبدأ منظِّم الاجتماع بالحديث؛ لتخفيف التوتر عن الآخرين ومساعدتهم في تقديم أنفسهم، ويسألهم بعض الأسئلة لفتح حوار مثل: كيف تقضي وقتك في المنزل؟ كيف تتخيل شكل الحياة الزوجية؟ ما أحلامك؟ ثم يبدأ المشاركون في التحدث بغرف جانبية ويقضون عدة دقائق في الدردشة مع شركائهم المحتملين.
التقى كازونوري وأياكو ثلاث مرات بهذه الطريقة قبل أن يقررا أخيراً البدء في "المواعدة عبر الإنترنت" في 20 مايو/أيار تقريباً، وطوال الشهر التالي، كانا يمضيان وقتاً طويلاً معاً على الإنترنت يصل في بعض الأحيان إلى ثماني ساعات وهما يباشران مهام حياتهما اليومية، اكتشفا خلاله اهتمامهما المشترك بالدراجات النارية وحلمهما بالتجول بها في أنحاء اليابان.
تراجع أعداد الزيجات: شركات وساطة الزواج استأنفت اللقاءات الشخصية المباشرة بعد رفع حالة الطوارئ باليابان في مايو/أيار، لكنها ستستمر أيضاً في تنظيم الاجتماعات عبر الإنترنت.
يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه اليابان بشكل عام، تراجعاً كبيراً في معدلات الزواج، منذ عقود.
فبحلول عام 2019، انخفضت أعداد الزيجات إلى 599 ألف حالة بعد أن تجاوزت مليون حالة في السبعينيات، إذ أظهرت بيانات التعداد الحكومي أن نسبة الرجال الذين لم يسبق لهم الزواج في سن الخمسين، ارتفعت إلى 23.4% في 2015، عن 1.7% عام 1970، بينما ارتفعت نسبة الفئة نفسها بين النساء إلى 14.1% من 3.3% فقط قبل 50 عاماً.
مفاجأة سارة: من جانبها، تعتقد يوكو أوكاموت التي تدير شركة الزواج في طوكيو، أن الجائحة من الممكن أن تخفض هذه الأرقام قليلاً، إذ تقول إنها "فوجئت برؤية كثير من الأشخاص الذين يتبادلون تفاصيل وسائل الاتصال في اجتماعات التوفيق بين الأزواج عبر الإنترنت".
قالت: "شعرت بأن الناس حريصون حقاً على الزواج، لقد تعاملوا مع طلب البقاء في المنزل بجدية وكانوا يعملون في المنزل، ثم بدأوا يشعرون بالوحدة، وهو ما أعاد أهمية البحث عن شريك إلى الواجهة".