أكدت دراسة علمية حديثة أن المكاتب وأماكن العمل المغلقة تعتبر بؤرة حقيقة أو حاضنة لتفشي فيروس كورونا المستجد، يأتي ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه منظمة الصحة العالمية عن موقف سابق بخصوص انتشار الفيروس في الهواء، مؤكدة أنه يمكن أن يبقى عالقاً مدة غير قصيرة.
تفاصيل الدراسة: هذه الدراسة التي أنجزها مركز مراقبة الأمراض ومكافحتها الأمريكي "CDC"، ونُشرت في مجلة الأمراض المعدية "EID Journal"، أثبتت أن نسبة مهمة من الأشخاص الذين كانوا يشتغلون في مكان مغلق قد أصيبوا فعلاً بالفيروس.
التجربة التي ارتكزت عليها الدراسة، كانت حادث إصابة نصف عمال مركز نداء بكوريا الشمالية، في شهر مارس/آذار الماضي، كانوا يشتغلون في مكان واحد.
فمن بين 1143 موظفاً في مركز النداء، تبين أن 94 شخصاً منهم أصيبوا بالفيروس، بعد أن خالطوا مصاباً واحداً، كان يشتغل معهم في المكتب نفسه.
خلص الباحثون بهذه الدراسة إلى أن "المكاتب يمكن أن تصبح بؤرة لنشر فيروس كورونا المستجد"، مشيرين إلى أنه يجب تصنيف المكاتب "كمصدر إضافي لانتشار الفيروس القاتل".
دراسة أخرى كانت قد نشرتها المجلة العلمية ذاتها، رصدت حالات إصابة بين 10 أشخاص في مدينة غوانزو الصينية، وكان العامل المشترك بينهم أنهم كانوا جالسين في مطعم على طاولات منفصلة، فيما يعتقد الباحثون أن وحدة تكييف الهواء نشرت الفيروس بين 3 مجموعات مختلفة.
دليل جديد: الثلاثاء 7 يوليو/تموز، اعترفت منظمة الصحة العالمية بظهور "دليل" على احتمال انتشار فيروس كورونا المستجد عبر جسيمات صغيرة للغاية في الهواء بعد أن حثت مجموعة من العلماء المنظمة على تحديث إرشاداتها حول كيفية انتشار مرض الجهاز التنفسي كوفيد-19 الناجم عنه.
وقالت الخبيرة بالمنظمة بينيديتا أليجرانتسي في مؤتمر صحفي بجنيف، إن المنظمة تعتقد أنها "كانت منفتحة على الأدلة على طرق انتقال" الفيروس المستجد.
كانت صحيفة نيويورك تايمز ذكرت يوم السبت، أن 239 عالماً في 32 دولة طرحوا الأدلة في رسالة مفتوحة إلى المنظمة، قالوا فيها إنه تبين أن الجسيمات التي تخرج مع الزفير يمكن أن تصيب الأشخاص الذين يستنشقونها.
تحذيرات متعددة: في الوقت الذي يحذر فيه علماء من انتشار فيروس كورونا المستجد عبر الهواء، أشارت نماذج محاكاة بجهاز كمبيوتر فائق القدرات في اليابان إلى أن تشغيل قطارات الضواحي بنوافذ مفتوحة وتقليص عدد الركاب قد يسهم في تقليل خطر انتشار العدوى.
في رسالة مفتوحة، حدد 239 عالماً من 32 دولة، الخطوط العريضة لأدلة يقولون إنها تُظهر أن وجود الفيروس في الجزيئات العالقة بالجو يمكن أن يصيب من يستنشقها به.
سلمت منظمة الصحة العالمية بأن أدلة بدأت تظهر على انتقال الفيروس عبر الهواء لكنها قالت إنها ليست قاطعة.
قالت يوكي فوروسي الأستاذة بجامعة كيوتو، إنه حتى لو كان الفيروس ينتقل عبر الهواء تبقى علامات الاستفهام عن كيفية إصابة أعداد كبيرة بهذه الطريقة. وأضافت أن مدى تركز الفيروس في الهواء قد يحدد أيضاً مخاطر العدوى.
في الرسالة المفتوحة طالب العلماء بتحسين التهوية وتحاشي الأماكن المزدحمة والمغلقة. وقال شين-إيشي تانابي أحد المشاركين في صياغة الرسالة، إن اليابان تبنت هذه التوصيات بصفة عامة منذ أشهر.
أجرت الدراسة الأخيرة مؤسسة ريكن اليابانية العملاقة للأبحاث باستخدام أسرع أجهزة الكمبيوتر الفائقة في العالم، والذي يطلق عليه اسم فوجاكو، وذلك لمحاكاة انتشار الفيروس في الهواء ببيئات مختلفة. وخلصت الدراسة إلى عدة نصائح من خلال طرق تقليص العدوى في الأماكن العامة.
وقال رئيس فريق البحث ماكوتو تسوبوكورا، إنَّ فتح النوافذ في قطارات الضواحي يمكن أن يزيد التهوية مرتين أو ثلاث مرات، مما يقلل من تركيز الميكروبات في محيط المكان.
لكن نماذج المحاكاة أشارت إلى أن تحقيق التهوية بدرجة كفاءة عالية يتطلب وجود مسافات بين الركاب. وتشتهر قطارات الضواحي في اليابان بازدحامها الشديد.
ومن النصائح الأخرى تركيب حواجز في المكاتب والفصول الدراسية وإحاطة الأسرة في المستشفيات بالستائر حتى السقف.