قصة الشهيد المصري “الدرقاوي” الذي قاوم المستعمر الفرنسي واستعادت الجزائر جمجمته بعد 170 عاماً

عربي بوست
تم النشر: 2020/07/03 الساعة 22:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/04 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
موسى بن الحسن المصري الدرقاوي - مواقع التواصل

كشفت تقارير إعلامية مصرية، الجمعة 3 يونيو/حزيران 2020، عن وجود مقاوم مصري إلى جانب 24 من مقاومي الاستعمار الفرنسي في الجزائر، الذين تمت استعادة جماجمهم من فرنسا، الجمعة، بعد أن كانت معروضة بمتحف الإنسان في "باريس" وحُرمت من الدفن لأزيد من 170 سنة.

وفق صحيفة "اليوم السابع" المصرية، الجمعة، فإن الأمر يتعلق بموسى بن الحسن المصري الدرقاوي، صاحب الجمجمة رقم 5942 والذي تمت استعادة جمجمته هو الآخر في طائرة عسكرية جزائرية قادمة من باريس، وهو الحدث الذي لقي متابعة إعلامية كبيرة في الجزائر وخارجها.

من هو الدرقاوي؟ وفق الصحيفة نفسها، فإن موسى بن الحسن المصري الدرقاوي، وُلد "بالقرب من مدينة دمياط بشمال مصر، توفي أبوه وهو طفل صغير، وفي سنة 1822 أصابه مرض خبيث في الرأس أجبره على الذهاب إلى سوريا للعلاج الذي استغرق سنة كاملة، توجه بعدها إلى القسطنطينية بتركيا ومنها إلى غرب الجزائر مجنداً ضمن الفرق العسكرية العثمانية، التي ما لبث أن فرّ منها نحو قسنطينة ثم إلى تونس".

تضيف الصحيفة: "انتقل ابن الحسن المصري بعد ذلك إلى طرابلس سنة 1826، حيث التقى الشيخ سيدي محمد بن حمزة ظافر المدني شيخ الطريقة الشاذلية (1780 – 1847)، وهناك تلقى العلوم الشرعية، قبل أن يستقر في مدينة الأغواط بوسط الجزائر سنة 182".

الدرقاوي استقر في الأغواط بالجزائر، بعد أن لقي ترجيباً كبيراً من سكان المدينة، إذ مُنحت له أراضٍ وبُنيت له زاوية، قبل أن ينتقل إلى مدينة مسعد، حيث أصبح لديه مريدون كثر.

اختلافه مع الأمير واستشهاده: تقول الصحيفة، وفقاً لمؤرخين، إن الدرقاوي "قد اختلف مع الأمير عبدالقادر القائد التاريخي للثورة الجزائرية، بسبب توقيع الأمير معاهدة ديمشال مع الفرنسيين، وأدى هذا الخلاف بينهما إلى معركة عسكرية في عام 1935، انتصر فيها الأمير عبدالقادر، ليلجأ الدرقاوي بعدها إلى جبل موزاية ومنه إلى مدينة مسعد حيث بدأ تنظيم صفوفه من جديد".

"طارد الجنرال الفرنسي "ماري مونج" الدرقاوي في مدينة مسعد، فلجأ إلى قبيلة بني لالة بالقبائل، حيث مكث هناك 3 سنوات، ثم توجه جنوباً نحو متليلي الشعانبة سنة 1847، حيث رحب به أهلها لما سمعوه عنه".

صحيفة "اليوم السابع"، تضيف أيضاً أنَّ "كتب التاريخ تروي أن الشيخ بوزيان، أحد كبار أعوان الأمير عبدالقادر، حاول الاتصال بشيوخ الطرق والزوايا لتحضير لـ(ثورة الزعاطشة)، فاتصل بالشيخ موسى بن الحسن المصري الدرقاوي، الذي رحب بالجهاد، وذهب إلى مدينة مسعد واصطحب معه نحو 80 مقاتلاً من أولاد نائل، وقاوموا ببسالةٍ الحصار المفروض عليهم بالواحات حتى جاء يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1849، حيث تم نسف دار الشيخ بوزيان، وأمر القائد الفرنسي هيربيون بقطع رأس زعيم الثورة الشيخ بوزيان ورأسي ابنه والشيخ الحاج موسى الدرقاوي، وتعليقهم على أحد أبواب بسكرة".

يوم تاريخي في الجزائر: كما كان متوقعاً، وصل الجمعة 3 يوليو/تموز 2020، رفات 24 من قادة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي (1830- 1962)، إلى الجزائر بعد 170 عاماً من الاحتجاز في متحف بالعاصمة باريس، وكان في استقبالها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وكبار المسؤولين والعسكريين في البلاد.

الرئيس الجزائري كان قد أعلن الخميس 2 يوليو/تموز، في خطاب متلفز، استعادة رفات القادة. وقال تبون إن "هؤلاء الشهداء مضى على حرمانهم من حقهم الطبيعي والإنساني في الدفن، أكثر من 170 سنة".

تم نقل الرفات من فرنسا على متن طائرة عسكرية مسجاة بالعلم الجزائري، وكان باستقبالها في مطار العاصمة، الرئيس عبدالمجيد تبون، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في الدولة، إلى جانب تشكيلات عسكرية.

رافق الطائرة العسكرية التي نقلت الرفات مقاتلات من القوات الجوية نفذت عرضاً عسكرياً في سماء العاصمة الجزائر، كما أطلقت سفن حربية بميناء المدينة مدافعها بالتزامن مع وصول الطائرة، وفق ما أظهره بث مباشر للتلفزيون الرسمي.

يتزامن نقل الرفات، الذي ضم جماجم 24 من قادة المقاومة، مع احتفال الجزائريين بالذكرى الـ58 لعيد الاستقلال في الخامس من يوليو/تموز 1962.

حسب بيان سابق لوزارة المجاهدين (قدماء المحاربين)، انطلقت المفاوضات لاسترجاع الرفات، في يونيو/حزيران 2016.

في بيان لها، الجمعة، دعت وزارة المجاهدين، المواطنين إلى إلقاء النظرة الأخيرة على الرفات غداً السبت، في قصر "الثقافة" بالجزائر العاصمة. وذكرت أنه سيتم دفن الجماجم، الأحد، بمربع الشهداء في مقبرة "العالية" في العاصمة، بحضور رئيس الجمهورية.

لائحة الجماجم المستعادة: شملت القائمة الاسمية رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية والتي كشف عنها التلفزيون الجزائري.

رأس محنط لعيسى الحمادي، رقيق بوبغلة، وجمجمة الشريف بوبغلة الملقب بالأعور، وجمجمة بوزيان، زعيم مقاومة الزعاطشة، وجمجمة سي موسى رفيق بوزيان، وجمجمة الشريف بوقديدة المدعو بوعمار بن قديدة، ثم جمجمة مختار، بن قويدر التيطراوي. 

إلى جانب 11 جمجمة معرَّفة من طرف اللجنة العلمية، وجمجمة سعيد مرابط، قُطع رأسه في سنة 1841 بباب اللوم، الجزائر العاصمة، وجمجمة غير محددة الهوية تم قطعها في منطقة الساحل عام 1841، وجمجمة عمار بن سليمان من مقاطعة الجزائر الوسطى.

إضافة إلى جمجمة محمد بن الحاج، السن من 17 إلى 18 سنة، من القبيلة العظيمة بني مناصر، وجمجمة بلقاسم بن محمد الجنادي، وجمجمة علي خليفة بن محمد (26 سنة)، توفي بالجزائر العاصمة في 31 ديسمبر/كانون الأول 1838، وجمجمة قدور بن يطو، وجمجمة السعيد بن دلهيس من بني سليمان، وجمجمة السعدي بن ساعد من نواحي القل.

كما ضمت اللائحة رأساً غير محدد الهوية، محفوظاً بالزئبق والتجفيف الشمسي 1865، وجمجمة الحبيب ولد (اسم غير كامل) المولود سنة 1844 بمنطقة عبراتساب، في مقاطعة وهران، فضلاً عن 9 جماجم لم تكشف عنها اللجنة العلمية.الجمجمة رقم  5942 تعود لشهيد مصري، عاد الجمعة مع 24 شهيداً جزائرياً، حرمتهم فرنسا من الأزيد من 170 عاماً.

تحميل المزيد